27 ديسمبر، 2024 6:26 م

من هو امير المؤمنين اليوم؟

من هو امير المؤمنين اليوم؟

من العبارات التي عدت في مقام الطلاسم عبارة (أمير المؤمنين)، فالجميع على علم ان أول من نالها هو عمر بن الخطاب، وتبعه الخلفاء الراشدون الثلاثة وخلفاء بني أمية والعباس وهلم جرا، المشكلة ليست فيمن إكتسبها اولا، ولكن من إنتهت اليه الإمارة، فشيعة العراق خصصوها مخالفة لمنطق التأريخ لعلي بن أبي طالب حصريا، وذلك ناجم عن جهل وطائفية بإمتياز، فليس علي أول من أكتسبها ولا آخر من أكتسبها.
قال ابن خلدون” توارث الخلفاء هذا اللقب بأمير المؤمنين، وجعلوه سمة لمن يملك الحجاز والشام والعراق.. ثم نزع المتأخرون منهم الى اللقب أمير المؤمنين وانتحلوه الى هذا العهد إستبلاغا في منافع الملك، وتتميما لمذاهبه وسماته”. (تأريخ ابن خلدون1/179). مع ان ابن الجوزي أوضح أمرا آخرا بقوله ” أول راية عقدت فِي الْإِسْلَام راية عبد الله بن جحش، أول أَمِير فِي الْإِسْلَام عبد الله بن جحش وَهُوَ أول من سمى بأمير الْمُؤمنِينَ ثمَّ بعده عمر”. (تلقيح فهوم أهل الأثر1/339).
وتفرع المفهوم عن إشتقاقات متعددة منها أمير المؤمنين في الحديث، والفقه والتفسير وغيرها، على هذا يكون الأمير الصنعاني هو آخر من أطلق عليه لقب (أمير المؤمنين في الحديث). وذكر الشيخ المحدث أحمد شاكر ان الإمام أحمد، ممن لقبوا بهذا اللقب، حيث قال معلقا على كلام السيوطي في ألفيته في الحديث:
وبأمير المؤمنين لقبوا أئمة الحديث قدماً نسبوا
كما أطلق المحدثون ألقاباً على العلماء بالحديث: فأعلاها: أمير المؤمنين في الحديث، وهذا لقب لم يظفر به إلا الأفذاذ النوادر، الذي هم أئمة هذا الشأن، والمرجع إليهم فيه، كشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل والبخاري والدارقطني، وفي المتأخرين ابن حجر العسقلاني”. وكان سليم الأول بن بايزيد خان أول سلطان عثماني، في التاريخ، بل وأول حاكم غير عربي ينتحل لقب أمير المؤمنين ويخطب له على منابر الحرمين الشريفين بوصفه خليفة للمسلمين. وهذا ما إعترف به أحد كبار مراجع الشيعة، قال بهاء الدين العاملي” أول من دعي بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، لأن أبا بكر (رض) دعوه بخليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما وصل الأمر الى عمر، كانوا يدعونه بخليفة خليفة رسول الله، فكان يطول ذلك، فقال: أيها المؤمنون سموني أميركم، وان دعوتموني أمير المؤمنين، فإني ذلك ابن الخطاب”. (المخلاة/11).
ورغم ان الشيعة أخصوا اللقب في علي بن أبي طالب لكن أئمتهم أطلقوا على خلفاء بني وأمية هذا اللقب ومنهم علي بن أبي طالب والكاظم والرضا والجواد، قال العلامة الأميني” عن ابن عباس قال: أتي عمر بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناسا فأمر بها أن ترجم فمر بها علي رضي الله عنه فقال: ما شأن هذه؟ فقالوا: مجنونة بني فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم. فقال: ارجعوا بها، ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين أما علمت؟ ” أما تذكر” ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث
: عن الصبي حتى يبلغ. وعن النائم حتى يستيقظ. وعن المعتوه حتى يبرأ. وأن هذه معتوهة بني فلان لعل الذي أتاها أتاها وهي في بلائها فخلى سبيلها، وجعل عمر يكبر”. (نوادر الأثر/19).
وحاول مراجع الشيعة أن يبرروا الأمر بالتقية، لكن جميع تلك المناسبات لم تكن تستدعي التقية، ومنها على سبيل المثال عرض الخليفة الأمين الإمام الشيعي لخطبة إبنته أم الفضل، فأي أمر يستدعي ويستحق التقية؟ وهناك العشرات من الأمثلة التي يمكن الإستشهاد بها، ولو سألت المرجع الشيعي بأي لقب كان علي بن أبي طالب يخاطب عمر بن الخطاب. سيتهرب من الجواب، او يقول بالتقية، والتقية سببها الخوف، والقول بالتقية فيها إهانة لعلي بن أبي طالب، وهو من عرف بالشجاعة.
ولكن كيف يبرروا كلام صاحب نهج البلاغة وهو سليل إمامهم الحسين وصاحب أهم كتاب عندهم وهو نهج البلاغة؟ لنقرأ الوصف الذي أطلقه الرضي على خلفاء عصره ممن كان يرتزق منهم.
قال ابن ابن درهم” ومن غرر شعره ما كتبه إلى الخليفة القادر بالله العباس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة:
عطفاً أمير المؤمنين فإننا في دوحة اعلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت أبداً كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني أنا عاطل منها وأنت مطوق ( نزهة الأبصار/135)
وإمتد هذيان مراجع الشيعة على إعتبار ان الملكة اليزابيث من أهل البيت، وقد تناول تقرير أعدته مجلة ايكونومست هذا الموضوع، وإعتمد التقرير على صحيفة مغربية (الإسبوع) وهي أول من تناول هذا الموضوع، و(مؤسسة بيركس بيريج)، وهي المؤسسة المهمة في تحديد أنساب العائلات المالكة والأرستقراطية، وأنشئت منذ القرن التاسع عشر، وقد ارجعت الملكة اليزابيث الى (43) جيلا، وذكرت ” إن الدم النبوي يجري لها من خلال إريل أوف كامبريدج في القرن الرابع عشر، وعبر إسبانيا المسلمة إلى السيدة فاطمة كريمة النبي صلى الله عليه وسلم”. وأشارت الصحيفة ان هذا الزعم يعتمد على أميرة مسلمة اسمها زائدة هربت من هجوم المرابطين من مدينتها إشبيلية في القرن الحادي عشر، وانتهت في بلاط ألفونسو السادس ملك قشتالة، وغيرت اسمها إلى إيزابيلا، واعتنقت الديانة المسيحية، وأنجبت لألفونسو ولدا أسماه سانشو، حيث تزوجت واحدة من حفيداته إريل أوف كامبريدج، مستدركا بأن أصول زائدة هي محل جدل، فبعضهم يتحدث بأنها كانت ابنة الملك المعتمد بن عباد، فيما قال آخرون إنها تزوجت في عائلته”.
وختمت الصحيفة التقرير” أن الأمير تشارلز يعد من رعاة مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية، حيث يحيي الحضور المسلمين بتحية الإسلام (السلام عليكم)، وقيل إنه يريد أن يحصل على تتويج متعدد الأديان، وأن يكون أمير المؤمنين، اللقب الذي فضله الحكام المسلمون”.
علما ان سليلة فاطمة بنت النبي محمد (ص) الملكة الراحلة إليزابيث الثانية زارت إيران عام 1961 ورافقتها زوجة الشاه فرح ديبا في جولة في أصفهان وشيراز وبرسبوليس. وزار أمير المؤمنين الملك تشارلز إيران عام 2004 في مهمة إنسانية بعد زلزال عنيف ذهب ضحيته عشرات آلاف الأشخاص في جنوب شرق البلاد.
من الغرائب ان رجل دين من مخرفي أهل السنة هو (علي جمعة) ودجال شيعي (علي الكوراني) أيدا هذه الزعم، قال المخرف السني ” أن أحد أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم هو جد الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا الحالية، ولكنه تم إجباره على أخفاء إسلامه وتم كتابة مؤلفات وكتب تؤكد ذلك، وأضاف علي جمعة بأن ملكة بريطانيا غير مسلمة لان جدها أعلن أنه نصراني، وأن إنجلترا قديمًا كانت لا توافق على وجود المسلمين، وأنه تم أسره وهو يدعى الهاشمي من أهل النبي صلى الله عليه وسلم، وأرغموه على أن يترك الإسلام”. وحصر الدجال الشيعي الكوراني تفسير الشيعة لمفهوم آل البيت في الاثني عشر فقط ” تشمل صلاتك الملكة اليزابيث ايضا، لأنها من ذرية النبي، امها زوجة الدكتور الثامن من الادارسة، لذا فهي تننمي لبني هاشم ايضا، لذا كل ذرية بني هاشم أنا أصلي عليهم في صلاتي، معناه اني أقرن برسول الله أنواع الناس”.
من جهة أخرى نجد اليوم عندنا عدة أمراء للمسلمين، اولهم الملك تشارلز الثالث، بإعتباره نجل سيدة نساء الأرض الملكة اليزابيث، والثاني علي الخامنئي. في عام 2007 وصف‎ ولي أمر المسلمين سماحه آية‎‎ الله العظمى‎‎‎ السيد على الخامنئي أمير المؤمنين‎ علي ‎‎(ع) بأنه‎‎ شمس‎ البشرية التي لا تأفل‎ وبحر عظيم‎ للعجائب‎ والحسن‎ مؤكدا أن‎‎ الدعوة‎‎ إلى‎ العدالة والتدين والصمود أمام‎ الجائرين‎‎‎ والظالمين هي‎ من جملة‎ خصائص‎ وسمات‎ نهج‎ أمير المؤمنين‎، وصمود واستقامة‎ الشعب‎ والمسؤولين‎ على‎ هذا النهج‎ هو السبيل‎ الوحيد لتحقيق‎ التطلعات‎ والطموحات‎ السامية‎ للشعب‎ الإيراني‎.وهنأ سماحته لدى‎ استقباله‎ يوم‎ السبت‎ (13 رجب) حشداً غفيراً من‎ كافة‎ شرائح‎ الشعب‎، الأمة‎‎ الإسلامية جمعاء لاسيما الشعب‎ الإيراني‎ الكريم‎ بمناسبة‎ الذكرى‎ العطرة‎ لميلاد مولى‎ الموحدين‎. وأكد ولي أمر المسلمين أن‎ صمود الجمهورية الإسلامية‎‎‎ أمام‎‎ ظلم الصهيونية العالمية هو ترجمان‎‎ لنهج‎ أمير”. (موقع مكتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي)
وفي عام 2016 قال إمام وخطيب الجمعة في مدينة قم وختم كلامه ” اللهم بحق محمد وآل محمدى وفقنا لأن نكون شاكرين لنعمة ولاية الفقيه ونكون دائما في جبهة الدفاع عن أمير المؤمنين وعلي قائدنا المعظم ومن معه”.
لنتحدث عن أبرز من لُقب بأمير المؤمنين، وهذا أمر لابد من مناقشته على ضوء التشريع الاسلامي، لأنه لا يجوز في الإسلام تعدد أمراء المسلمين، عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إذا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فاقْتُلُوا الآخِرَ منهما”. (صحيح مسلم/1853). (شرح أصول الكافي للمازندراني5/122). (ولاية الفقيه لحسيني طهراني3/100). (دراسات في ولاية الفقيه لمنتظري1/412). ولكن لدينا اليوم إثنين ناهيك عن البقية، فما العمل يا معشر المسلمين؟ كما ان المسلمين اليوم فرق كثيرة ولا يجمعهم أمير مؤمنين واحد، مما يزيد المشكلة تعقيدا. فالخامنئي والشيعة عموما لا يمثلا اكثر من 10% من مجموع المسلمين فالخامنئي يخص شيعة ايران وليس جميعهم، وقلة من شيعة العراق ولبنان، فكيف يكون أميرا لجميع المسلمين؟
ملاحظة
ناقشنا هذا الموضوع بإستفاضة في الجزء الثالث من كتابنا إغتيال العقل الشيعي/ 4 أجزاء بطبعته القادمة.

علي الكاش