لم يعد للرأي العام الا ان يتجلى في مطالب عدة ، تجلت اثناء التظاهر الشعبي الذي بدأ حراكه منذ عام 2011. وكانت الحكومات والاحزاب معا تتناساها او تسخر منها ، او تتجاهل ما هو المطلوب منها ، وهنا اود ان اذكر كل الاحزاب العاملة على الساحة ان جميع الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ عام 1921، اؤكد كل الحكومات لم تكن لتتجاهل اي مظاهرة الا حكومات ما بعد عام 2003، ، وقد كانت المظاهرات في العهد الملكي تسقط الحكومات، ذلك ان مصدر السلطة هو الشعب مهما بلغ نفوذ وقوة اي حكومة . والمعروف لدى اي مطلع ان للشعب العراقي تأريخ حافل بالتظاهر والتمرد والعصيان منذ ولاية الدولة العثمانية ، واليوم يعاود هذا الشعب الى عادته القديمة ، بعد ان ترك الامور تسير وفق هوى الحكومات المتعاقبة واحزابها ، وان مذة صبره طيلة ال 15 عاما الماضية اظنها كافية لاختبار الحكومات ومجالس المحافظات ومعهما ايضا البرلمان .
ان مطالبة الشعب اليوم وعلى نطاق واسع بالغاء مجالس المحافظات وذيولها المجالس البلدية لم تكن مطالبة ترف او تحرش بالمسؤولين ، انما هي مطالبة جاءت نتيجة فشل هذه المجالس بتحقيق الاهداف المرجوة منها بموجب قانون رقم 21 لعام 2008 ،وتعديلاته الكثيرة، فلقد عكست هذه المجالس بحكم تبعيتها لذات الاحزاب الحاكمة في الحكومة الاتحادية ،لذات الامراض والادواء مما نتج عن ذلك تحولها الى منابر مشاكسة ومعاكسة ومنابزة ، لتعكس امراض محيطها الضييق المتمثل بالحزبية الضييقة او العشائرية النقابية او الدينية الطائفية ، او الخيبة الادارية .وكل ذلك يندرج تحت مسمى واحد الا وهو ان الاحزاب الحاكمة هي احزاب سلطة لا احزاب دولة وانها احزاب ليس كأحزاب الغرب ، التي هي بكل معاني الكلمة احزاب مدارس تعد القادة السياسيين للسياسة والقادة الاداريين لادارة الدولة ، ونود ان نذكر بحزب العمال البريطاني كيف تحول بفعل مدارسه ومعاهده من نقابات عمالية الى حزب سياسي يشكل اليوم حكومة الظل ويشكل غدا حكومة تحكم بريطانيا العظمى .
ان مجالس المحافظات كانت عقبة عوقت نمو المحافظات ، وشكلت سابقة سيئة للحكم المحلي ، فبدلا من ان تكون مجالس ادارة اصبحت مجالس للوزراء مصغرة تتنابز بالسياسة والكلام الفارغ وتبتعد عن الادارة ومضمونها المملوء بالعلم الاداري وبالتظيم الذي يحول المحافظة من وضع سيئ الى وضع احسن، ولقد ساهمت هذه المجالس بتأخر المحافظات عقودا محسوبة وقامت ايضا بقضم ما كان يفتح الفضاء نحو التقدم لقد قضت بكسلها وفساد اعضائها على ما كان جييدا في المحافظات ، وان مدة الاختبار كافية للتدليل على فشلها وان الاوان للاستماع الى مطالب اهل المحافظات بالغاء قانونها والغائها ، والرجوع الى عملية تعيين محافظ نزيه يفضل ان يكون من حملة شهادة القانون او الاقتصاد او مهندس (مستقل)، ويكون مجلس المحاظة مكون منه رئيسا والمدراء العامين اعضاء فيه ، وان يكون بعض الوجهاء من اهل المدينة من المثقفين والفنيين مستشارين يعول عليم في اتخاذ القرارات. . ويفضل تدريجيا استبدال المدراء العامين لكافة دوائر المحافظات وتعيين وجوه جديدة من كفاءات المحافظة وممن لهم خبرة بالعمل وفق اختصاص كل دائرة والابتعاد عن ترف السياسيين وفوضى حكمهم الرخيص…