-1-
المتنبي يقول :
ليس كل الرجال تُدعى رجالا هكذا هكذا والاّ فلا لا
الخانعون الراضخون للطغاة ليس رجالاً يقينا ..
والمتشرنقون حول ذواتهم ومصالحهم ليسوا رجالاً …
واللاهون العابثون الذين لا يعملون لصالح أوطانهم وأهليهم ليسوا رجالا
انّ الرجال هم أصحابُ المواقف البطولية، وحَمَلَةُ المبادئ، وفرسانُ الدفاع عن المقدّسات، والقضايا العادلة والمعنيّون بهموم الانسانية …
انهم اولئك الأبطال الذين عنتهم الآية المباركة :
{ انّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بانَّ لهم الجنة يقاتلون فيُقْتُلُون ويُقْتَلون وعداً عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم }
التوبة / 111
وهؤلاء هم الصفوة في كلّ عصر ومصر
-2-
جاء في كتب التاريخ ان الحجاج بن يوسف الثقفي حين اشتبك مع (ابن الاشعث) نادى منادِيِه :
” من أتاني برأس (فيروز حصين) فله عشرة آلاف درهم “
وقد كان (فيروز) شجاعاً جوادا جميل الصورة جهير الصوت
فخرج (فيروز) من الصف ، وصاح بالناس :
{ من عرفني فقد اكتفى ،
ومن لم يعرفني ، فأنا فيروز حصين ،
وقد عرفتم مالي ووفائي ،
فمن أتاني برأس الحجاج فله مائة ألف }
وهكذا ردّ (فيروز) على الحجاج رداً قويا ، وفاقه حين جعل لمن يأتي برأسه جائزة تفوق الجائزة التي حددّها الحجاج لرأسه بعشرة أضعاف..!!
يقول التاريخ :
” قال الحجاج :
فوالله لقد تركني أُكثْرُ التلفت ،
واني لبين خاصتي “
ومعنى ذلك :
ان (فيروز) استطاع أنْ يدخل الرعب الى قلب الحجاج
وأخيراً :
اقتيد (فيروز) الى الحجاج فقال له :
” أنت الجاعل في رأس أميرك مائة ألف درهم ؟
قال :
قد فعلت ، فقال :
والله لأمهدّنك ثم أحملنّك ، أين المال ؟ ، فقال :
عندي ، فهل الى الحياة من سبيل ؟ ، قال :
لا ، قال :
أَخْرِجْنِي الى الناس حتى أجمع لك المال ،
فلعلّ قلبك يرقّ لي .
ففعل ،
فخرج فيروز فأحلَّ الناس من ودائِعِهِ ،
وأعتق رقيقَه ،
وتصدّق بمالِهِ ،
ثم رُدَّ الى الحجاج فقال :
شأنك الآن ، فاصنع ما شئت “
انها صورة ناصعة للرجل الذي آثر آلا يفارق الحياة حتى يهب الودائع ويُعتق العبيد، ويتصدق بجميع ما يملك، ثم يواجه الموت بكل بسالة وشجاعة من دون أنْ يُقدّم اي تنازل …
-3-
ومخطئ من يتصور أنَّ هذا النمط من الرجال قد اختفى عن المسرح,
انّ رجالنا الشجعان اليوم ينازلون التكفيريين الأوغاد من (داعش) في جبهات القتال ، وهم كالأسود قوةً وضراوة ..
ولقد وقفتُ على صُورِ مجموعة من شهداء الحشد الشعبي فرأيتُهُم يفارقون الحياة والبسمة تعلو شفاههم …
انهم فرِحون بما آل اليه أمرهم من الشهادة في سبيل الله .
نعم انهم الرجال الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ..
وهنا نستمطر شآبيب الرحمة والرضوان لكل شهدائنا الأبطال ، ونضرع الى الله العلي القدير أن يُنزل النصر على قواتنا المسلحة … بجيشها وشرطتها وحشدها الشعبي على المارقين المجرمين من (داعش) الذين دنسوا تراب الوطن، واستباحوا الحرمات، وأزهقوا الأرواح ، وانتهكوا الأعراض، وعاثوا فساداً في البلاد والعباد .
انه سميع مجيب .