كثيرة هي الاصوات التي تنادي اليوم لحاربة الفساد وكثيرة هي الاقلام التي تصوب حروفها الى صدر الفساد وكثيرة هي الصور التي يشكلهالنا التشكيليون في رسم ملامح الوجوه الكالحة القبيحة للفاسدين والمفسدين وتختلط تلك الاصوات بتلك الحروف وهذه الصور لتشكل لنا جيشا جرارا من الواقفين بوجه هذه الآفة واصحابها . وهذه الجحافل من كتاب ومتحدثين ومصورين لو حطت اسلحتهم على طريق لسدته أو لو دعيت الى مكان لغص بهم وضج ولا لج وماج . ولكن الفساد ينتشر ويكبر ويتكاثروتمتد خيوطه وتطول اصابعه ويظهر للعيان جهارا نهارا ونعود نجتر السؤال المحير من المفسد اذن ومن المفسدون واين تلك الاصوات وماذا فعلت الحروف واين تختفي تلك الصور ونحن نتلفت يمنة ويسرة نبحث عن الذي لم يفسد لحد الان وعن الذي يطل علينا باحاديث الامانة وهو نظيف اليد نظيف اللسان ومن يكتب وقد نأى بنفسه عن أي شكل أو حجم من جريرة ما يدعو لمحاربته ومن يرسم ولم تكن ريشته أو كاميرته لم تخنه ولم يخنها بالفساد أو اشتغلت لمفسد أو بهدف الفساد أو روجت لفاسد .
فعندما يكون حامل سلاح القلم والمنبري دوما لرصد جحور الفساد والوقوف بوجهه قد غاص في مستنقعهحتى اذنيهيكون الامان قد دفن نفسه والصدق انزوى وهرب خجلا وضاعت الحقيقة واندرس الحق وتداخلت القيم وحل الظلام في المثل .
فالاقلام التي تكتب وتنتظر الهبة والكاميرا التي تصور وفي العمق الاكرامية والصورة ترسم بابتسامة عريضة مفتعلة مدفوعة الثمن ويطلق العنان للمرتزقة والمداحين والمرائين للمشاركة في اوبريت اسمه محاربة الفساد بجوقة متناغمة تختفي خلف اقنعة الزيف والكذب والخداع .
فمن يحارب الفساد .