وصلني هدية من الدكتور محمد مهدي صالح الراوي وزير التجارة السابق نسخة من كتاب قام بتأليفه بعنوان
(( درء المجاعة عن العراق)) ويتكلم فيها عن مذكراته عن سنين الحصار منذ عام 1990 الى العام 2003 والكتاب وصلني بيد الاخ الدكتور الاكاديمي وگاع الجبوري مشكورا..
ومن يطلع على تفاصيل ومذكرات هكذا كتاب يضم في طياته اكثر من 450 صفحه تقريبا يجد التصرفات الغريبة من دول تدعي بحقوق الانسان وما ارادت فعله هذه الدول الكبرى بأبناء الشعب العراقي وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية التي تدعي بديمقراطيتها المزيفة انها دولة محايدة لكل دول العالم ولكن الحقيقة عكس ذلك فلقد فعلت كل شيء قبيح من اجل تنفيذ اجنداتها الخارجية ومن اجل فرض غطرستها وعنجهيتها المتعنتة ضد ابناء الشعوب الذين يعيشون بسلام والذين منحهم الله كل الثروات الطبيعية على اراضيهم ولكن الشر يكمن في قلوب البعض ولا يمكن تجاوزه..
نعم هكذا فعلت بنا الولايات المتحدة الامريكية ومن معها من اذنابها من حصار جائر ذهب ضحيته الالاف من اطفال العراق ورجالهم ونسائهم…
تحدث الكتاب وبصوره تفصيلية عن الكثير من الامور الاقتصادية التي تتعلق بهذا البلد ولكون المؤلف هو احد رجال الاقتصاد في العالم ومشهود له بنزاهته وكفاءته العلمية واخلاقه العالية فان كل صفحة كتبها في هذا الكتاب تعتبر وثيقة رسمية صادرة من مرجعية اقتصادية موثوقة…
لقد تحدث الدكتور محمد مهدي صالح في هذه المذكرات عن الكثير والكثير من الظروف التي رافقت الحصار الجائر على العراق ويتحدث في احدى صفحاته ((عن كيفيه التزام كل دول العالم بالقرار المجحف 661 ولم تبقى سوى دولة واحدة وهي المملكة الأردنية الهاشمية التي اعلنت عن الوقوف الى جانب ابناء الشعب العراقي في حين ان كل الدول اوقفت شحن السلع المستوردة فور صدور قرار مجلس الامن في السادس من اب 1990 واعادتها الى مناشئها وكذلك اوقفت كل البضائع لتي كانت قيد الشحن واوقفت تفريغ البواخر التي كانت راسية في الموانع عدا باخرة قمح واحدة كانت راسية في ميناء العقبة في الاردن وتم اكمال تفريغها بقوة السلاح بأمر من رئيس الوزراء الاردني في حينها السيد مضر بدران حيث تواجدت قوة من الشرطة على ظهر السفينة لإجبارها على تفريغ الحمولة كما وتم منع شحن البضائع المفرغة في الموانئ بضمنها الفان طن حليب اطفال والتي كانت قيد الشحن في ميناء مرسين التركي وكذلك تم غلق منفذ ابراهيم الخليل من الجانب التركي والذي تم استعادته عام 1992 اما المشاريع الاخرى الموجودة داخل العراق فلقد اوقفت الشركات التنفيذ استجابة لقرار مجلس الامن المذكور))…
وهنا لابد للإشارة الى نوع الضرر والاجحاف الذي لحق في الشعب العراقي حيث ان اغلب هذه البضائع والممتلكات العراقيه قد تم مصادرتها من قبل هذه الشركات والدول او مطالبة العراق بدفع مبالغ مكلفه كإيجار لهم..
عزيزي القارئ الكريم انني وجدت في كتاب الدكتور محمد مهدي صالح (( درء المجاعة عن العراق)) الكثير من الوثائق التي تفضح زيف الولايات المتحدة ومن على شاكلتها بفرض الحصار الاقتصادي الجائر على ابناء هذا الشعب البريء وانهم كانوا باستطاعتهم اتخاذ اجراءات اخرى ضد النظام السياسي ولا تمس باي شيء اوضاع الشعب العراقي… وان الحديث عن تفاصيل الكتاب بحاجة الى مجلدات كبيره لان الكتاب هو ثمرة مجهود شخصية اقتصادية معروفة عالميا وله بصمه في مجال الاقتصاد العالمي وما زال كل ابناء الشعب العراقي يذكرون مواقفه الإنسانية ويكنون له المحبة والاحترام ويذكرون مناقبه الطيبة عندما تسلم مهمة وزارة التجارة وكيف استطاع ان يوفر لأبناء شعبه الغذاء والدواء وكذلك الحفاظ على اسعار المواد والسلع الاستهلاكية الأساسية..
نعم انه من الرجال الصادقين المخلصين لبلادهم والذين لا تعنيهم المناصب والجوانب المادية بشيء لا من بعيد ولا من قريب…
يعيش اليوم بعيدا عن ارضه ووطنه والمفروض من كل الحكومات المتعاقبة في العراق تكريم هكذا شخصيات وطنية لأنه خدم بلاده بعمله الوظيفي بإخلاص وتفاني ومن باب الشعور بالمسؤولية بعيدا عن مفهوم الأنظمة السياسية..
ان هكذا نمط من الرجال سوف يخلدهم التاريخ شاء من شاء وابى من ابى وسوف تبقى صفحاته تكتب امجاد هؤلاء بأوراق ناصعة بيضاء يتكلم فيها الشرفاء في كل مجالسهم..
نعم انه الدكتور محمد مهدي صالح الراوي الوزير العراقي الذي انقذ شعبه من درء المجاعة..