من الطبيعي ان يختلف القادة على كافة المستويات والصعد والسياسيون منهم بوجه خاص، بل يجب ان يختلفوا حتى على مستوى الكتلة الواحدة والحزب والحركة، حيث ان الاختلاف البناء رحمة وبالتالي فهو يدفع جميع الأطراف الى البحث والتقصي بغية الوصول لأفضل النتائج واثبات صحة الرأي. ولا بأس ان تظل المسائل الخلافية داخل أروقتها الخاصة ولا يطفو للسطح الا المفيد منها حتى لا تصاب القواعد الجماهيرية بمزيد من الاحباط والقنوط ولا تستحوذ عليها خيبة الأمل بقادتها الذين عقدت العزم عليهم ووضعت عيون أملها فيهم.. فخيبوها!.
صحيح ان الخلافات السياسية سمة بارزة في الأنظمة الديمقراطية المتحضرة وحالة صحية تشهدها دول العالم المتمدن لكن ان تتحول هذه الخلافات الى هاجس يومي يصاحب السياسيين في حلهم وترحالهم فيخرجون القرار من نفق مظلم ليدخلوه في مأزق معتم ثم ليبقى عالقا رهين حلقة مفرغة ليس لها بداية ولا نهاية- وفي ظل هذا الظرف الراهن والمنعطف الحرج، وتحت ضغوطات وضع متأزم دام ليستفحل بعد ذلك منتجا انسحابات وتعليقات متكررة- فهذا هو الأمر المرفوض وهذه هي المثلبة، وهذا من بوادر العجز الذي يزري بصاحبه وربما يسقطه في نظر خصومه وأتباعه على حد سواء.
جلسات تتبعها جلسات، ومؤتمرات تجر مؤتمرات، ولقاءات مكثفة واخرى مفككة، وبين ذين وذين وهذه وتلك لا يملك المواطن المغلوب على أمره الا التعلل “بعسى ولعلما”، والتطلع الى مفردات التخدير والتسويف.. وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
لا شك ان الشارع يزداد قنوطا واحباطا وهو يرى الخلافات تتفاقم بين قادته السياسيين تصل الى حد القطيعة وتتحول الى شكل من أشكال تربص الرأي بالرأي الآخر ورفض مسبق لكل طروحات الطرف المقابل ووضع العراقيل امام أي مبادرة يتبناها الغير وفرض الشروط التعجيزية التي تجعله يرفضها مسبقا ليضع بالمقابل شروطا غير قابلة للتطبيق لتستمر هذه الدورة المملولة المثيرة للقرف والمعطلة لمشاريع الاعمار والبناء والمعرقلة لعجلة الحياة العراقية المتأخرة برمتها والزمن يسير والعالم يتفرج.