22 ديسمبر، 2024 10:11 م

من هو رئيس الحكومة القادم الذي يريده العراقيين؟

من هو رئيس الحكومة القادم الذي يريده العراقيين؟

منذ أن تم حسم نتائج الأنتخابات وأقرارها بعد الأنتهاء من عملية العد والفرز المثيرة للجدل!، بدأ صراع تشكيل الحكومة برئاساتها الثلاث بين الأحزاب والكتل السياسية الفائزة ودخلنا في معمعة الكتلة الأكبر وتفسيراتها وتعقيداتها وأجتهاد هذا الطرف وذاك!،ولأن رئاسة الحكومة المقبلة ومن سيكون رئيسها تعتبر قمة الصراع السياسي بين الأحزاب والكتل السياسية المتقاتلة والمتهالكة على المناصب دون التفكير ولو للحظة بمصلحة الوطن والشعب!، وخاصة بعد دخول المرجعية في النجف على خط الأحداث السياسية الساخنة بالعراق ورفضها أسماء عدد من المرشحين لرئاسة الحكومة وهم كل من( العبادي، المالكي، هادي العامري، طارق نجم، فالح الفياض)،فمن الطبيعي أن منصب رئيس الحكومة سيبقى مجهول بالنسبة للعراقيين، ولكن الحقيقة المرة التي يعرفها غالبية العراقيين هو أن المرشح لمنصب رئيس الحكومة يجب أن يحضى برضا وقبول كل من أمريكا وأيران أولا وأخيرا كما في الرؤوساء السابقين!!. العراقيين من جانبهم وبعد تجاربهم المريرة مع رؤوساء الحكومات من بعد 2003 وحتى قبل هذا التاريخ، أصيبوا (بفوبيا)!! رئيس الحكومة، وذلك لأن كل الرؤوساء الذين تولوا هذا المنصب لم يكونوا على قدر المسؤولية ولم يكونوا على قدر ومستوى حجم العراق وتاريخه وحضارته وأساءوا كثيرا للعراق ولأنفسهم لا سيما وأن قسما منهم صاروا رؤوساء للحكومة كونهم مرشحوا تسوية لحل الخلافات بين الأحزاب السياسية!!، وهنا يكمن الخطر الذي دمر العراق وأوصله الى هذا الحال المزري!. وفي حقيقة الأمر أن العراقيين، كرهوا صراع الأحزاب السياسية وتكالبهم على الرئاسات والمناصب، ولم يعد يهمهم من هو رئيس الحكومة القادم كأسم وشخص، ومن أي مذهب ومن أية قومية!؟،المهم يريدونه أن يكون عراقي الأصل والأنتماء، شرب من ماء دجلة الخير ومن ماء فراتها العذب، شجاعا مهابا قويا لا يخاف ألا الله ،أكتوى بنار الألم والظلم الذي أصابنا نحن العراقيين ليحس بنا ونحس به، يعرف كل آلامنا وأوجاعنا ويعرف كيف يداويها ويشفيها، يكون بيننا صباحا ومساء في نفسه وروحه (لا على شاشات التلفزيون ومن خلال الفضائيات فقط). وأول ما يقدم عليه هو أن يبدأ بخطوة القضاء على الفساد وبضرب الفاسدين بيد من حديد لا يخاف حيتانهم الكبيرة أو الصغيرة، فتلك خطوته الأولى أن نجح فيها فهو سوف لن يدخل عقول وقلوب العراقيين فحسب بل سيخلد نفسه بالتاريخ كرئيس شجاع قوي نزيه لا يقبل بالفساد ويكره الفاسدين. يعطف علينا ويحبنا ويحن علينا بكل صدق فأننا أكثر الشعوب في العالم التي تحتاج الى الحب والحنان والرعاية بسبب ما عانيناه من ضيم وقهر وألم. لا يضطهدنا ولا يظلمنا بدون سبب حتى وأن تجرأنا وتكلمنا عنه بشيء لا يحبه، وعليه أن يتحمل أنتقادنا له . يميت الباطل ويحي الحق الذي صار وهما وخيالا لا وجود له في حياة العراقيين!، يقيم العدل بيننا بالحق ولا تأخذه بالله لومة لائم، يساوي بيننا جميعا كل حسب أستحقاقه، ينظر الى جميع العراقيين كأنهم أهله وعائلته الكبيرة، لا يجعل من أبنائه وأخوانه وأقربائه وأنسابه وأصهاره وحوشا كاسرة علينا. يبعد العراق ويصد عنه كل مشاكل دول الجوار والدول الأقليمية والدول العربية بالحكمة والعقل والدبلوماسية الذكية، يلتفت الى العمران ويبني المساكن والمجمعات السكنية ويقضي على أزمة السكن المستفحلة منذ قرابة 40 عاما!، يوفر لنا رغيف الخبز والضمان الصحي والأجتماعي والتربوي اللائق الذي نستحقه بعد كل الغبن الذي أصابنا منذ اكثر من 3 عقود. يعرف كيف يحمينا ويحمي العراق بعقله قبل أن يحمينا بالطائرة والدبابة والبندقية وبقية الأسلحة فكفانا لغة الحروب والدمار والهلاك. يوفر لنا الحياة الحرة الكريمة ويبعدنا عن لغة السياسة وثرثرتها الفارغة التي باتت لغة الجميع، يقتص من الظالم وينصر المظلوم وبالتالي هو أنتصار للحق. يرفع ويزيل عنا كل تراب وضيم وألم وقهر السنوات التي مرت علينا. وعليه وهذه مسألة مهمة أن يبعد المنافقين والمداحين ووعاظ السلاطين فأنهم خراب ودمار كل والي أو خليفة أو أمير أو رئيس على مر التاريخ، لا يبني القصور الباذخة والجوامع والحسينيات الكبيرة على حساب جوع الشعب وفقره، وعليه أن يعرف ويعلمنا بنفس الوقت أن عبادة الله مستجابة حتى وأن كانت في صحراء قاحلة أن صدقت النية وصفت النفس من كل شائبة، يبني المدارس لأنها أساس العلم والمعرفة، ويوسع الجامعات والكليات، ولا يساوي بين الجاهل والعالم. وعليه أن يجعلنا نشعر ونحس ونلمس بأن خير العراق صار لأهله لا لجيرانه’ وأن يوفر العمل لكل الطاقات الشابة العاطلة، ويعيد للعراق بهجته ورونقه وأسمه ورمزه وهيبته بين كل دول العالم بالسياسة الحكيمة وبلغة من التحضر والدبلوماسية ويحافظ على هويتنا وتاريخنا الوطني ويجعلنا نشعر ان المواطن العراقي هو في الدرجة الأولى في الأول والآخر، ولا شيء يعلى عليه الا الله والقانون. ولا نريده أن يكون علمانيا يركن الدين على الرف لا سامح الله، وبنفس الوقت لا نريده ان يكون رجل دين يلقي علينا المواعظ صباحا ومساء. عليه أن يعلمنا كيف نتعامل مع الحرية والديمقراطية بروح التحضر والرقي لأنها هي طوق نجاتنا وأنسانيتنا وهي خير لنا وأن لا نسيء فهمها. عليه أن يبدأ معنا من الصفر ويعيد بناء شخصيتنا العراقية، ويعرف كيف يعيد لنا أنتمائنا وحبنا للوطن، بعد أن صرنا نشعر بالغربة ونحن داخل وطننا!. أن يكون عمله أكثر من كلامه وأن يعمل بصمت، وأن لا يتمسك بحلاوة الكرسي ويشعر وكأنه أخذ العراق مساطحة له ولأهله وأبنائه وعشيرته! لأن العراق هو لكل العراقيين. أن يعيد للقانون هيبته بعد أن صارت لغة العشيرة هي القانون السائد. وعليه أن يعرف ويؤمن بأن الدنيا لو دامت لغيره لما وصلت أليه، لذا عليه أن يفكر عندما يترك مكانه ومنصبه أن يترك فيه وردة! كما يقول المثل الفرنسي( أذا تركت مكانك فاترك فيه وردة) حتى يتذكره الشعب بكل خير وأحترام لا بالسب والشتم واللعنة. كما نريد ونأمل أن يكون رئيسنا القادم بن خير ودلال وعرف النعمة منذ نعومة اظافره ومن بطون ملئى بالخير، يتكلم بلا تكلف ولا تصنع ولا تمثيل. يعرف الله ودينه حق المعرفة سرا وعلانية، لا يقول شيئا ويعمل نقيضه، يكون صادقا مع الله ومع نفسه ومع الشعب ولا تحجبه عن الشعب أسوار وقلاع محصنة. بعد هذا، قد يرى الكثيرين أن مثل هذا الرئيس الذي يريده العراقيين وفي خضم اليأس الذي يعانون منه وعدم ثقتهم بغالبية السياسيين هو ضرب من الخيال!، فمن أين تأتينا مثل هذه الشخصية ومن يأتي مثل هذا الرئيس؟ وسط هذا الكم من الركام السياسي العفن الذي خلفته الأحزاب والكتل السياسية والتدخلات الدولية والأقليمية في الشأن العراقي منذ 2003 ولحد الان. قبل الأجابة على مثل هكذا تساؤل هناك مثل لدينا يقول(لو خليت قلبت)، لذا فهو ليس ضرب من الخيال والمثالية، ألم يكن (عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ونوري السعيد) على سبيل المثال لا الحصر، وهم تزعموا وقادوا العراق خلال فترة الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي، يحملون الكثير من هذه الصفات بحبهم ووطنيتهم وزهدهم وعفتهم وحرصهم على العراق رغم اختلاف السياسات والمواقف الدولية والأقليمية آنذاك، ورغم أختلاف سياسة كل واحد منهم!. ثم أليس غالبية رؤوساء العالم هم بهذا المستوى من التواضع والزهد والشرف والنزاهة والوطنية، فلماذا عندنا يكون الأمر غريبا ومستحيلا؟. أخيرا نقول للرئيس القادم نحن نعرف أن أرضاء الناس غاية لا تدرك، ومهمتك ستكون صعبة لأنك ستحارب الفساد بيد وتبني باليد الأخرى، ولكن أن أستطعت أن تقوم بنصف هذه الأشياء والمطالب والأماني فانك ستحوذ على رضا الله أولا وعلى رضا وحب الشعب ثانيا. لقد صبر العراقيين كثيرا وضامهم الكثير من الظلم والتعسف منذ أكثر من ثلاثة عقود وتحديدا السنوات الأخيرة من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق. ورغم كل المعاناة واليأس والأحباط الذي يعاني منه العراقيين، ألا أننا نأمل أن يكون لصبرنا وأملنا خيرا بالرئيس القادم ، وكما قال شاعر العرب الأكبر الجواهري ( صبرا فأم الخير في بطنها توأم / وأم الشر في بطنها حيض). أخيرا نقول، أن أرض العراق أرض ولادة فهي أرض الأنبياء والأئمة الأطهار والرجال الصالحين عليهم جميعا أفضل السلام،وهي أرض التاريخ والحضارة أرض الخير والبركة والنماء التي لا شك بأنها ستأتي لنا بكل الخير أن شاء الله وأن طال الزمن.