تفاجأت بأنني تحولت إلى قرد في غابة شاسعة بحجم دولة يعيش فيها كل أصناف الحيوانات، ولكن بربع عقل إنسان، ولم أستطع العيش وسط بيئتي الإنسانية، بسبب الظلم الإنساني للحيوان في المنطقة التي ولدت بها، فهم لا يحترمون حقوق أبويهم وأبناء جلدتهم، فكيف والحال مع حقوق الحيوان، لقد تحملت في البداية كل ظلمهم، ولكن عندما وصل الأمر بشذوذهم الجنسي حيث حاولوا الاعتداء علي واغتصابي على الرغم من أنني قرد ذكر، حينها قررت الهروب إلى عالم الحيوان الذي ينتمي له جسدي لأحفظ كرامتي على الأقل، فعشت وسط هذه الغابة الكبيرة مع نظرائي القرود وعالمهم الجميل، وكنت كما صرح زملائي القرود بذلك جميلاً وممشوق القوام وعضلات بارزة، فأعجبت بي إحداهن وتزوجنا بصورة تقليدية متعارف عليها في المجتمع الجديد وأنجبت زوجتي لي ثلاث قرود جميلة، ولكن لم تقف ممارساتي الجنسية على زوجتي الأولى فكانت كل قردة تطلب الوصال معي لا أرفض لها طلباً، ولكن هل اقتنعت بحياتي الجديدة هذه المليئة بالمغامرات الجنسية؟ طبعاً لا والسبب هو إنني أمتلك ربع عقل الإنسان وأحاسيسه، فبدأت الطموحات تراود عقلي، وقلت في نفسي أنا لدي إمكانيات لا توجد عند غيري من أفراد هذا العالم الجديد، وبإمكاني أن أوظفها لأحصل على كل ما أريد وأطمح إليه، وأهم فكرة ركبت في رأسي هي قضية أن أكون زعيماً على الغابة على الرغم من المخاطر الهائلة التي ستواجه هذا الأمر بسبب وجود الأسود والنمور، ومجموعة الذئاب، ولكن أقنعت نفسي أن الأمر يستحق المخاطرة، ولا داعي للخوف وأنا أعيش مع حيوانات لا عقل لها مطلقاً، بينما أنا لدي الأفضلية على الجميع من خلال ربع العقل الذي أمتلكه.
أول مشكلة واجهتني هي كيف أستطيع أولاً قيادة وتزعم مجموعة القرود في هذه الغابة الكبيرة، فقلت لعقلي لابد من تفهم نقاط ضعف القرود إجمالاً، وما الذي يجعلها تنقاد بسهولة، فحال القرود حسب ما عايشته يشبه حال البشر في بلدي يتميزون بصفات مشتركة عامة، وهي إنهم يأكلون كثيراً ويتضاجعون كثيراً، والقرد عندما يهوى قردة يبذل لها الغالي والنفيس، ويصل به الأمر أن يذل نفسه وكرامته في سبيل الحصول على مراده من القرْدة، ولا يتنازل لأي مخلوق ولكن عندما يصل الأمر لرغبته الجنسية فهو يترك كل صفات القوة والشدة، ويلبس لباس التمسكن، وقبل أن تعطيه القردة مراده، وترضى عليه، يقوم بخدمتها هي وعيالها، ويقوم بدور الأم في تنظيف أجساد القردة وأبنائها، طبعاً هذا يحدث للقرد الذي يعشق، وإلاّ فهناك الكثير منهنّ من تعرض نفسها بكل بساطة، ومن دون أي مقابل، ولكن وأنا أفكر بحال القرود قفزت إلى ذهني فكرة بشرية دموية للوصول إلى مرادي بكل سهولة وسرعة، وهي فكرة امتلاك سلاح أوتوماتيكي (بندقية كلاشنكوف ومسدس وعتاد)، وقبل أن أنفذ الفكرة جهزت لي مخبأ فوق الشجر، وهكذا ذهبت إلى عالمي الأول عالم البشرية وتسللت ليلاً بعد طول مراقبة على أحدى مراكز الشرطة في المناطق الآمنة من جنوب البلد وسرقة بندقية أحد الحراس الليليين حيث كان يغط في نوم عميق، وكررت نفس المحاولة على بعض السيطرات ومواقع الجيش، حيث حالهم لايختلف عن حال أخوانهم، فهم جميعاً بين نائم ويغط في نوم عميق، أو جالس يلهوا بنقاله ، حيث يتنقل بين المواقع الأباحية، وجمعت خلال فترة شهر ترسانة لا بأس بها في مكاني السري الجديد فوق الشجر، وأول عمل قمت به هو منع أي قرد من الوصول إلى مسكني الجديد من خلال التهديد ومن ثم قتل أربعة من القرود عندما حاولوا الوصول إلى مسكني على الرغم من تهديدي لهم، وشاع خبر قتلهم بين القرود عامة، وقد أصابهم الذهول لما جرى على أخوانهم القتلى وعدوا ذلك من الأعمال الخارقة والغيبية، وقد اجتمع القرود لينظروا في هذا الأمر الجديد، واستدعوني لهذا الاجتماع الكبير والموسع، وحينها شعرت أن الجزء الأول من المهمة يكاد يكون قد تحقق وما علي سوى استغلال هذا التجمع للإعلان عن مشروعي الجديد وهو تزعم القرود ومن ثم المباشرة في تنظيمهم وتدريبهم على المهمات الجديدة التي سأكلفهم بها، ولكن يجب مراعاة عقلياتهم التي من المؤكد لن تستوعب الأمر بسهولة، كنت القادم الأخير للاجتماع، واستطعت أن أثير الانتباه من قبل الجميع، حيث كنت الوحيد الذي أرتدي ملابساً على جسمي، وأحمل في خاصرتي سلاح مسدس أوتوماتيكي، فأصاب الجميع الذهول والتندر والرهبة مما أنا عليه، فبدأ الكلام من قبل صاحب الدعوة وهو كبير القردة، وقال لابد من معرفة الأسباب التي قتل لأجلها القردة الأربعة، ووجه الاتهام لي بصورة مباشرة، عندها
وقفت وسط الجميع وعلى مكان مرتفع وقلت: أخواني وعائلتي أبناء وبنات القردة أعزكم الله اليوم أتيت لكم بالذي سيجعل منكم أفضل المخلوقات في هذه الغابة الكبيرة، ويدفع عنكم السوء، وأسألكم كم من القردة يقتل منا يومياً ويأكله الآخرون في الغابة، فقال أحدهم: الكثير يصل العدد في بعض الأحيان إلى خمسين قرداً بين كبير وصغير، فقلت لهم وهل وجدتم حلاً لهذه المعضلة: قالوا لا ، حينها قلت لهم: وما قيمة قتل أربعة قرود من قبل قرد سيقوم بحمايتكم، وإيقاف قتلكم الجماعي وإلى الأبد، فتعجب الجميع لذلك وقال معظمهم، والله إن فعل ذلك فهو يستحق أن يكون قائداً علينا، فقلت أنا أستطيع ذلك ولكن أحتاج إلى تفهمكم وتعاونكم، ومن يخون أو أن يشي بأخبارنا إلى الأعداء فسيكون عقابه القتل من دون رحمة فهل أنتم موافقون، فصرخ الجميع وبأعلى أصواتهم نعم موافقون، وهنا وفي هذا اليوم توجت قائداً على عائلة القرود في هذه الغابة وكان ذلك الاجتماع هو تاريخ تنصيبي قائداً على القرود.
بعد هذه المرحلة باشرت في اليوم الثاني من توسعة مكاني في الشجرة العالية، وضممت إليه حوالي مائة شجرة حوله ليكون مكان للقيادة العامة للقرود، وعينت حوالي مائة قرد من القرود التي كانت حياتها بائسة بين عائلة القرود، ومن المعدمين، وقد قمت بتدريبهم على سلاح المسدس 7 مليم، وجهزتهم بهذا السلاح، وكنت صارماً وشديداً مع المخالفين منهم للتعليمات، ومحباً وعطوفاً وكريماً جداً للموالين، والمطيعين منهم، ونقلتهم من حال الفقر إلى حال الرفاهية، بحيث أصبح كل واحد منهم ملكاً على البقية، وقد أوصيتهم بأن يكونوا خدماً للرعية، ولا يتأخروا في تقديم المساعدة لكل من يحتاجها.
بدأت بتشكيل مجموعة خاصة أسميتها مجموعة العمليات الخاصة، ويكون عملها وواجبها القيام بعمليات داخلية ضد الخارجين عن القانون، وعمليات خارجية ضد أعداء مملكة القرود في الغابة الكبيرة، وشكلت حوالي خمسة مجاميع متخصصة في إدارة شؤون الرعية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومنها مجموعة تضم أعيان القرود، ومجموعة أسميتها مجموعة شورى المملكة.
استغرق بناء المملكة حوالي سنتين، وقد كنت متفائلاً جداً بسبب أن هذا العمل لم يعلم به باقي ساكني الغابة الكبيرة وقائدها الأسد العملاق نمرود، وهذا يؤكد إخلاص رعايا المملكة من القرود، وقد اعتبرت ذلك مثالياً في السعي لتطبيق برنامجي النهائي، وهو التسلط على الغابة وترؤسها.
وذات يوم استدعيت قائد المجموعة الخاصة لاجتماع هام وقلت له كيف هي أخبار المملكة، فأوجز لي ما قاموا به خلال الأشهر المنصرمة، وقال بخصوص عمليات قتل القرود من قبل وحوش الغابة أن نسبة هذه الحالات قد تراجعت بصورة كبيرة، حيث كان يقتل شهرياً أكثر من ألف قرد وقردة، ومن دون أي رد على المعتدين، ولكن اليوم وبفضل السلاح الجديد لم يقتل خلال أشهر عديدة سوى عشرة قردة، وقد قتلنا من الأعداء سبعة أسود وعشرة نمور، وحوالي خمسين ذئباً، ومائة صقر، ففرحت جداً لهذه البيانات وكرمت القائد على هذه النتائج بمنحه مسكناً مجاور لمسكني، ومنحته بندقية آلية كلاشنكوف روسية، وعلمته كيفية الاستخدام، ففرح لذلك كثيراً وقال: والله سيدي الملك نحن فداء لك وللمملكة، ونموت لتحيا هذه المملكة التي كرمنا الله بها وبملكها الشريف، فقلت له أطلب منك أن تشكل مجموعة خاصة بالاستخبارات والأمن، ويكون عملها مراقبة أعداء المملكة من الداخل والخارج، وتوثيق فعالياتهم، فقال القائد أنا خادم، وستكون المجموعة جاهزة خلال ثلاثة أشهر بعد تجميعها، وتدريبها، فقلت له بارك الله فيك وحماك، وطلبت منه أن يجهز مجموعة قوية ونشطة من بين أفضل القرود في مجموعته، لكي نرسلهم في عملية خاصة، للتعرض إلى حرس ملك الغابة نمرود، وإيقاع الخسائر بهم، وإيصال رسالة مهمة لهم، إن هناك في الغابة من هو أقوى منكم، وعليكم الكف عن قتل وأكل رعايانا من مملكة القرود، فقال القائد سيكون الأمر جاهزاً خلال يومين، وسأكون أنا شخصياً على رأس هذه المجموعة، فأثنيت على فدائية القائد وقلت له بارك الله فيك، وتوكل على الله، وكانت أول عملية تعرضيه على مملكة الأسد، حيث تم قتل أكثر من خمسين أسداً ونمراً ، وإيقاع خسائر فادحة في ممتلكات مملكة الأسد، فقمت بتكريم المنفذين، وأخبرتهم بخبر سار رفع من معنوياتهم، حيث قلت لهم سأستورد سلاح فتاك جديد أكثر أهمية من السلاح الذي تحملونه، وهو عبارة عن عبوات ناسفة تتحكمون بها عن بعد، ومدفعية مدمرة للعدو حيث تقصفونه عن بعد آلاف الأمتار وأنتم في أماكنكم، ففرح الجميع بهذه الأخبار السارة، وشعر الجميع أن ملكهم يذهب بهم إلى قمة المجد والتميز عن الآخرين في هذه الغابة التي كانت ظالمة وجاحدة بحقهم، وكانت السبب في تقليص أعدادهم حيث قتل مئات الآلاف عبر السنين المنصرمة قبل مجيئي إليهم وتتويجي ملكاً عليهم، وفي اليوم الثاني بدأت الأخبار عن طريق
مجموعة الاستخبارات والأمن تتواتر عن الرعب الذي أصاب مملكة الأسود، والحكايات التندرية التي يتحدث بها رعايا مملكة الأسد من باقي حيوانات الغابة، وعن القدرة الجهنمية التي يمتلكها جنود مملكتي من الذين غزوا في ليلة ظلماء مقر مملكة الأسد وملك الغابة، وقد أصابهم الرعب والخوف مما تخبأه لهم الأيام، وقد انتشرت روايات السخرية من ملك الغابة ومن كافة الأسود في الغابة، بعد أن كان مجرد الكلام يعني الموت المحتم على أي حيوان يتلفظ بأبسط الألفاظ بحق الملك وباقي الأسود ونمور الغابة.
وعند سماعي لموجز هذه الأخبار عن العدو من قبل قائد مجموعة الاستخبارات والأمن، وكان معه قائد مجموعة العمليات الخاصة، كلفتهم بواجب الاستمرار بالمراقبة، ونقل ما يفكر به العدو بعد هذه الضربة، وأن يعطوا لهذا الواجب أهمية قصوى، لأن العلم بما يفكر به العدو يعني نصف الانتصار في أي معركة قادمة سواء كانت قتالية عسكرية، أو سياسية حوارية، طبعاً هذه الأفكار التي أطرحها كانت سبب مباشر في انقياد هؤلاء القردة لزعامتي، ويشعرون أن ملكهم بحق هو أفضل قرد على وجه الخليقة، والكثير منهم بل أغلبهم أخذ يقدسني، ويعتبرني خطاً أحمر لا يمكن المساس به، والسبب في الحقيقة هو إنني أملك ربع عقل إنسان.
وهنا لابد لي من مخرج بعد أن أصبحت المهمات كبيرة وكثيرة وتحتاج بالطبع إلى سلاح وعتاد كثير، مضاف لذلك تحقيق وعدي لهم باستيراد أسلحة جديدة، عبوات ناسفة ومدفعية وعتادها، وقد أقلقني هذا الأمر كثيراً لأنه يمثل سلاح ذو حدين، فقد كان السلاح والعتاد الذي تحتاجه مملكتي قليلاً وكنت أقوم بدور سرقته من البشر، والآن لابد من إشراك الآخرين في هذه المهمة لأنها شاقة وتحتاج إلى أعداد كثيرة من القرود، ولابد من تجنيد مجموعة العمليات الخاصة لهذا الأمر، ولكن حينما أفكر بهذا الأمر تراودني مخاوف عظيمة خوفاً من إطلاعهم على هذه الأسرار، ومن ثم خوفي من الخيانة والمؤامرة، حيث أن الإطلاع على هذا الأمر يعني سهولة وسوسة الشيطان في أدمغة هذه المجموعة، ومن الممكن أن تتسبب برفع هالة القدسية التي أتمتع بها في قلوب وعقول هؤلاء، لأن عقلي يقول أن إطلاعهم على هذه الأسرار يعني أن يفكر هؤلاء بلعب نفس الدور، ويقومون بسرقة السلاح ومن ثم محاربة مملكتي به لإسقاطها! فما الحل، وكيف أحل هذه المعضلة التي أرقتني منذ أكثر من شهر، من دون أن أجد لها مخرجاً .
وذات يوم بينما أنا أغط في المنام وكانعكاس لقلقي وتخوفي الذي شغلني منذ شهر أتاني في المنام قائد مجموعة العمليات الخاصة، وهو يشهر سلاح كلاشنكوف روسي بوجهي وقال لي أيها الملك الآن أستطيع قتلك وتنصيب نفسي ملكاً على القرود هل تعترف بقدرتي أم لا؟ فأجبته نعم تستطيع، فقال القائد، ولكن كيف أقتل ملكي الذي منحني العزة والكرامة والقيادة على باقي المخلوقات في الغابة، ونقل معيشتي من حال إلى حال، وحمى عائلتي من الموت الذي كان يهددها في كل لحظة، فان فعلت ذلك فانا لا أستحق الحياة بعد كل هذا، فنم هانئاً يا ملكنا وقائدنا، وهنا استيقظت والعرق يتصبب من كل أنحاء جسمي، وضحكت بعدها في داخلي وقلت إن خوفي وقلقي لا معنى له لأنني لا أعيش وسط البشر، بل أنا أعيش وسط حيوانات لا تعرف للغدر والمؤامرات مكاناً في أبجدياتها، وفعلاً لو كانوا من الخونة والمتآمرين لاستطاعوا ذلك بطلقة واحدة ولا داعي لخوفي منهم بعد اليوم، واعتبرت هذا الحلم هو بارقة أمل في الجواب على كل تخوفاتي وظنوني التي انتابتني طيلة شهر من التفكير.
وبعد أن قتلت قائد العمليات الخاصة، دعوت قائد مجموعة الاستخبارات والأمن، وتناولت معه الفطور الصباحي وكنت فرحاً به جداً وحميماً معه، وبعد أن تذاكرنا قضية مقتل قائد العمليات الخاصة من قبل الاسود كلفته بان يضم الى منصبه منصب قائد العمليات الخاصة وأخبرته بالسر حيث طلبت منه تعيين خمسين قردا من الخلص والشجعان من القرود، وإعطاءهم واجب جلب الأسلحة، وقلت له بعد تعيينهم تعال معهم لكي أعقد اجتماعا وأشرح لهم مهمتهم، عقدنا ذلك الاجتماع وأطلعتهم على واجبهم بالتفصيل، حيث أماكن تواجد السلاح المطلوب، وطريقة الوصول والأوقات، وحذرتهم من الظهور بكثافة أمام أنظار البشر، وتوخي الحيطة والحذر، وطبعاً لا أخشى من كشف أسرار مملكتنا حينما يلقى القبض على أحدهم، لأن البشر لا يفهمون لغة القرود وبالعكس، وقد نجحت هذه المجموعة في عملها، وكنت في كل مهمة أكرمهم بمزيد من الطعام والأماكن اللائقة والاحترام، وتزويدهم بالأسلحة المميزة عن أقرانهم.
بعد التسليح الواسع أصبحت مملكتي واقعياً هي الحاكمة على مقدرات الغابة، ولا يجرأ أي كائن فيها التعدي على أفراد مملكتي، وكان الخوف مما تملكه من قدرات طاغياً على الجميع، وأصبح كل ساكني الغابة يتندرون في شأن القرود وأمورها والتي يعتقدون إنها من الأمور الغيبية، ولا يمكن لعقولهم أن تفك طلاسمها، وقلت في عقلي أنا الآن فعلاً حققت هدفي في تزعم الغابة، فكل ما أريده لا يمكن أن يقف أمامه أي مخلوق في الغابة.
وذات يوم وبينما يعيش رعايا مملكتي بكل أمن وأمان، وأصبحت تمتلك الأسلحة الفتاكة من عبوات ناسفة، ومدافع 60 ملم وأسلحة أوتوماتيكية رشاشة ومسدسات 7 ملم و8 ملم و9 ملم و13 ملم، والحال الاقتصادي على أحسن ما يرام، حيث لا يوجد جائع واحد فيها، والحريات الواسعة للسكان، ونسبة السكان آخذه بالتزايد المطرد، غزا مملكتنا مجموعة من البشر كلهم ملتحين وبأشكال قذرة، يحملون أسلحة، هاربين من الحكومة البشرية التي تطاردهم وتسميهم إرهابيين، وقد أمرت جميع أفراد مملكتي بعدم التعرض لهم، والتزام مساكنهم، وتقليل حركتهم، لأنني أعرف أن أي صدام معهم يعني فناء مملكتي عن بكرة أبيها ولن تكون المنازلة متكافئة بأي حال، لأن هؤلاء بشر ويملكون من العقول الإجرامية ما لا يمكن مجاراته، واستمر هذا الحال لبضعة أشهر، وذات يوم انهالت على مملكتي القنابل المتفجرة من الطائرات والمدفعية لضرب هؤلاء الإرهابيين المتجمعين من كل انحاء الغابات والمدن المجاورة وقد قتل الكثير منهم، وقتل الكثير من أفراد مملكتي، وشبت الحرائق الهائلة في كل أنحاء الغابة ودمر كل شيء، ولم يبقى من أفراد مملكتي سوى عدد قليل جداً يعد بالعشرات، وتم تدمير وحرق كل أسلحتنا، وقد أمرت الحكومة البشرية بتجريف هذه الغابة، وسألت ربي أن يضع حداً لحياتي، فاليوم لا أعرف مع من أعيش، هل أنا قرد أم إنسان؟.