أکثر من دور و أهمية إيجابية للدين في حياة الانسان کفرد و کائن إجتماعي، ولاسيما من حيث تربيته و تهذيبه للنفس الانسانية و توجيهها بسياق يقوم من شخصية الانسان و يجعله کائنا مفيدا و مستفادا في نفس الوقت، لکن في نفس الوقت، قد يصبح الدين وسيلة و أداة بالغة الخطورة فيما لو تم إستغلاله و توجيهه وفق قراءة و تفسيرات خاصة و ضيقة کما يجري الامر مع التنظيمات و الاحزاب و الانظمة المتطرفة، خصوصا عندما يجعلون من تفسير و تأويل المسائل الدينية حکرا على أنفسهم و يعتبرون کل تفسير خارج سياق رٶيتهم و قراءاتهم، تجديفا و إنحرافا و فسقا ويواجه المخالف في مثل هذه الحالة عقوبة الموت من دون أي شك.
نظام طالبان، نظام ولاية الفقيه، تنظيم القاعدة، حزب الله اللبناني، الميليشيات الشيعية المسلحة و الحشد الشعبي و تنظيم داعش و النصرة و أحرار الشام و مختلف التنظيمات الاخرى التي على هذه الشاکلة، هي تنظيمات کما نرى ذات صفة و صبغة إحتکارية، فهي ترى أن مالديها و في جعبتها هو الحق بعينه و أما البقية ففي ضلال مبين، ومع أن الاختلاف في العرف الانساني هو أمر وارد لأسباب متباينة لامجال لحصرها ولايعتبر سببا او دافعا للقتل او الابادة او الاقصاء خصوصا إذا لم ينتهك حقا او يٶثر على حرية، غير أن الامر يختلف عند هذه التيارات و الاطراف الدينية، فهي ترى دم مخالفها مباح وهذا مانراه واضحا على ساحة الواقع سواءا في سوريا او العراق بشکل خاص.
وقد يرفع البعض من الموالين و المسايرين و المٶيدين لنظام ولاية الفقيه في إيران عقيرتهم ضدنا و يزعمون بأن هذا النظام ليس کطالبان او داعش او غيرهما، بل هو مختلف کل الاختلاف، ويلفتون الانظار للإنتخابات الجارية هناك و للعديد من المظاهر الاخرى التي تجعل من هذا النظام مرنا و سلسا و متقبلا للآخر کما يدعون، لکن المشکلة أن هٶلاء ينسون أو يتناسون أن مساحة الحريات و المسموحات محددة بسقف يرفعه او يخفضه النظام بحسب حاجته، وان إطلاق صفة(محارب ضد الله) على کل معارض سياسي او مخالف للنظام، يفضح الارضية المزيفة و المموهة التي يقوم عليها النظام برمته.
بإسم الله تعالى الذي هو مصدر الخير و الحق و الجمال و المحبة و الالفة و الخلق کله، قتلت و تقتل هذه الاطراف التي نصبت من نفسها(محتکرا للدين) الالاف من الانفس البشرية و تزرع کل أسباب الموت و الدمار هنا و هناك دونما أي رادع او وازع او ذرة من الضمير، ويجدر بأولئك الذين يرون جرائم و مجازر داعش بقتل العشرات بل وحتى جريمة سبايکر و على بشاعتها أن يعملون بأن نظام ولاية الفقيه قد قام في عام 1988 وبفتوى ذات أثر رجعي من الخميني بإعدام أکثر من
30 ألف سجين سياسي من أعضاء او أنصار منظمة مجاهدي خلق ممن کانوا يقضون فترة محکوميتهم في السجون الايرانية، ونتساءل: ماهو الفرق بين داعش و نظام ولاية الفقيه؟
مفهوم(محارب ضد الله)، الارهابي بحق و حقيقة، مفهوم يقوم نظام ولاية الفقيه في إيران بتطبيقه کقانون على أرض الواقع ضد کل مخالف ضده رجلا أو أمرأة شيخا او طفلا، فردا او جماعة، حزبا او فکرا او أي شئ آخر يجاهر برفض هذا النظام او حتى مجرد التحفظ عليه، ولذلك وقبل أن تأخذنا جرائم و إنتهاکات تنظيم داعش و النصرة و الميليشيات الشيعية التي تجري أمام الملأ، فإن علينا أن نعرف بأن الذي سبق کل هٶلاء و مهد الطريق و السبيل أمامهم هو هذا النظام الذي يتميز عن غيره من التنظيمات المتطرفة بأنه يقوم بتصفية معارضية و مخالفيه بهدوء و بعيدا عن الاضواء، واننا نعتقد بأن خطورة نظام ولاية الفقيه أکبر بکثير من خطورة داعش و غيره من التنظيمات التي تأسست على وقع طبول التطرف التي إرتفعت من طهران و إجتاحت المنطقة رويدا رويدا.
الاستماع الى ماسيقال و يعلن في التجمع السنوي الضخم للمقاومة الايرانية و الذي سيقام في باريس اليوم السبت 13، حزيران سوف يکون غيض من فيض عن جرائم و إنتهاکات و تجاوزات هذا النظام الدموي طوال أکثر من ثلاثة عقود من تأسيسه، ومخطئ و ساذج من يتصور أنه من الممکن أن تنعم المنطقة بسلام و أمن و إستقراري حقيقي مع بقاء هذا النظام، ذلك أن مفتاح إعادة السلام و الامن و الاستقرار للمنطقة مرتبط بتغيير هذا النظام و من دونه فإن هذه المشاهد الدموية في المنطقة ستستمر!
ail.commonasalm6@googlem