تسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جاهدة الى زيادة اعداد طلبة الدراسات العليا في الجامعات العراقية بغية زيادة نسبة الحاصلين على الشهادات العليا من جهة والمحاولة في ترشيد ظاهرة سفر الطلبة للدراسة خارج البلد التي صارت تكلف الدولة الكثير وتثقل كاهل الوزارة ايضا. ولكن من غير المتوقع ان تتسبب الضوابط الموضوعة من قبل الوزارة بتقليل نسبة الطلبة المقبولين داخل العراق حتى دون العدد المحدد سلفا من قبل الوزارة, وهذه الحالة اذا ما وجدت فإنها تشكل خطا واضحا ومشكلة ينبغي الالتفات اليها وينبغي وضع الحلول المناسبة لها, وفي تقديري ان النقص في بعض مواد وبنود الضوابط المعدة من قبل الجهات المختصة هي السبب الرئيسي لهذا الاخفاق رغم الجهود المبذولة من قبل الاستاذ الدكتور ( محمد عبد عطية السراج ) مدير عام دائرة البحث والتطوير في الوزارة والذي عرف عنه كفاءته ومهنيته وايضا نشاطه الواضح في دعم المسيرة العلمية للبلد, ولا بد هنا من الاشارة الى مدى حرص هذا الرجل وعمله الدؤوب في خدمة الطلبة والمجال العلمي والبحثي في العراق, وهذه الحقيقة يعرفها كل من زار دائرته او التقى به او من راجعه على معاملة ما, اذ انه ينحاز بكل طاقاته نحو مصلحة الطالب ويقف الى جانبه ويسترد له حقوقه بكل ما اوتي من قوة او قدرة. انه بحق مثال للمسؤول الناجح والموظف الماهر الغيور على مصلحة العلم والبلد وقد رايته مرات عدة نازلا من غرفته الى المراجعين ليتولى مباشرة الاطلاع على معاملاتهم وحسمها فورا.
لقد اقتضت تعليمات الوزارة بخصوص الدراسات العليا الى توزيع المقاعد المحددة ضمن قنوات او حصص معينة وكانت تعليمات هذا العام بتقسيم خطة القبول على ثلاث قنوات هي القبول العام والقبول الخاص وقناة الشهداء ومن ثم يتم تحديد اعداد الطلبة المطلوبة في كل قناة ليكون مجموع الطلبة في كل القنوات هو عدد المقاعد المحددة لهذا التخصص ولكن للأسف لم تبين التعليمات مصير المقاعد الشاغرة فيما اذا كان هناك مقاعد شاغرة في بعض قنوات القبول, فخذ مثلا المشكلة التي كثيرا ما كتبت عنها الصحف الالكترونية والمطبوعة اضافة الى رسائل الشكاوى التي كتبها الطلاب عبر صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع العائدة للوزارة والدوائر المعنية بهذا المجال وهي مشكلة ان الكثير من الطلبة جعلوا يتقدمون الى الدراسات العليا عن طريق القناة العامة لأنها مجانية ولا تكلفهم الكثير من الاموال كما هو الحال في القبول الخاص كما وان مقاعد الشهداء غالبا ما تكون شاغرة بسبب عدم وجود طلبة تنطبق عليهم شروط هذه القناة ونتيجة لذلك فان الجميع الطلبة سوف يتنافسون على مقاعد القبول العام فقط ليتم بعدها قبول عدد قليل منهم وتبقى مقاعد القنوات الاخرى شاغرة رغم قدرة الكلية او القسم المعني بالدراسة على استيعاب جميع المقاعد وبهذا تكون الوزارة قد حرمت اكثر من نصف المقاعد المتوفرة على الطلبة الراغبين في الدراسة وبالتالي تسببت في تقليل نسبة المقبولين وكذلك خسر الكثير من الطلبة فرصتهم في القبول. ومثال هذه المشكلة ما يطرحه الطلبة المتقدمين للدراسة الدكتوراه في هندسة الكهرباء والاتصالات في الجامعة التكنلوجية حيث لم يقبل من المتقدمين للدراسة في هذا القسم الا اقل من نصف القدرة الاستيعابية للقسم. والعجيب ان عدد المقبولين في دراسة الدكتوراه في تخصص الاتصالات في العام الماضي هو ( 9 ) طلاب وهو اكثر من عدد الطلبة المتقدمين للدراسة في هذا العام وهم ( 8 ) والذين لم يقبل منهم سوى طالبين اثنين فقط !. وهذا يعني ان عدد الطلبة المقبولين في العام الماضي في هذا التخصص هو اكثر من اربعة اضعاف العدد في العام الحالي! ومن هنا يتبين مقدار الاخفاق في خطة القبول لهذا العام التي تسببت في انخفاض عدد المقبولين من تسعة الى اثنين فقط.
ارى ان مسؤولية حل هذا الاشكال من اجل انصاف طلبتنا الاعزاء سيما اذا كانت نوع الدراسة مهمة ومصيرية تقع على عاتق معالي السيد الوزير بالدرجة الاساس والذي طالما عمل على زيادة نسبة المقبولين في الدراسة وبكافة الفروع والمجالات من خلال افتتاح فروع جديدة للدراسات العليا في الداخل والخارج ومبادراته المتكررة في توسيع خطط القبول في كل عام, وهو لن يدخر جهدا في حل هذا الاشكال بالتأكيد. والمسؤولية تقع ايضا على السيد السراج والذي لا يقل حماسا ورغبة عن السيد الاديب في دعم المجال البحثي والعلمي في البلد. ان حل هذه المشكلة يكمن في توزيع المقاعد الشاغرة من القنوات التي لم تشغل على الطلبة المتقدمين ووفقا للأسبقية او مضاعفة خطة القبول لهذا العام اسوة بالاعوام الماضية وعندئذ كنا قد حققنا العدد المطلوب من الطلبة ورفعنا نسبة القبول في نفس الوقت وايضا قدمنا هدية كبيرة او مساعدة عظيمة لطلبتنا الاعزاء والتي لن ينسوها طوال عمرهم لما تحدث هذه الوقفة من تغيير في مستقبلهم ومصيرهم وسيكون الفضل بهذا لله اولا ولكم ايها المسؤولون الكرام. ولا نرى ان هذا الاجراء بعيد عن حرصكم واخلاصكم لأهلكم ووفائكم لوطنكم.