23 ديسمبر، 2024 5:33 م

من يرأس الحزب … يرأس الحكومة  والعكس صحيح  !

من يرأس الحزب … يرأس الحكومة  والعكس صحيح  !

أشغل شغل الشاغلين , وأشعل النيران في جوف المستضعفين , هو حديث الساعة  منذ عشرات السنين , نعم . إنه حزب الدعوة  الإسلامي ,ذلك الحزب المعروف بفكره العقائدي العريق ,وتاريخه الجهادي الطويل .حيث كانت تهز له الشوارب الصدامية  خوفا ورهبة , وتفزع قلوبهم الباطشة , لمجرد سماعهم كلمة حزب الدعوة , لأنه تيار فكري عقائدي مناقض تماما لعقليتهم العفلقية الحاكمة آنذاك . فهو على الرغم من افتقاره للجناح العسكري بخلاف التيارات الحزبية والمؤسساتية الأخرى  إلا إنهم  كانوا يعتبرونه من الأحزاب المعارضة القاتلة وبالشكل الذي يهدد أمنهم ووجودهم , حيث كانوا يقومون بإلقاء القبض على روح كل شخص , لمجرد كونه يملك  بضع كتب أسلامية أو أي شخص آخر تبدو عليه ملامح النضج والالتزام الخلقي  في سلوكه .. وعلى كل شخص قد صاحب شخصا من هذا النوع  , سواء ثبتت إدانتهم إنهم منتمين فعلا في تنظيم الدعوة أم لا  …

حتى شاء ت الأقدار للحق أن ينصر دعواهم … وتكون رئاسة الحكومة من قيادي هذا الحزب ورجالاته ,  ليكملوا مسيرتهم الفكرية الجهادية التي أرادوا منها البناء والتغيير..  حيث انتقلت الرئاسة من الجعفري إلى المالكي , حيث تسلمها مدة ثمان سنوات ظهرت قوية  ناجحة في بداياتها ثم سارت نحو التضاؤل النسبي تدريجيا .. وذلك  لعدة أسباب رئيسية  كان أبرزها:

أبعاد الكثير من رجالات الدعوة الجهاديين الأُصلاء  وإبدالهم  بآخرين لا يملكون أي حبك سياسي وإداري    ولا أي رابط  عقائدي بالحزب  , وقد أولاهم  مناصب حكومية مرموقة باسم حزب الدعوة ..حتى وإن كانوا مشتثين بعثيا , ولا يحملون شهادات تخولهم للعمل في ذلك المنصب الوظيفي .. حيث قام بفتح جامعات خاصة  تمنح  امتيازات الشهادة  لهؤلاء حصرا , وكأن رئيس الحكومة  قد وقع في أزمة الو لاءات بين من يوالي الوطن وبين من يوالي الحزب المالكي  ….

أخيرا . تمكن العبادي المعروف بحنكته السياسية وحبكته الحزبية وأنفاسه الوطنية .. من انتزاع السلطة من القبضة المالكية وتسلم الرئاسة ..في وقت قد أنهار فيه النظام العام للدولة  حيث الموازنة فيه تحت القضبان ,والجيش يذبح على الهوية  , ومؤسسات التعليم قد عطلت ..  وشرك الشباك ممدود, أي  شباك اللغط المتكاثف ( المزدوج الرئاسي )  رئاسة حزب الدعوة مع رئاسة الحكومة , في وقت يحتاج هذا الحزب إلى إعادة بناء نفسه وتغير هيكلته التنظيمية …

  هنا السؤال يبقى مطروحا  على الطاولة ..هل يتمكن حزب الدعوة من إعادة بناء تنظيماته  وأختار رئيسا جديد بدلا عن المالكي كونه قد أخفق في قيادته ..  وهل ستستفيد الدعوة من تجاربها الماضية وتأخذ على عاتقه مسؤولية  الوطن بمحمل الجد , وتفهم إن المعارض الحقيقي هو من يعارض مصلحة الوطن ويهدد أمنه وازدهاره ..

لذلك على من يريد رئاسة الحزب عليه أن يتجرد  من حكم العباءة الحزبية  ويرتدي عباءة الوطن , و يستلهم من حزبه القيم والمبادئ في قياسات حكمه  .. لا سيما ورئاسة الحكومة مسؤوليتها كبيرة وفيها من الهموم والمشاكل ما يكفي .. وهذا ما  يحتاج إلى جهود عظيمة جبارة وتفرغ تام ,كي تستطع أن تحقق النجاحات في تسيير أمور البلاد وتنظيم شؤون المواطنين  …

  كما قال حسن الترابي الزعيم السياسي السوداني المعروف  :

في الأنظمة الديمقراطية ,هناك إجماع على إن قمة عطاء رئيس السلطة التنفيذية هو في ثمانية أعوام , وإن عمر العطاء لزعيم الحزب عشر سنوات ولكنه مازال زعيما لحزبه خمسة وعشرون عاما ….