رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر ألعبادي المحترم
من المواطن العراقي ( المنتفض على الفساد والفاسدين )
إلى السيد رئيس وزراء العراق الدكتور حيدر ألعبادي المحترم
إن رسالتي هذه موجهه إليك مباشرة سيادة رئيس وزراء العراق كونك المسؤول التنفيذي الأول في العراق بحكم الدستور الذي منحك هذه الصلاحية . إضافة لكونك ابن هذا البلد العريق الذي توالت عليه النكبات والمصائب بسبب سياسات حكوماته الطائشة التي تعاقبت على حكمه منذ زمن ليس بالقريب رغم ثرواته المتنوعة والكثيرة وإرثه ألتأريخي والحضاري وموارده البشرية ذات الحضور المتميز في الداخل والخارج .
وهي الرسالة الأولى وقد تكون الأخيرة لكون الوضع الذي نَمرُ به اليوم لا يتحمل مزيداً من الرسائل لان الليالي حُبالى وستلد الأيام .. نعم ستلد أياماً أوضح نهاراً وأنْصَع شمساً وأكثر إشراقا . سيندحر ليل الحكومات السابقة الحالك بل هو قد اندحر حقاً ولملم أذياله مذعوراً أمام شمس الجماهير المحرقة والصوت الهادر لشعبنا المنتفض الذي صبر كثيراً على جرائم الحكومات السابقة واستهتارها بحق الشعب وخصوصاً حكومة المالكي في فترتها الثانية والتي أهلكت الحرث والنسل وجففت الضرع وأحرقت الزرع ومزقت البلاد شرَ ممزق .
نفذ صبر الشعب المقهور ( حد البكاء) وهو يشاهد أرواح أبنائه تُزهق والدماء تسيل أنهاراً في كل مكان وفي كل وقت ، ويرى أيضا خيراته وأمواله تبدد وتذهب إلى جيوب اللصوص والقتلة من سياسي الصدفة الذين استلموا مقاليد السلطة في غفلة من الزمان ’ بسبب سوء اختيار رؤساء الكتل الدينية والسياسية الذين دفعوا بهذه الحثالة ( من سقط المتاع ) إلى المقدمة مستغلين بساطة اغلب الناس وجهلهم وعاطفتهم الدينية وولائهم لبعض الرموز الدينية الذين كان لهم دوراً مؤثراً في مقارعة النظام البائد فجنى سياسيو الصدفة هؤلاء ثمار تضحيات تلك الرموز المرجعية ليستغلوها أبشع استغلال ويعيثوا خراباً وفساداً وسرقةً ونهباً بعد ان واتتهم الفرصة من حيث لا يحتسبون .
إن هؤلاء الذين تصدروا المشهد السياسي ( بفضل رؤوساء الكتل وجهل الشعب وهو المسؤول الأكبر عن هذه الانتكاسة ) ليست لهم من المؤهلات العلمية والنزاهة والكفائه الإدارية والحس الوطني ما يؤهلهم لقيادة بلد مثل العراق بمكوناته القومية والدينية والمذهبية والاثنية المختلفة ’ قد أوصلوا البلاد إلى ما وصلت إليه من الدمار والإفلاس والفقر والجهل والمرض وسوء الخدمات وتفشي الخراب في كل مؤسسات الدولة وهذا هو السبب الرئيسي لانتفاضة الشعب وخروج الملايين بتظاهرات عارمة ليكفروا عن ذنبهم السابق وعن صمتهم الطويل غير المبرر وهم يشاهدون بلادهم تسير نحو الهاوية فأعلنوها صرخةً مدوية بوجه السياسيين القتلة وسراق المال العام ( تحت عباءة الدين ) والدين منهم براء لذلك كانت الهتافات القوية الصادمة ( باسم الدين باكونه الحرامية )
نعم يا سيادة رئيس الوزراء إننا أبناء بلد واحد يعرف أحدنا نشأت الأخر وتأريخه وماضيه وحاضره لذلك اعتقد انك تتفق معي بان الدين والوطن والشرف والضمير براء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف ’ كذلك فان إمام الفقراء الإمام علي (علية السلام ) الذي يدعون الانتماء اليه ( زورا وبهتانا ) يلعنهم كل يوم بسبب شناعة أفعالهم وهو يصرخ بوجوههم الكالحة التي غطاها زيف الورع والتقوى بمقولته المشهورة عندما كان خليفةً في الكوفه والتي بقت خالدة عبر الأجيال المتعاقبة وهو يصف شخصية المسؤول والحاكم ( أيقال أمير المؤمنين وفي الحجاز او اليمامة جائع لا عهد له بالشبع ولا طمع له بقرص شعير ). فأين هؤلاء من الأخلاق والمثل العليا التي نادى بها وطبقها الإمام علي في حياته واثناء فترة حكمه واين هم من الدين الذي يمارسون سلطتهم تحت خيمته باعتبار انهم يمثلون احزابا دينيه كانت تعاني من المظلوميه والاضطهاد خلال فترة حكم النظام البائد وهاهم قد استلموا السلطة على طبق من ذهب وبدلا من البناء والأعمار وإسعاد الشعب البائس فقد تنكروا للمبادئ التي من اجلها تأسست تلك الأحزاب وقاموا بالانتقام من الشعب الذي سلطهم فسرقوا وقتلوا ونهبوا وبددوا ثروة البلد بحجة المظلوميه فكانوا المثال السيئ الذي لم يشهد العراق نظيرا له لا في تاريخه القديم ولا الحديث .
السيد رئيس الوزراء لكي نكون منصفين فليس هؤلاء وحدهم سبب مأساة الشعب ودمار البلد فهناك الكرد وهم القومية الثانية الأكبر بعد العرب فأن زعمائهم يرفعون دائما سقف مطالبهم التي تتعارض اغلبها مع مصالح الشعب ومصلحة ألدوله الاتحادية لصالح الإقليم بحجة المظلومية أيضا وحلبجه والأنفال ،ويهددون دائما بالانفصال لتشكيل دوله كرديه وهم سينفصلون حقا اليوم أو غداً على أساس حقهم التاريخي والجغرافي والقومي وهذا ما سيحصل في قابل الأيام وللحقيقة والتاريخ فأن سياسيهم وليس الشعب الكردي من يضع العقبات أمام بناء مؤسسات ألدوله بقصد او بدونه لذلك فهم أحد أسباب الدمار والخراب والفشل في بناء ألدوله الاتحادية
وهناك أيضا السياسيون الذين يمثلون المكون السني المشاركون في المنظومه السياسيه الحاكمه فهم لايهمهم أمر المكون بقدرالأهتمام بمصالحهم لذلك فأن أبناء المكون السني قد رفضوا أغلبهم جهارا نهارا وللعلم فأن هؤلاء السياسيين يقفون في أغلب الأحيان بالضد من قرارات الحكومه ،الصحيحه منها وغير الصحيحه ، المهمه وغير المهمه ،بسبب سوء الظن وعدم حسن النيه بين المتصدرين للمشهد السياسي ولأسباب معلومه يعرفها الجميع
السيد رئيس الوزراء: بعد هذا الاستعراض الذي لا بد منه كما أعتقد وللأسباب التي ذكرتُها آنفاً فأن الشعب قد سئم من الوضع المتردي ونفذ صبره كما أسلفت فخرج منتفضاً ومطالباً بإصلاح النظام السياسي والحكومي إصلاحاً جذرياً وليس ترقيعياً ومحاسبة الفاسدين في الحكومات السابقة والحالية ، وكلنا قد شاهد قيام المتظاهرين بإحراق صور رموز الفساد علماً إن الغالبية العظمى من المتظاهرين هم مَنْ أنتخب هؤلاء الفاسدين وهاهم اليوم جاؤا تائبين ونادمين ومصرين على التغيير والأصلأح ، وعلى الرغم من إن هؤلاء المتظاهرين هم مَن أنتخبك أيضا إلأ إنهم قد أفرزوك عنهم لحسن الظن بك ( مع العلم انك من نفس الكابينة ) وقد منحوك تأييدهم فلا تخييب آمالهم ولا تخذل هذا الشعب المكلوم.
سيادة رئيس الوزراء : للأمانة والتأريخ فالكل يعلم إنك استلمت من سلفك المالكي بلداً محطماً وخاوياً ،….خزينة فارغة ، وثلث أراضي العراق تحت سيطرة داعش ،خلل وشلل وفشل في كل المفاصل،في ألزراعه والصناعة والصحة والتعليم والسكن والأعمار والبناء و..و…وفي كل شيء إلأ في القتل والفساد والسرقة ، ولكنك تصديت للمسؤولية الصعبة وقبلت التحدي لوحدك علماً إن أغلب الشركاء كان يقف بالضد منك. وها قد جاءتك ألفرصه الذهبية التي لم تتوفر لأحد الرؤساء لا مَن كان قبلك ولا مَن يأتي بعدك، فالشعب قد فوضك أمره، والمرجعية العليا والتي لم تعط لأحد مثلما أعطته لك ، فقد خولتك أن تضرب بيد من حديد على رأس كل فاسد أثيم دون أن تلتفت أو تخشى من موقف المكون أو ألكتله أو الحزب الذي ينتمي إليه ذلك الفاسد ،وأعطتك الدعم الكامل وغير المحدود بالمضي في خططك الأصلاحيه .فماذا تنتظر بعد ذلك ؟ فلقد حصلت على أقوى سندين رئيسيين وهما الشعب والمرجعية العليا،فما أشبه اليوم بالبارحة مع اختلاف القياس،والقصة المشابهة في الموقف أنت تعرفها جيداً سيادة رئيس الوزراء وبطلها المقداد بن الأسود الكندي مع ثله من المسلمين ، فلقد جاء المقداد إلى النبي محمد(ص)في غزوة بدر وخاطبه بما يلي (نحن لا نقول لك مثلما قال بنو إسرائيل لموسى(ع) يا موسى أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، بل نقول أذهب أنت وربك يا محمد فقاتلا إنا معكما مقاتلون.).
إنني أوردت هذه القصة للدلالة ليس إلا مع اختلاف القياس كما ذكرت ، لأن البلد اليوم على كف عفريت لذلك يتطلب تضافر جهود الكل وهاهو الشعب قد فوضك أمره والمرجعية أعطتك كل دعمها،فسر والكل معك ولا يثنيك أو تخشى زعيق المعترضين بحجة إن هذه الإصلاحات تتعارض مع بعض بنود الدستور وتناسوا بأن الشعب هو الدستور، لكن الحقيقة إن هذه الإصلاحات ستفقدهم مناصبهم وامتيازاتهم المادية والمعنوية.
السيد رئيس الوزراء: لابد من استذكار أبيات ألجواهري التالية
فضيَق الحبل وأشدد من خناقهم…… لر بما كان في إرخائه ضرر
تصور الأمر معكوساً وخذ مثلاً…… ماذا يحل بنا لو أنهم نُصروا
تاالله لقتيدَ زيدٌ باسم زائدةٍ ……….. ولأكتوى عامرٌ والمبتغى عمرُ
الدكتور المحترم: لقد أثلجت صدورنا اليوم عندما أعلن مجلس النواب المكتظ بأعضائه حد التخمة ( بسبب خوفه من شارع المتظاهرين عيني باردة عليهم) موافقته على ألمجموعه الأولى من قرارات الإصلاح والتي ستتبعها بألتاكيد قرارات وقرارات على اعتبار إنها أول الغيث.
أعلنها ياسيادة رئيس الوزراء ثوره عارمة على رموز الفساد والفاسدين وإبدأ بالأقربين وقدمهم للعدالة لينالوا جزاء ماأقترفته أيديهم ونفوسهم الضعيفة وليكونوا عبره لمن أعتبر،وأولهم الفاسدين والمتخاذلين من أعضاء الحكومة ومجلس النواب السابق الذين فرطوا بأرواح أبنائنا وبددوا أموالنا وخربوا بلادنا وسلموا ثلث أراضي العراق إلى داعش.
أتفق معك إن مهمتك ليست بتلك ألسهوله ولكنها ليست صعبه للمقتحم الجسور سيما وإن الشعب والمرجعية يقفون معك ويوفرون لك الدعم والحماية، فأنت لست وحدك ، ولقد بدأت فعلاً بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء وتقليص الحمايات لكبار المسئولين ونحن بانتظار المزيد ومنها تشكيل حكومة طوارئ مختصة وكفوءه ونزيهة بعشر وزارات وإذا تعذر ذلك فيجب ترشيق الوزارات وتنظيفها من الفاسدين وإلغاء الزائد منها ودعوة الكفاءات العراقية من الداخل والخارج لقيادة تلك الوزارات ، ثم دمج أو إلغاء المؤسسات والهيئات المستقلة الفائضة عن الحاجة لأنها تشكل عبئاً مالياً كبيرا على ميزانية ألدوله و إصلاح المنظومة القضائية والتي هي احد الأعمدة الرئيسية في النظام الديمقراطي ، وأخيراً يجب الالتفات بقوه إلى بؤرة الفساد الكبيرة في المحافظات وتطهيرها من المحافظين الفاسدين وكذلك مجالس المحافظات تلك الحلقة الزائدة التي تشكل عبئا ماليا أيضاً على الميزانية بالأضافه إلى إنها العامل المعطل لحركة الأعمار والبناء والخدمات كون أغلب أعضائها يفتقرون إلى الكفاءة والنزاهة وهم يشكلون مع المحافظين العقبه الرئيسية التي تعرقل مسيرة البناء والتطوير في جميع محافظات العراق عدا محافظات كردستان، وأن المشكلة الرئيسية التي تجابه عملية إصلاحها أو إلغائها كونها مُقره في الدستور فهي تأخذ مشروعيتها من الدستور الذي كُتب على عجالة لذلك من الخطوات المهمة التي يجب اتخاذها بشكل سريع هو الضغط على البرلمان لإعادة كتابة الدستور.
في الختام أتمنى لك التوفيق وللشعب العرقي الخير والسؤدد وأن يجتاز بلدنا هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها بتكاتف وتضافر جهود أبنائه الشرفاء.
مشيناها خُطىً كُتبت علينا….. ومَن كُتبت عليه خُطىً مشاها