22 نوفمبر، 2024 1:53 م
Search
Close this search box.

من وحي شهريار وشهرزاد (51) خلاصة محبة الأولاد

من وحي شهريار وشهرزاد (51) خلاصة محبة الأولاد

شهريار : خلاصة القول إننا حينما نعجز عن مد جسور الثقة مع أبنائنا وبناتنا ،ثمرة حياتنا ، وتشح لدينا اطلاقات المحبة الكفيلة بإدامة الترابط المقدس الذي انبثق في لحظات نفخ الروح في أجسادهم الرقيقة ،فإننا سنواجه أعظم الصعوبات في كتابة سطور رسالتنا الخالدة .

وكيف لنا أن نكون محبوبين عند الله والناس إن اخفقنا بكسب قلوب أولادنا وثقتهم ؟ !، ذلك لعمري أعظم بلاء يصيب الوالدين ،وأسوا درجات نحصل عليها في اختبارات الدنيا بأسرها .

ولعل أعظم محبة تتدفق من قلوبنا نحوهم تلك التي تبدأ بإصلاح أنفسنا بتحقيق إنتصاراتنا الداخلية على مكامن الضعف في أخلاقياتنا ومبادئنا ، لتمتد ضياءً ينير لهم دروب الحياة .

علينا أن نبرهن صدق محبتنا لهم بان نكون صادقين مع أنفسنا ، كي لا نضطر الى ارتداء أقنعة تغطي عيوبنا ، لكنها سرعان ما تتهاوى لتهدم جسور الثقة مع أولادنا .

بالتواضع نكسب قلوب الناس وبه ننفذ الى سرائر أبنائنا وبناتنا المتكئة على محبتنا ، وبذلك التواضع نزرع أعظم قيم النجاح في نفوسهم ، فحين نطبع على صدورهم ثقافة الإعتراف بالخطأ والإعتذار ، فإننا نمكِّن ذواتهم من الإرتقاء فوق مهارات التعامل الزائفة مع الناس ، ونضع في أيديهم مفاتيح كنوز القيم العليا، فتكون إنتصاراتهم الذاتية على رغباتهم السطحية ،وشهواتهم الدنيوية قاعدة متينة للإنطلاق نحو عالم الإبداع والتميز .

ولا ننسى أبدا أن من أعظم صفات المحبة لأولادنا تقدير ذواتهم وطاقاتهم ، وتقمص شخصياتهم من خلال الأنصات بإهتمام كبير لطموحاتهم ، والنظر للحقيقة عبر عيونهم هم لا من نافذة تجاربنا وأحلامنا الضائعة .

علينا أن نعاهد أنفسنا على خلع قبعة الخبير، ونكتفي بوضع قواعد عامة مبنية على ( السمات الأخلاقية ) ، وأن نترك لأبنائنا وبناتنا حرية خوض تجاربهم الخاصة ، ولو أننا أمعنا النظر بعين الرقيب الرحيمة في سنواتهم الأولى لتجاوزنا الكثير من اخطائهم في سنوات المراهقة ، وقطفنا ثمرات نجاحاتهم حتى قبل ان يبلغوا الرشد .

فإن وقعنا في الخطأ الشائع ( مازال صغيرا) ،فإن علينا أن نتدارك مافاتنا قبل بلوغهم سن المراهقة ،وأن ننزع عباءة المقامات العالية ، ونسعى جاهدين الى بناء علاقات محبة صادقة ، وثقة متبادلة توصلنا الى معاني الصداقة مع أبنائنا وبناتنا ، لنكون كنفهم الدائم حين يسقطون في شِباك الأهواء ، وأفخاخ النزوات لنضع معهم أسس التكاتف في معترك الحياة ، ذلك التكاتف الذي يصنع الإنتصارات المشتركة ،فتكون الأسرة قلعة محصنة بوجه التحديات ،وتحافظ على تماسكها حين تنزل الأقدار الجسام .

والمحبة المشروطة آفة تأكل الأخضر واليابس في مزرعة التكاتف التي تعتاش الأسرة على خيراتها ،وتستلهم منها طاقات الإبداع وحسن الإختيار ، ولتحقيق ذلك علينا أن ننسى مشاريعنا القديمة وأحلامنا الوردية ، وأن نقدر ذوات أولادنا ،ونحترم الزمكانية التي يعيشونها ، لاتلك التي بُنيت فيها تصوراتنا الذهنية ومقايسنا البالية للنجاح والتفوق .

وحينما نقتنع بأن الحتميتين الوراثية والنفسية تصنعان مزيدا من التطابق الأخلاقي والخَلقي ، لكنهما في جميع الظروف لا تحققان تطابقا في النظر الى الحقيقة أو في الطموح الشخصي ، فإننا نمتلك مفاتيح المحبة الصادقة لأولادنا ،ونتخلص من شروطها المقيدة لنجاحاتهم ، ونتربع على عروش قلوبهم كمشكاة تنير لهم دروب الحياة حتى بعد رحيلنا ، لتتجسد معاني الرسالة الخالدة بأعمق صورها ونتائجها .

وختاما علينا أن نؤكد مرة أخرى : إن الأنصات بنية الفهم والتقمص الشخصي هو مفتاح المحبة في قلوب أبنائنا وبناتنا ، حينما ننصت لهم نمنحهم الثقة لندخل قلوبهم ،فان دخلناها منحناهم مفاتيح الأبواب المغلقة، فإن إمتلكوا تلك المفاتيح السحرية سلكوا الطريق الصحيح لتحقيق ذواتهم وطموحاتهم .

نحن الشجرة وهم الثمار ، وكيف للثمار أنْ تكون بطعم الشجرة ؟ ، أو أنْ تأخذ شكلها او لونها ؟ ، لكنها المحبة الصادقة .. غذاء معنوي ومادي بقيمٍ عالية يمنح الثمرة أدق تفاصيل النمو الصحيح ،وأفضل سمات التطور الطبيعي ، حتى تكون بأحلى ألوان الدنيا وأشهى أطعمة النجاح والتفوق .

مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة

للتواصل مع الكاتب : [email protected]

أحدث المقالات