بات من الواضح جداً العمل الإجرامي الذي تمارسه مليشيا الحشد في العراق, خصوصاَ في المناطق والمحافظات ذات الغالبية السنية, حيث تقوم تلك المليشيات بعمليات تصفية واغتيالات لأهل السنة بشكل خاص, بالإضافة لعمليات التفجير لدور العبادة التي تخص هذا المكون المهم في العراق, وذلك كله من أجل تقسيم العراق على نحو ديموغرافي يتناسب مع المشروع الإيراني التوسعي في العراق, وما حدث مؤخراً في محافظة ديالى وبالتحديد في مدينة المقدادية شاهد حي على تلك الممارسات الإرهابية التي تقوم بها مليشيا الحشد.
فهذه الممارسات الإجرامية وما سبقتها من جرائم منذ لحظة تشكيل تلك المليشيا بفتوى المرجع الإيراني السيستاني, جعلت تلك المليشيا والعديد من قادتها يتصدرون قائمة المطلوبين للعدالة من الإرهابيين, فهم وأبو بكر البغدادي وأيمن الظواهري في القائمة ذاتها, لكن الأمر الغريب هو إن تلك المليشيا – الحشد الشعبي – تحظى بدعم حكومي عراقي وبدعم دولي وبدعم السيستاني, والحديث هنا عن الدعم المادي الذي جعلت من تلك المليشيا تصبح قوة إجرامية تضاهي في إجرامها تنظيم داعش الإرهابي.
فمرجعية السيستاني ما زالت تحث المواطنين العراقيين من موظفين وتجار وحتى الناس البسطاء على تقديم التبرعات المادية لتلك المليشيا, وكانت أخر فتوى لها بهذا الخصوص هي في أيام زيارة الأربعين للإمام الحسين ” عليه السلام ” حيث دعت الزائرين على التبرع بمبلغ ( 5000 ) خمسة آلاف دينار من كل زائر, بالإضافة إلى توزيع صناديق التبرع في المحال التجارية والشوارع والحسينيات والجوامع, ويسبق ذلك كله هو فتح مكاتبها في جميع المدن العراقية لإستقبال التبرعات, هذا من جهة ومن جهة أخرى توجيهات مرجعية السيستاني المستمرة الموجهة للحكومة بتخصيص مبالغ مالية كرواتب لعناصر هذه المليشيات, وهذا الأمر طبقته الحكومة بشكل واضح وعلني فقد خصصت مبلغ مقداره ( 600 ) مليار دينار من الموازنة العامة للدولة كرواتب لهذه المليشيات, وكذلك أقرت قانون ينص على استقطاع نسبة 3 % ثلاثة بالمائة من رواتب – جميع – موظفي الدولة كتبرع للحشد, ويضاف لذلك شراء الأسلحة والأعتدة بمختلف الأصناف وتزويدها به.
أما المجتمع الدولي الذي يجرم تلك المليشيات ويتهمها بالإرهاب من على وسائل الإعلام في الوقت ذاته يقدم الدعم المادي لتلك المليشيات, وذلك من خلال تقديم المساعدات المالية والعسكرية للحكومة العراقية التي تقدم جزء كبير منها للحشد والقسم المتبقي للجيش العراقي, كما إنه – المجتمع الدولي – خالف قرار منظمة الأمم المتحدة الذي ينص على تجفيف منابع دعم الإرهاب بصورة عامة والذي صوت عليه جميع الدول الأعضاء وحتى غير الأعضاء في هذه المنظمة, وعلى سبيل المثال مقررات الاتفاق النووي الذي وقع بين إيران والدول العظمى الذي أدى تطبيق فقراته إلى إطلاق أموال إيران المجمدة والتي سوف تتحول إلى مصدر تمويل مالي جديد لتلك المليشيات الطائفية الإيرانية, وهذا ما اقر به قبل أيام وزير الخارجية الأمريكي ” جون كيري ” والذي قال بان أموال إيران المحررة ستمول المنظمات الإرهابية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني, ولا اعرف كيف يقول ذلك وهو من اشد المؤيدين والداعين إلى تطبيق الإتفاق النووي ؟؟!!.
فبخلاصة بسيطة إن كل من يدعو إلى محاربة الإرهاب وتجفيف منابع الدعم له هم في حقيقة الأمر يمولون وجه آخر من وجوه الإرهاب, فهذه المليشيات – الحشد الشعبي – وكما أوضحنا في هذه السطور وفي غيرها من المقالات تقوم بأعمال إرهابية بحق المدنيين العزل, ومع ذلك تحظى بالدعم المالي والمعنوي من الحكومة العراقية التي جعلتها جزءاً من المنظومة العسكرية بل جعلتها هي الجزء الأساس والدعامة الرئيسية للمنظومة العسكرية, وهذا بتوجيه وأمر من مرجعية السيستاني الإيرانية, وكذلك بدعم دولي مباشر أو غير مباشر, كما بين ذلك المرجع العراقي الصرخي في حوار خاص لصحيفة العربي الجديد والذي فيه ” أن المجموعة المسلحة والحشد الذي ينتمي إليه المغرر بهم يُعتَبَر جزءاً من المنظومة العسكرية للدولة، وتابعاً لرئيس سلطتها المدعومة عربياً ودولياً بالمال والسلاح والإعلام، فلا يبقى لعموم الناس البسطاء خيار إلا الوقوع في التغرير فيقع القبيح والمحذور، ولكي يحصل العلاج الجذري التام لابد من التشخيص الصحيح والتعامل مع المشكلة من أصلها وأساسها وأسبابها”.