السيد باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية المحترم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,طيب الله أحوالكم وأحوال أمتكم الأمريكية بحسن العاقبة,ومن الله عليكم وعلى شعبكم بالطمأنينة والاستقرار ودوام الأمن والأمان والرفاهية بنعمة لا تحسدون عليها .
السيد الرئيس :قد نختلف في الدين والمعتقد والقومية ,وقد نختلف في المصالح ووجهات النظر والآراء والفكر والأيدلوجية ,لكننا لن نختلف مع لونك وسنتفق معك وبشدة وبدون أدنى شك للعيش بتآخي ضمن هذا العالم الإنساني .
خط الإنسانية هو القاسم المشترك بيننا وبينكم والذي لا يستطيع احد تجاهله ونكرانه,فلا فرق بين ابن الشرق والغرب والشمال والجنوب جمعينا بشر نمتلك نفس الصفات ونفس المقومات الإنسانية .
السيد الرئيس :الإنسانية هي من تجمعني مع البوذي واليهودي والمسيحي والسيخي والهندوسي ,وأصحاب الديانات الأخرى الذين يعبدون الشجرة والنار والفأروالتنين والوحوش وحتى الذين يجهلون وجود الله تبارك وتعالى ,لانحتلف معهم نحاورهم على أساس أننا من جنسهم ,ونتفق معهم بالحب والمحبة والتسامح وإشاعة ثقافة الاحترام المتبادل ,فبناء الأوطان ,وحفظ كرامة الشعوب ,ونبذ كل الممارسات التي تهدر الحرية والحق في العيش هي الكفيلة بأن ترحل كل الخلافات والمصالح الذاتية الفئوية الضيقة ,وكل الانتهاكات التي حرمتها كل الأديان السماوية والشرائع والسنن ومختلف الحضارات ,كلها أشارت وأكدت على الحفاظ على النسل البشري من عمليات القتل بغير وجه حق ,مع أعطاء التسامح ودفع الضغينة بالتي هي احسن فهو قمة الكرم والشجاعة .
سيدي الرئيس: كان اسود اللون في أمتكم ينظر أليه نظرة انتقاص وازدراء وكأنه آفة خطيرة تهدد امن وسلامة المجتمع ,فهولايحق له ان يتصرف كما يتصرف ابيض اللون,فالتفرقة العنصرية وصلت ذروتها ,فالأسود كان يقتل بكل بساطة ويرمى على الطريق أوعلى القمامة دون ذنباً اقترفه لأنه اسود ,وليس له الحرية والحق في أبداء صوته في تشكيل الحكومة واختيار من يمثله في مجلس النواب ,الى ان جاءت اللحظة الحاسمة في يونيو 1957 على يد القس (مارتن لوثر كينج )الذي قادة مقاومة تعتمد مبدأ “اللا عنف” أو “المقاومة السلمية” على طريقة المناضل الهندي مهاتما غاندي . وكان يستشهد دائماً بقول السيد المسيح : “أحب أعداءك واطلب الرحمة لمن يلعنونك، وادع الله لأولئك الذين يسيئون معاملتك” ,فهو أصغر شخص وأول قسيس يحصل على ميدالية “سينجارن” التي تعطى سنوياً للشخص الذي يقدم مساهمات فعالة في مواجهة العلاقات العنصرية، وكان في السابعة والعشرين من عمره. وبهذه المناسبة وأمام نصب لنكولن التذكاري وجه كينج خطابه الذي هاجم فيه الحزبين السياسيين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي) وردد صيحته الشهيرة: “أعطونا حق الانتخاب”، ونجحت مساعيه في تسجيل خمسة ملايين من الأمريكان ذو الأصول الأفريقية في سجلات الناخبين .
اليوم وبعد التغيير الجذري الذي حصل في الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد عقدة الأسود والأبيض لها وجود في بناء مؤسسات الدولة فكولن باول اسود اصبح وزيراً للخارجية,وكوندليزا رايس سوداء هي مستشارة الامن القومي ووزيرة للخارجية ,والدليل انك ايها الرئيس الآن أنت تحكم وللمرة الثانية ليس لأنك اسود بل لأنك صاحب انجازات مهمة وسط أمتك ,ولك سياسة يحترمها شعبك ,ولك برنامج مقنع صوت من خلاله المواطن الامريكي اليك في صناديق الاقتراع ,هذه العنصرية المقيتة قبل أربعة عشر قرن عانى منها المجتمع العربي ,وبنفس النبرة بل اكثر منها التي كان ينظر فيها للأسود في الجاهلية أنه نكرة ,الى ان جاء الإسلام ورفع من قيمته على يد الرسول الأكرم (ص) فقرب منه بلال الحبشي(رض) وستبعد سادة قريش,ليس من باب التفرقة ولكن لأنهم لا يحترمون الإنسان الأسود ويريدونه عبداً ذليلا خضوعا خنوعاً يباع ويشترى به وهو مسلوب الإرادة وحديثه يقول (الناس سواسية كأسنان المشط)وقول خليفة المسلمين علي ابن ابي طالب (ع)(الناس صنفان :اما اخ لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق)
سيدي الرئيس :لقد جئتمونا بترسانتكم المدججة بالسلاح الفتاك الذي لم يجرب الافي الحرب مع الطاغية آنذاك ,واستخدمتم أرقى أنواع التكنولوجية الحديثة بضرب المواقع التي كانت مقراً للنظام البائد بصواريخ عابرة للقارات,وجيشاً من المهمات الخاصة (قوات المارينز) التي حسمت المعركة الرئيسية, لقد تمرد رأس النظام على الشرعية الدولية ,وضرب عرض الحائط كل القوانين الإنسانية مبتدأ بشعبه بقتله والتنكيل به دون اي سبب وبدون اي واعز خلقي يمنعه أوأي ضمير يردعه ,مقابر جماعية,سموم كيماوية,واعتقالات عشوائية ,ولم يكتفي بذلك بل تعدى الامر للسطو على دول الجوار واحتلالها تحت ذريعة انها كانت ملك للعراق .
سيدي الرئيس التجربة الجديدة للمشروع الديمقراطي في العراق أفزعت وأرعبت الكثير من زعماء الدول ممن لايرغبون بأستبدال مقاعدهم وكراسيهم العفنة ,فلا انتخابات برلمانية ولا اختيار رئيس للوزراء كل أربعة سنين,هذا الانجاز لم يرق لأصحاب العقد الذين ذهبوا يجمعون قواهم ويمدون الإرهاب ومنفذيه بالأموال بدافع وذريعة مقاتلة المحتل ,وعندما رحل المحتل ورحلت معه قواته ضمن اتفاقية بيننا وبينكم ,لم ينتهي الارهاب بل زاد من حدته ,لكن العراقيين لم يسكتوا ويقفوا مكتوفي الايدي بل قاتلوه منذ اللحظة الاولى ,وقدموا التضحيات الجسيمة من خلال قوات وطنية تدافع عن هذا الشعب وهو شعبهم وأمانة في أعناقهم من هذه الذئاب التي لا تعرف سوى افتراس الناس,لقد اختاروا العراقيين من يجدوه صالحاً ومؤمناً بالتغيير في مجلس النواب ,وبدأ بصيص الأمل يضيء الطريق , والدولة بدأت تعيد نشاطها من خلال حكومة منتخبة ,صحيح هنالك أخفاقات وفساد ولافتات سوداء,وسيارات مفخخة ,واحزمة ناسفة وقتل لأطفال صغار ,لكن هذا هو ثمن العيش بحرية .
اليوم العراق وشعبه يقاتل الإرهاب نيابة عن كل الأمم وعلى مختلف الصعد,هذه المواجهة تحتاج دعماً بالسلاح المتطور والأجهزة الحديثة التي ترصد وتكشف السيارات المفخخة ,وانتم كدولة عظمى ولنا معكم اتفاقية إستراتيجية ،نحتاج كل ما من شأنه لوقف هذا المد الذي يريد اجهاض هذا المشروع السياسي الجديد في المنطقة بأكملها ,فضلاً انه يوجه رسالة أليكم ان تجربتكم فشلت وان النظام الدكتاتوري هو الأنسب لقيادة العراق ,وتحويل الامم بدولها للعصور المتخلفة من خلال طرح فتاوى وأراء لاتمت بصلة لكل القيم الإنسانية ,لقد اثبتت التجارب بالدليل القاطع ان العراق بعد التغيير هو نقطة الالتقاء لكل العرب لانه صاحب سياسة حكيمة ومنطقية موضوعية ,وصاحب مبادرات سلمية لنزع فتيل الأزمات في المنطقة التي تريد حرق الخضر واليابس ,لأنه أنكوى بنار الحرب والطائفية والتي لم يجني منها اي ثمار مفيدة سوى الخراب والدمار والحصار والديون ,وقتل ابناء المجتمع تحت مسميات عديدة ,وعناوين مختلفة .
سيدي الرئيس :العراق اليوم هو نموذج للدولة المدنية في الشرق الأوسط التي تقف على مسافة واحدة من الجميع وتؤمن بالتعددية وبحرية الفكر والرأي, قفوا معنا بدون تردد وبدون حواجز وخطوط حمراء لأنكم ايضاً من دعاة وبناء الدولة المدنية ,وتؤمنون بالديمقراطية قولاً وفعلاً .