23 ديسمبر، 2024 10:42 ص

من وحي القرآن في شهر رمضان

من وحي القرآن في شهر رمضان

لماذا يختلف الناس وما أثر العلم والفهم في حياة الناس ؟

” ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين – 118- ألآ من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لآملآن جهنم من الجنة والناس أجمعين ” – هود – 119-
هذه ألآية الكريمة “118” من سورة هود من أكثر ألآيات التي أختلف فيها المفسرون لآنهم لم يأخذوا عن الراسخين في العلم وهم أهل بيت النبوة ألآئمة ألآطهار “ع” الذين أصطفاهم الله تعالى الى قيادة الناس كما في ألآية “33”- وألآية “34” من سورة أل عمران والذين طهرهم كما في ألآية “33” من سورة ألآحزاب , ولقد ذكر ألآختلاف بشكل عام في كل من السورالقرأنية ألآتية ” – سورة البقرة – ألآية “213 – ” كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما أختلفوا فيه وما أختلف فيه ألآ الذين أوتوه من بعد ماجاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين ءامنوا لما أختلفوا فيه من الحق بأذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ” – البقرة – 213- وهذا هو ألآختلاف ألآول , والذي سيكون الى جانبه أختلاف ألآذواق والرغبات والمشاعر وألآحاسيس وما يرتبط بعلم وظائف الحياة ” فسلجة ” و” علم النفس ” وفيهما بحث أخر , ولكن على العموم ذكر ألآختلاف في سور قرأنية أخرى هي : النحل – 9 – الرعد -31- الشورى – 13- ألآنعام – 153- الذاريات -10- أل عمران -71- ألآعراف – 56- 43- 179-السجدة -13-
وألآمام الصادق “ع” هو الذي فسر ” ولذلك خلقهم ” قال خلقهم للرحمة , وقال ألآمام الباقر”ع” في تفسير ” ولايزالون مختلفين ألآ من رحم ربك ” قال : يعني أل محمد وأتباعهم بقوله ” ولذلك خلقهم ” يعني أهل الرحمة لايختلفون في الدين ” ولذلك تجد أن ألآئمة ألآطهار “ع” وعددهم أثنا عشر أماما لم يختلفوا في رأي وفي فتوى , بينما أختلف أصحاب المذاهب ألآخرى كلهم , قال الشاعر أبو العلاء المعري :
أجاز الشافعي فعال شيئ … وقال أبو حنيفة لايجوز
فضاع الشيب والشبان منا … وما أهتدت الفتاة ولا العجوز ؟
ورغم وضوح هذا ألآمر في حياة ألآئمة المعصومين ألآطهار “ع” ألآ أن أحدا غير أتباع مدرسة أهل البيت لم يشر الى هذه الحقيقة , ولو تمت ألآشارة اليها وتبني مصاديقها لما ظل ألآختلاف سائدا حتى ظهرت عصابات داعش التكفيرية ألآرهابية لتستغل ألآختلاف لمأرب أختلطت فيها مصالح الدول الكبرى مع الصهيونية الحاضرة للآيقاع بأبناء ألآمة المرحومة كثأر تاريخي تختزنه , وأجتمعت مع المحور التوراتي والصهيونية أهواء الجهلة والملحدين والمرتدين والمشككين والمنافقين فشكلوا طابور ألآغلبية التي تعارض الحق وأهله , ولم يتوقف ألآمر في ألآختلاف عند هذا الحد وأنما أضيف له ألآختلاف في ” الفهم ” الذي يأتي في طول مسألة ” العلم ” فعندما يحصل الناس أو بعض الناس على ” العلم ” مثل ” الفقهاء ” و ” والمفسرون ” و” الفلاسفة “و” المفكرون ” و” السياسيون ” و” ألآطباء ” و” المهندسون ” و” المحامون والقضاة ” و” علماء الفلك والفضاء ” عندها يحصل ألآختلاف بين هؤلاء نتيجة ألآختلاف في الفهم , بل أن كل الناس تختلف فيما بينها نتيجة ألآختلاف في فهم مايواجهون من قضايا سياسية , أو دينية , أو ثقافية عامة , وهذا ألآختلاف نجده حتى بين أفراد ألآسرة الواحدة , مما يجعل هذا ألآختلاف يرجع الى ألآختلاف ألآول ” ولايزالون مختلفين ” من حيث تكوين طباعهم وأذواقهم وذواتهم , فنحن أمام أختلافين : أختلاف في النفس ” ونفس وما سواها ” ولا دخل للفهم فيه , وأختلاف في الدين وهو مايدخل الفهم فيه , حيث يشمل فهم : ألآشخاص , و الرواية , والتفسير , والفقه , والتاريخ , وألآخلاق , والعادات والتقاليد , وألآختلاف الذي يقع بين أتباع مدرسة أهل البيت “ع” هو نتيجة ألآختلاف في الفهم , بينما لم يقع ألآختلاف في الفهم ولا في العلم بين ألآنبياء وألآئمة ألآطهار صلوات الله وسلامه عليهم لآنهم حتى لو أجتمعوا في مكان واحد وزمان واحد لن يختلفوا كما حدث لموسى “ع” مع العبد الصالح ” الخضر ” لآن ألآنبياء وألآئمة ألآطعار أزالوا الحسد وألآنانية من نفوسهم , أن ألآختلافات التي تعصف بالمجتمعات والدول وألآحزاب والمرجعيات من حولنا سببها ألآختلاف في الفهم , وعلاج هذا ألآختلاف لايتم ألآ من خلال الدخول في رحمة الله , والدخول في رحمة الله لايتحقق ألآ بالتمسك ببوصلة السماء المتمثلة بألآيمان برسل الله وخاتمهم النبي محمد “ص” وألآيمان بملائكة الله وفي مقدمتهم جبرائيل وأسرافيل وعزرائيل وميكائيل , وألآيمان بكتب الله وخاتمهم المنزل بالحق القرأن الكريم , فالذين يؤمنون بما أنزل للنبي محمد وما أنزل من قبله وبألآخرة هم يوقنون , هؤلاء مشمولون برحمة الله , والله تعالى خلق الناس والخلائق لرحمته ” وهذا معنى ” ولذلك خلقهم ” أي خلقهم للرحمة لا للآختلاف , والحمد لله رب العالمين

* مفكر أسلامي وباحث أستراتيجي