لايمکن غض النظر عن الحملة المنظمة الجارية على قدم و ساق في العراق و الهادفة الى إبادة السنة، خصوصا بعد أن باتت المشاهد المأساوية الموغلة في الدموية و العنف و القسوة تتکرر بصورة ملفتة للنظر، ذلك أن في الامر أکثر من هدف و غاية تنعکس سلبا على الاوضاع ليس في العراق وانما في المنطقة بأسرها.
الهجوم الوحشي و الدموي للميليشيات التابعة لحکومة نوري المالکي المنتهية ولايتها، على مسجد لأهل السنة في محافظة ديالى و الذي أسفر عن قتل مالايقل عن 70 مصليا، والتبريرات السمجة و السخيفة التي قدمتها حکومة المالکي و الميليشيات التابعة لها بخصوصها، تثير القرف و التقزز، ذلك انه و بعد أن قامت الميليشيات نفسها قبل فترة بقتل أبناء السنة و تعليق أجسادهم على أعمدة الانارة، وبعد ذلك الاقتحام المشبوه لسجن الرصافة بمساندة حراس السجن و إقتياد 35 سجينا وإعدام أربعة منهم فيما لايزال مصير البقية مجهولا، جاءت کارثة المسجد هذه و تلك التبريرات الواهية لها، لتٶکد بأن القضية أکبر و أکثر عمقا من مجرد حوادث عادية، بل ان هناك من يقف خلفها و يوجهها.
الاعتقاد بأن هذه الحملة اللاإنسانية ذات البعد الطائفي، منحصرة في محافظتي ديالى و بغداد لوحدهما، فإنه واهم ذلك أنه و إستمرارا لمسلسل الابادة المنظمة هذه فقد قتل مالايقل عن 19 و أصيب عددا مماثلا بجروح و إصابات من جراء إستهدافهم، کما ان إلقاء البراميل المنفجرة على مناطق في محافظة الانبار من جانب المالکي و الميليشيات الارهابية التابعة له، يعطي مدلولات و مٶشرات جلية على هذه الحملة المشبوهة، ويکفي أن نشير الى انه من جراء هذه الحملة المشبوهة التي إنطلقت خلال عهد المالکي غير الميمون، فقد تراجع نسبة سکان بغداد من أهل السنة من 45% الى أقل من 20%، وهو مايمکن إعتباره تحولا بالغ الخطورة لأنه يمس الامن الاجتماعي و ديموغرافية المجتمع العراقي بصورة عامة و في العاصمة بصورة خاصة، مما قد ينجم عنه تبعات کارثية سوف يدفع ثمنها الشعب العراقي برمته.
المحاولات المفضوحة المبذولة من أجل الربط بين تنظيم داعش و بين السنة في العراق، انما هي محاولات سقيمة و بائسة لأن تنظيم داعش الارهابي في الاساس هو صناعة خاصة بالنظام الايراني دون غيره، وان بروزه في الاحداث بسوريا جاء بعد أن کادت الکفة ترجح لصالح الثورة السورية و هو ماجعل النظام الايراني يشعر بالرعب و الفزع من النتائج و التداعيات المترتبة على ذلك خصوصا فيما يتعلق بالاوضاع في إيران نفسها ولهذا فقد بادر الى التدخل من فوره بدفع تنظيمات متطرفة و إرهابية الى عمق الساحة السورية خصوصا وان لديه الخبرة و
الممارسة في صناعة و إعداد و تصدير التطرف الديني ببعده العاطفي و الارهاب، وان تأزيم الاوضاع أکثر فأکثر بعد دخول تنظيم داعش الارهابي الى العراق و سقوط الموصل، أمر يخدم النظام الايراني و مصالحه، إذ أن هذا النظام الذي توغل المئات من قواته الى داخل الاراضي العراقية و حتى يتواجد شخص قاسم سليماني قائد قوة القدس نفسها مع مجاميع مسلحة معه، لايمکن أن نستغرب أبدا عرضه لخدماته بمقاتلة داعش في العراق مقابل تسهيلات تقدمها الدول الکبرى على صعيد ملفه النووي.