21 مايو، 2024 5:52 م
Search
Close this search box.

من وحي احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا

Facebook
Twitter
LinkedIn

التظاهرات التي اندلعت في فرنسا منذ السابع عشر من تشرين الاول (نوفمبر) احتجاجا على الضرائب وارتفاع أسعار الوقود تعطينا دروسا:
1- في دولة مثل الجمهورية الفرنسية التي انطلقت منها شعارات الحرية والقيم الإنسانية في أوروبا الحديثة لم تجد الحكومة غضاضة في استعمال كل الوسائل لردع هذه التظاهرات باستخدام القنابل المسيلة للدموع وقطع الطرق ونصب الحواجز ودخول آلاف من شرطة مكافحة الشغب. كل هذه الإجراءات لم تستفز احدا في الدول الديمقراطية في أوربا الغربية واعتبر ما يحصل جزءا من النظام الديمقراطي رغم كل ما يحصل من احتكاك جسدي مؤذي بين المتظاهرين والحكومة. لذلك على بعض الناشطين المدنيين ان لا يصوروا الحكومة انها قمعية ووحشية لنزول قوات مكافحة الشغب وإطلاق مسيل الدموع والماء الحار عليهم. وإذا كانت فرنسا بعد أكثر من قرنين من الزمان من اندلاع الثورة الفرنسية 1789 لم تتخلص حكومتها بعد من الأساليب القمعية كما تنعت، لا هي ولا حتى أوربا الغربية بكل ديمقراطيتها فهل تتوقعون من دولة مثل العراق لا تزال معبأة بكل أمراض الدكتاتورية ان تتجاوز ديمقراطية أوروبا؟

2- ما يفعله المتظاهرون من أصحاب السترات الصفراء من اعمال تخريبية من حرق وقطع شوارع وتخريب محلات رغم كل الأحاديث التي لها بداية وليست لها نهاية عن تقدم الإنسان الغربي وتمدنه ورقته وانسانيته واحترام حقوق الحيوان وليس حقوق الإنسان فقط أليس في هذا عذر ان خرج بعض المتظاهرين في العراق وفعل افعالا مثلهم ونحن شعب نسبة الامية فيه اكثر من ان يتحدث بها المرء واننا نعيش تخلفا حضاريا وبعيدون كل البعد عن المدنية وعشنا ولا نزال حروبا كارثية وثقافتنا تخرج من بيئة الفوضى والحروب أليس من العادي جدا أن تكون أفعال المتظاهرين تتناسب مع ثقافتهم فإذا كانت ثقافة الفرنسيين المتمدنة والرقيقة أنتجت كل هذا فلماذا تستغربون ان يقوم متظاهر في العراق مثل فعلهم هل تريدون منه أن يكون أكثر تمدنا وهو يعيش في نظام اشد تخلفا حتى من نظام لويس السادس عشر.

3- خروج الشعب الفرنسي الى الشوارع مطالبا بحقوقه رغم كل ما عنده من حياة التي هي بلا شك ليست في موضع مقارنة مع حياة العراقيين واندفاعه في هذه الأعمال هلا اسكتت بعض من يطالب الناس بالسكوت عندما يحتج محتج ويدعوه للمحافظة على إنجازات النظام الحالي والتي لم نراها بالطبع لكن ما ان يخرج محتج حتى قالوا له انت بعثي عميلا وانت مغفل تريد ان ترجع الدكتاتورية وتطيح بنعمة الديمقراطية. اذا كان الفرنسي مع كل رخاءه وتنعمه لا يجد حرجا في الخروج فلماذا تطلبون من محتج لم ير أي خير ونعمة في هذا البلد سوى الموت والقتل والحروب والدمار والجهل والتخلف ان يسكت عندما يطالب بحقوقه وهي بالطبع أقل بقليل من رفع أسعار البنزين واحيانا فقط يريد ماء ليشربه بل ليستحم به لا غير .

4- امنية ارجو ان لا تكون مستحيلة.يا ليتنا تعلمنا من هذه الشعوب كيف نخرج وندافع عن حقوقنا بدلا من كيل السباب واللعن والشتم والتأفف والتململ والضجر الفارغ. يا ليتنا نتعلم نخرج ونتحدى ونشعر ظالمينا أننا موجودون أحرار لا نرضى أن نساق كالعبيد ويردع احتجاجنا الفاسدين والظلمة عن ظلمهم وفسادهم. ونختار حياتنا بأيدينا لا بمكرمة القائد والمسؤول الفاسد الظالم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب