22 ديسمبر، 2024 8:42 م

من هو القادر على الحديث ؟

من هو القادر على الحديث ؟

من هو الشخص الذي عليه ان يدلي بدلوه في قضايا الناس والعالم والفكر والاجتماع ؟ و من منّا اليوم يسمع او يقرأ لكل طرح فكري مغاير ؟ في وقت اصبحت المغايرة هي الاساس في مجتمعاتنا المعاصرة التي تعولمت تماما، بحيث صار النمطي والعادي مفقودا، الكل يبحث عن التميز الى درجة صار بها التميز عبارة عن تقليعات جوفاء ،لا تميز فيها غير فقاعتها التي سرعان ما تنفجر وتتلاشى . من قال اننا لابد ان نكون جميعا مميزين، واصحاب افكارٍ خارقة ؟، والتي تعني في عالم المال افكار قابلة للتسويق واكتساب المال السريع ، مقابل خدمات وهمية احيانا ، بمعنى انها تتلاعب او تتناغم مع الحالات النفسية للانسان المعاصر، والذي تم برمجته على ادمان موضات متغايرة بين فترة واخرى وبوقت متقارب ، بحيث لا يجد الشاب نفسه الا في دوامة التغيير والتجديد والابهار والسرعة والحركة(الحماسية – الاكشنية ) ، لذا نجده يلهث خلف الجديد والاجد ووراء الاكثر تطورا في كل الاجهزة التكنلوجية والالكترونية ، وان كان لا يحتاج اليها فعليا ، فمن الاجهزة الالكترونية ما تعالج مئات التطبيقات المالية او الحسابية او التكنلوجية التي لا يحتاجها الجميع ، فكل انسان يستطيع ان يتقن او يعمل في مجال واحد او مجالين، لكن الانسان المعاصر يسعى للحصول على اخر التقنيات في الحاسوب او الهاتف الذكي من باب التميز والشعور بالثقة الاعلى بذاته ، فقد تم استبدال القيم بالآلة ( امتلاك القيم – امتلاك الالة ) فالانسان ما قبل العولمة كان يثق بذاته ويحترمها لما يملكه من قيم العلم والعمل والانسانية ، اما الجيل الجديد من البشرية المعولمة -وخاصة في الدول النامية- ، فقد اصبح يشعر بالفخر و بالرضا النفسي حينما يمتلك اخر الصيحات التكنلوجية وغيرها من ماركات السيارات، واجهزة البيت، والساعات، وحتى الملابس التي صارت تعبر عن قيمتها المادية اكثر مما تعبر عن ثقافة بلد ما في الزي الخاص بها ، التي هي نتاج تفاعل الفكر المحلي مع البيئة المحلية، التي هي انعكاس للمناخ والجغرافيا والمثل والعقائد الخاصة ، ففقد المواطن الحالي صفته المحلية وصار نسخة مشوهة عن انسان اخر يبعد عنه الاف الاميال ، لكنه قريب منه في اكتساب العادات المادية الصماء .. هذه هي النمطية الجديدة المتاحة لنا ، وهي ان نكون متفاعلين وايجابيين مع كل جديد مادي ، وكل جديد فكري يحمل بعدا تسويقيا ، لفرض هيمنة معينة على العالم .