توافقت تصريحات إقليمية ودولية على نهاية تنظيم داعش الذي نعته قائد قوة القدس قاسم سليماني بالشجرة الخبيثة.والشجرة تلك ورد ذكرها في القرآن الكريم والمهم جدا إن ذلك الإعلان العالمي المتوافق جاء مباشرة بعد تحرير منطقة راوة آخر معاقل المتشددين غرب العراق وبرغم إن سليماني أشار الى دور مباشر للمرشد الخامنائي والمرجع السيستاني والحرس الثوري والحشد الشعبي وحزب الله الذي كان حضوره مباشرا في الساحة السورية لكن الترحيب الدولي إتخذ طابعا رسميا وأكثر قربا من التوصيفات السياسية حيث أشادت عواصم القرار الأوربي في باريس ولندن وبرلين وروما وفي عاصمتي القوتين العظميين موسكو وواشنطن وبقية العالم بدور الحكومة العراقية التي ربطت الأحداث ببعضها ونسقت الدور الأممي المشارك في دعم جهود الحرب على الإرهاب وإعادت هيكلة القوى الأمنية المنهارة بعد كارثة الموصل ونجحت في إستقطاب دعم دولي لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية حيث توحد الشرق والغرب خلف الرؤية التي قدمتها بغداد وإنهالت العروض لتسليح العراق وتدريب القوات التي تقاتل وبقوة وإقتدار وحققت التوازن المطلوب الذي أظهر نوع القدرات العراقية وتماهي الجيش والشرطة مع الحشد والمتطوعين والبيشمركة في مواجهة خطر التطرف وكل ذلك كان صورة معبرة عن طريقة متزنة في الإدارة إتبعها رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي إقترب كثيرا من المزاج الشعبي واقنع واشنطن وموسكو والعواصم الأوربية بحتمية الوقوف مع بغداد لتلافي مخاطر محتملة تهدد الغرب وبقية العالم وإن الدعم الذي يتم تقديمه سيكون لصالحهم في النهاية فالإنتصار قد يصنعه العراقيون ولكن المستفيدون منه كثر.
في الداخل العراقي لم تكن المشكلة أمنية وحسب بل إمتدت لتشمل قطاع الإقتصاد المنهار وشيوع الفوضى في مختلف مؤسسات الدولة وسيطرة عصابات ومافيات حزبية على المال العام وتحول الفساد الى مرض خبيث يشعر به الناس العاديون أكثر من غيرهم لأنهم أول من يدفع الثمن الباهض ويتحمل وزر السياسات الخاطئة المتبعة من قبل مسؤولين فاسدين فقدوا شرفهم وضمائرهم وأصبحوا ادوات شيطانية لتدمير الدولة وتأمين مصالحهم الخاصة.
تصريح لافت من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عبر فيه عن دعمه للعبادي في المرحلة المقبلة وترشيحه لولاية ثانية مشترطا المضي في مشروع إصلاح مؤسسات الدولة ولكن هذا الإشتراط يجيء للتعبير عن رضا الصدر بما تحقق على المستوى السياسي والأمني والإقتصادي دون إغفال الحاجة الى دعم قطاع الخدمات العامة والإقتصاد الوطني كما إن إصرار الصدر على العبادي يظهر قناعته بأدائه في السنتين الأخيرتين حيث بدا العبادي اكثر هدوءا ولم يعترض على خطوات السيد الصدر والإحتجاجات التي دعمها من أجل الإصلاح ومحاربة الفساد ففي الواقع كان العبادي مطمئنا إن الصدر يشعر بطمأنينة هو الآخر من اي تهديد لمنصب رئيس الحكومة من أي شخصية لايرغبها وخاصة من تم تجربتها قبلا.
الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان الإتحاد الأوربي ودول الخليج ومصر والأردن لايبدو أنها ستتخلى بسهولة عن العبادي الذي مثل اداؤه نوعا من الترجيح لمصالح مختلفة ولم يزعج أحدا. وعلى الجانب الإيراني فإن الغبادي أكد لطهران أن مصالح البلدين تتقابل ولايمكن التفريط بها خاصة وإن المشتركات الجغرافية والحضارية والثقافية اكبر من عوامل التأثير المرحلية التي يخشى من وقعها السلبي على نوع تلك العلاقة التاريخية.