18 ديسمبر، 2024 7:45 م

كلمة (المرتزقه) تطلق على الجنود ، أو المقاتلين المستأجرين ممن يحاربون من أجل دولة اخرى غير دولتهم ، لتلبية مصالحهم الخاصة بهم بعيدا عن القيم الانسانية ، أو السياسية ، أو الاخلاقية .
لاشك أن الاستشهادات وألامثله في التاريخ هي كثيرة ومتنوعة بهذا الخصوص . لكني آثرت أن أشير الى بعض من تلك الامثلة من العصر الحديث لأعيد الى ذاكرة القارىء الكريم ماشاهدناه وعاشرناه بأنفسنا ، وعلى سبيل المثال :-
بعض المرتزقة من الايرانيين جماعة (مجاهدي خلق) الذين قاتلوا إلى جانب الجيش العراقي ضد دولتهم (إيران) أبان الحرب العراقية الايرانية ، وفيما بعد قاتلوا إلى جانب قوات (الحرس الجمهوري) لصدام حسين ضد ثوار إنتفاضة آذار 1991 في شمال وجنوب العراق ..
وبالمقابل كان هناك أعداد من العراقيين في نفس الحقبة الزمنية قاتلوا الى جانب القوات الايرانيه ضد أبناء شعبهم العراقي ، وفيهم من يتبوأ مناصب رفيعه في دست الحكم في الحكومة العراقية الحالية !!
نعم هي حقيقة موجعة أن يقاتل العراقي ضد أخوته العراقيين لثمان سنوات ويقتل منهم الالآف ويكافىء بالمناصب والمغانم الآن ثم يتحكم بمقدرات الوطن ، ويمنح الحصانه وكافة الامتيازات الخيالية ، وتكون له الكلمة الفصل في أروقة الحكومة العراقية وقراراتها!!..
لازالوا هؤلاء يمارسون نهجهم ألارتزاقي في تعليق صور الخميني في الشوارع والساحات العامة في بغداد والبصرة وغيرهما ، عسى ولعل يحافظون على امتيازاتهم ومناصبهم بدعم ومباركة من جمهورية إيران ألاسلامية التي مابرحت صارت لها اليد الطولى في كل شاردة وواردة في الشأن العراقي..
أما المرتزقة من الجحوش في صفوف الاكراد ممن قاتلوا جنبا الى جنب مع صدام ضد أبناء جلدتهم ودمروا قراهم فحدثوا ولا حرج ..
ولو ابتعدنا قليلا نجد على شاكلتهم مع الفارق المقاتلين الافارقة ممن قاتلوا في ليبيا عامي 2010 و2011 إلى جانب معمر القذافي ضد الثوار الليبيين في مسرحية الربيع العربي..
لعل مانشاهده اليوم من المقاتلين المرتزقة من شتى الجنسيات الذين يقاتلون في صفوف الدواعش بأسم ألاسلام والمسلمين ضد العراق ، وسوريا ، وليبيا ، ومصر ، ولبنان ، وغيرها هو آخر صرعات المرتزقة للقرن الحادي والعشرين ..
أما على الصعيد المحلي نرى أن مايلفت النظر من المرتزقه هم بعض من الاحزاب الصغيرة ، والشخصيات الهزيلة التي تلتوي تحت لوائها وتنبطح أمام ألاحزاب الكبيرة والشخصيات المتنفذة ،ويقدمون لهم ولاء الطاعة في لقاء بعض المال التافه وألامتيازات الهزيلة ..
وهذه الحاله موجوده في كل الملل والقوميات ، ولكن مايحز النفس ان يكون لأبناء شعبنا ايضا حصة من تلك الاحزاب والشخصيات المشار اليها ، وجميعها مشخصة ومكشوفة ..
الصفة التي يتميز بها هذا النفر كونهم ملكيين أكثر من الملك ..
لو عدنا قليلا الى الوراء نتذكر جيدا أن كل الملل من (غير العرب) التي كانت قد انتمت الى حزب البعث العربي ، كانت عربيه أكثر من العرب أنفسهم ، وكانوا أكثر تشددا في سيطرات الجيش الشعبي ، ورفع التقارير ألامنية على الشخصيات المستقلة أو غيرها ، وملاحقة الناس لتبعيثم قسرا ، وأستجواب ألابرياء ، وغيرها الكثير من ألامور ..
مع تغيّر الحالة السياسية تغيّر أغلب أولئك المرتزقه ، وأرتموا في أحضان ألاحزاب الكبيرة الحالية ، ولهم قدرة أختبوطية مشهود لها في الركوع والخنوع..
هذا النوع من البشر لا يشعر بالخجل أو ألاحراج لأرتزاقهم للحد الذي نراهم يتزاحمون على ابواب الفضائيات للظهور علانية ، وأطلاق البيانات والتصريحات الرنانه والغزل باسيادهم حتى وإن كانوا على باطل !..
وكذا الحال في الكتابة في المواقع الالكترونية المختلفة ، أو المجلات والصحف ..
لعل أسوأ إنجازات المرتزقة هي مساهماتهم الفاعلة في صناعة النظام الشمولي ، والشخصيات الدكتاتورية المتسلطة ، والحزب الأوحد القائد ألآمر والناهي..
هؤلاء المرتزقة تحديدا لامانع لديهم من ممارسة كل الموبقات بما في ذلك كتابة التقارير على أقرب المقربين لهم ، فقط من أجل ألحفاظ على مصالحهم ، ولسان حالهم يقول :-
لتذهب كل القيم وألاخلاق والمبادىء الى الجحيم ما دمنا نحن المستفيدين ..