قد يختلف العديد من القراء في تناول هذا المقال لما له حساسية ثقافية وفكرية واجتماعية ودينية ، فكل فرد يعطي رأيه في تحديد من هو العدو الاول ؟ تبعاً لموروثه السالف الذكر وبالتالي سيكون المجتمع منقسماً فبدلا من معرفة العدو الاول ، و سيبرز اكثر من عدو وهنا تكمن الصعوبة في تحديد اولويات العدو الاول . كان العامل الديني هو من اكثر العوامل تحديداً للعدو الاول جراء الهجمة التي تعرض لها الاسلام بعد ظهور الاستعمار واحتلال الشعوب بالقوة وطمس هويتها الدينية والثقافية ، ومن ابرز الامثلة انحياز المراجع الدينية في العراق الى الحكم العثماني ومحاربة الغزاة الانكليز ومن معهم من هنود واسيويين بالرغم مما سببه العثمانيون طيلة خمسة قرون من ويلات وسياسة ( فرق تسد ) فضلاً عن فرض المذهب الحنفي في العراق دون المذاهب الاخرى . وبعد الحرب العالمية الاولى و انتشار الفكر القومي بات الاستعمار الغربي هو العدو الاول ، الا ان التحول الذي طرأ على الفكرالديني والثقافي في العراق هو بعد انشاء الدولة العبرية في فلسطين عام 1948م واتجهت الانظار الى العدو الاول ( اسرائيل ) وظل هذا العدو قائماً جراء اشاعة ثقافة العدو الاول فضلاً عن العقيدة التعبوية التي عززها النظام السابق في نفوس وضمائر المجتمع . فيما بدأ التراجع واضحاً بعد عام 2003م في السلوك والممارسات واضحى المواطن اكثر جرأة في نقد من يعتبر ان ( اسرائيل ) العدو الاول ، واصبح المعيار الذي يُحدد العدو الاول ملزما بامور عديدة جراء المعطيات التي افرزتها المرحلة وما رافقها من تاثيرات نفسية وحسية جعلت المواطن يعزف عن الخوض في تعريف من هو العدو الاول . نعتقد ان الواقع الحالي قد فرض على المواطن ان ينظر اليه بزوايا مختلفة وبالتالي سيكون عدوه الاول تبعاً لاراءه ومعتقداته وثقافته . اما اليوم نرى ان المواطن قد حسم تحديد عدوه الاول من خلال نظرته الى واقعه وليس الى موروثه وثقافته لا سيما وان حاجته باتت ملحة هي التي تحدد ذلك . أليس العدو الاول هو من يسرق قوت الشعب في وضح النهار وتحميه عصابات الجريمة والقتل ويتعاون في ذبح ابناءه مع سبق الاصرار والترصد ، لذا فمن حق المواطن ان تكون اولوياته ان يعرف عدوه الاول وليس تنظيرات عاطفية تجعله اسير الفاسدين والمفسدين .