18 ديسمبر، 2024 6:21 م

من وحي شهريار وشهرزاد (71)

من وحي شهريار وشهرزاد (71)

خلاصة المحبة بين الاشقاء والشقيقات
شهرزاد : وصلنا في لقائنا الماضي الى القول : إن الإهتمام بالآخرين دليل ، لا يقبل الشك ، على محبة حقيقية قوامها التكاتف والتقدير المتبادل ، ومن غيره لايمكن تحقيق النجاح الخاص أو العام ، فذلك الأهتمام أعمق رغبة في نفوسنا ونفوس الآخرين و لو سمحتَ لي وضعتُ أنا الخلاصة (للمحبة بين الاشقاء والشقيقات ) ، فقد وجَدَتْ نفسي أجوبة شافية لعشرات الأسئلة الحائرة ، وأجدها الأن قادرة على التعبير عن هذه العلاقة المقدسة بين الأشقاء والشقيقات .

شهريار : يسعدني ذلك شهرزاد .. شوقتنا لسماع الخلاصة فتفضلي .

– ليس منصفا أن نصفها بالعلاقة المفروضة ، فأن الوالد الواحد ورحم وحليب الأم الوحيدين ، والأحلام والألام والآمال الموحدة ، أسست لتاريخ وسمعة وأهداف متكاتفة حتى الرمق الأخير ، وعلاقة بهذه الأوصاف أعظم من أن تكون مفروضة بأقدار السماء فهي شراكة مقدسة ، رأس مالها دماؤنا المتشابهة ، ونظامها المحبة الدائمة ، وأسباب نجاحها التكاتف والتنافس المحمود لتحقيق الإنتصارات التي تعود على جميع أفراد الأسرة بالرفعة والكرامة ، وليس مهما من هو الأخ الأكبر أو الأخت الكبرى ، الأهم أن يكبر الجميع تحت سقف الإحترام والتقدير والإهتمام المتبادل ، وإنَ للوالدين الأثر الأكبر في تجسيد هذه الصفات الحميمة ، فان كانت القيم العليا رداءً وفيرا لهما شمل دفؤه كل أفراد الأسرة ،وتنافسَ الأشقاء والشقيقات على التواضع والمسامحة وثقافة الإعتذار ، مع رسائل محبة دائمة تؤكد أن عمق العلاقة المقدسة بين الإخوة والأخوات لا تنحصر تحت سقف العائلة الكبيرة ، وإنما تمتد الى البويتات الجديدة التي يبنيها كل فرد منهم ، فالشقيقة الودودة ، بكل تأكيد ، هي الخالة والعمة الودودة ، والخال الطيب والعمّ المحب هو ذلك الشقيق الذي ملأ قلوب أشقائه وشقيقاته بهجة قبل أن تتسع دائرة المحبة الى الجيل الجديد ، وعلينا أن لانتهاون إن أصابت أمراض الكراهية أو الضغينة قلوبنا تجاه أخواننا وأخواتنا ، فان كنّا نسامح بعض الناس لنتحرر من ألم (الأنا ) ونخرجهم من حياتنا وصدورنا الى الأبد ، فإن مسامحة الأشقاء والشقيقات هو تحرر من قيد يمنع إستمرار مصيرينا المشترك ، ولذلك فأن العفو بهذا الوصف هو أكبر دليل على قدسية تلك العلاقة التي نخالف فيها مضمون التحرر العام الى حرية في غاية الخصوصية تمنحنا مزيدا من الترابط الأسري .

والشقيق المحب والشقيقة الودودة يبحثان في خفايا نفسيهما عن مواقف وصفات قديمة تحول بينهما وبين بقية الأخوة والأخوات : فإن (كانت حتمية وراثية كحدة المزاج ، أو البخل ، وحتى الأنا المتعالية ) ، أو حتمية نفسية من أخطاء الوالدين في رسائل التربية ، كـ (الكذب والمراوغة وتقديم المصلحة الشخصية )، وربما تكون حتمية بيئية (تفرض عليهما سلوكا فظا أو تعاملا خشنا مع بقية أفراد الإسرة) ، لكن الشقيق والشقيقة الطيبَينِ ، وبطاقة المحبة المتأصلة في قلبيهما وحرصهما على دوام الترابط المقدس ، قادران على التخلص منها جميعا ،وقد يستغرق ذلك وقتا ، ولا جرم : أن تكرار المحاولة وهو أساس كل مهارة كفيل بالوصول الى النورانية والقيم العليا التي تتوج منازلنا بتاج السعادة والإستقرار ، ثم تمتد الى بيوتات مجتمعاتنا التي أمست بأمس الحاجة الى ثقافة المودة بكل عناوينها الواردة في هذا الباب .

معذرة ياشهريار .. فقد إقتبست منك بعض العبارات ، لكن لا تلمني فان حريصة على ايصال أفكارك ليس إلا .

شهريار : ليست مجرد عبارات ومصطلحات ياشهرزاد إنها رسالة محبة أرجو أن تطرق قلوب الجميع بدون إستثناء.. لقد أسعدتنا بهذه الخلاصة، أوجزتِ فأحسنتِ القول .. شكرا لكِ يامهملةَ شهريار .

مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة

للتواصل مع الكاتب : [email protected]