23 ديسمبر، 2024 1:37 ص

يقول النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم : (انما اهلك الذين من قبلكم انهم كان اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد ، فوالذي نفس محمد بيده ، لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) ورغم ان الجملة الاخيرة في الحديث الشريف تبدو مدسوسة الا ان الحديث واضح ولا يحتاج الى شرح مطول فميزان العدل اذا اختل انهارت الامم ويسبق العقاب الالاهي في الاخرة والهلاك عقاب دنيوي ، واي عقاب اشد من ان تنهار المنظومة الاخلاقية في المجتمع .
ولعمري اننا نعيش بدايات ذلك الانهيار في مجتمعنا ، فالقيم والمثل اصبحت شعارات نظرية لا تطبيق لها على ارض الواقع ، ولا يحتاج الامر الى بحث وتحقيق كبيرين فالنزول الى الشارع لساعة واحدة كفيل بان يوضح هذه الحقيقة ، الصغير الذي لا يوقر كبيرا ، والكبير الذي لا يعطف ولا يرحم الصغير ، الدولة التي لا ترعى ابنائها والمواطن الذي لا يحترم القانون والنظام ، والمال الحرام الذي استساغ طعمه البعض وهو غافل لا يعلم انه سم يسري ببدنه ، الشعب المظلوم الذي يئن تحت وطأة حكومة مركزية عابثة وحكومات محلية ضائعة ، مسلسل الحصول على الكراسي النفعية لخدمة الافراد وليس المجتمع ، القانون الذي يطبق على ثلاث اشكال ، فهناك مواطنوا الدرجة الاولى التي لا تشملهم غالبية القوانين ، ومواطنوا الدرجة الثانية التي تطالهم غالبية القوانين ، ومواطنوا الدرجة الثالثة المسحوقة التي تدق فوق رؤوسهم مطارق كل القوانين .
ايها السادة المسؤولون في عراقنا نحن نحتاج الى تغيير غالبية القوانين فبعضها قد مضى عليه نصف قرن واحتفل بيوبيله الذهبي ، بعض القوانين وضعت في فترة كانت الشيوعية والاشتراكية تسود معظم ارجاء المنطقة ، وقد وضعت وهي تراعي حقوق الدولة وتهمل في جانب كبير حقوق المواطن الموظف لديها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل ، وغيره من القوانين ، قوانين تحاسب الصغير وتعفوا عن الكبير ، اهمال وتقصير من كبار المسؤولين يصل لحد الجريمة المتعمدة ، فماذا يعني ان ترسل قوة من الشرطة بسلاح خفيف وعتاد قليل وفاسد لتواجه ارهابيين يحملون تجهيزات عسكرية كاملة ومختلف الاسلحة الخفيفة وبعض الاسلحة الهجومية وفي منطقة يعرفها الارهابيون كما يعرفون امهاتهم (فمن المؤكد انهم لا يعرفون ابائهم ) ولا تعرفها القوة الامنية وليس لديها أي معلومات عنها ؟
ماذا يعني ان يستغيث الشرطة والجنود بقياداتهم فيجيبوهم بالايجاب كلاما ً ويخلفون فعلا ً ؟!
من يحاسب هؤلاء المقصرين بل المجرمين ؟ من يأخذ حق الشهداء ؟ من يمسح دمعة ايتامهم ؟
قوات أمنية تستعرض امام كاميرات الفضائيات (ما يسمى بالفرقة الذهبية) بحضور مسؤولين كبار وتقوم بتمرين على تحرير رهائن مختطفين ، منتهى السخرية والضحك على الاخرين ولعمري انهم يضحكون على انفسهم ، وزارة الدفاع بميزانيتها التي تعادل ميزانية مجموعة دول والتي وصلت الى 24 مليار دولار ، والمواطن المسكين يحترق يومياً بنار الارهاب و(ينهجم بيته) وبيوت كبار القوم و(عالين الجناب) مؤمنة في بيروت او لندن او سويسرا أو المنطقة الخضراء وهم محصنون بسياراتهم ومحميون بحماياتهم الشخصية التي لا تجلب للناس الا الاذية ، وحتى صغار الجنود والضباط تهمل حقوقهم ، بل ان منهم من ضحى من اجل وطنه بحياته ، او فقد جزءاً من جسده ، وانظروا الى عوائل الشهداء الذين تعذبهم الدولة الموقرة باجرأتها  وكانهم يعاقبون على تضحية ابنائهم ، وكذا الحال مع المعوقين والجرحى ، ورأس الحكومة لا يجيد الا الكلام  في وسائل الاعلام ، ومن اراد منهم الشكوى فهذا حقه وسيجد من يستمع لشكواه ، ولن يجد من يحل مشكلته ، فقد اصبحنا امة لا تجيد الا الكلام والوعود ، اقتداءً بقائدنا الملهم الجديد.
يامن تجلسون على الكراسي ، وتستلمون رواتبكم من خير هذا الوطن ، يامن تنعمون بخيرات الشعب الذي اشبعكم من خبزه ، نصيحة لكم من مواطن عراقي بسيط  ، ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ، حاسبوا (الروس الكبار) على اخطاهم بل على جرائمهم ، قبل ان ينتفض عليكم الشعب المظلوم ، برجاله ، ونسائه ، واطفاله ، ويسحلكم كما سحل الذين من قبلكم ..وقد أعُذر من أنَذر .