عاد من دائرة الهجرة والجوازات في البرامكة بعد ان مدد اقامته اخبرني وهو متألم حيث صادفته في الطريق عرّافة رمى لها بضعت ليرات في وعائها النحاسي فأخبرته بانه سيموت وحيدا في هذه الغربة رغما عنه ..وانه يرى جدران الشقة وكأنها تنطبق عليه وتحدق به رعبا وخوفا.!
فضحكت كثيرا على روايته من قراءة العرافة حتى المني بطني.. وهو يردد كيف لي ان اموت بالغربة بين هذه الجدران واترك زوجتي واولادي في العراق… ولم ينم ابا عمار في تلك الليلة وهو يستغفر كثيرا حتى ايقظني من النوم في منتصف ليل شتائي حزين يكاد يقطر دموعا وهو ينتحب بصوت مكتوم، والدمع ينزلق على جانبي خديه، وسالته ماذا حدث لك ابا عمار، يبدو أن سؤالي قد زاد جرحه اتساعاً ، اجابني بصوت متقطع اخي انا سأسافر غدا لأني اعيش بقلق كبير .. حاولت ان اثنيه عن قراره هذا الا انه صدق كلام ألعرّافة قائلا: انا اعترف انني اكاد اصدق كلامها حيث اجلس وحيدا بين جدران هذه الشقة لا يشاركني ابنائي فيها متعة الحياة ولكني لا أنسى صداقتك ولا انسى اني شكوت لك همومي ولكن لا يفارقني كلامها واتخيل موتي ها هنا اتخيل نفسي وانا أتأمل ان اعود لأولادي وعائلتي مرغما على ذلك وقام بحزم حقائبه وودعني في الصباح ليسافر الى عائلته بناء على قراءة ألعرّافة.. وبعد يومين اتصل بي وهو يضحك سأعود اليكم بعد اسبوع ولكن هذه المرة معي زوجتي واولادي…