18 ديسمبر، 2024 8:56 م

من لا يريد ترك مسرح الثريد

من لا يريد ترك مسرح الثريد

من أصعب القرارات التي يتخذها هواة الثريد هي الدايت, ولأن الهوايات وجدت لكي تروح عن النفس وتذهب بالوقت المسمى فارغ الى ما فيه متعة فيما لو كان الوقت المخصص للفائدة كامل الدسم, يبدوا جليا ان هنالك فرق ما بين الاقدام على الدايت بشكل يمثل قرارا فرديا نابع من ارادة الخلاص من الوزن الزائد لاسباب صحية او جمالية, وبين قرار دايت ليس مبني الا على الرغبة في التجربة, وبالطبع ان قرار التجربة قد لايصمد طويلا امام مغريات الهواية فليس من دافع قوي بالدرجة التي يمنح صاحب القرار الدفع المناسب لاستمرار سير عجلة العملية التي تسمى دايت, ومن ناحية اخرى ان الدايت ليس الزاميا لو كان الشخص يقوى على مزاولته في كل مرة يقرر فيها حاجته اليه, الا انه الزامي حين القرار, وهنا يقف عند مفترق طريقين اما او, ولأجل ان يكون الجواب المساند للقرار مساندا فعلا, يمكن للشخص المتجه للدايت ان يكتفي بالتجربة قرار, فالتجربة وحدها كفيلة بأن تكون قرار تجاه مسرح جريمة الثريد, من باب اولى ان تكون والا ما العبث الذي يعيشه يرى زيادة الوزن تلعب باعصابه تارة على الصعيد الجمالي او الصحي وتارة اخرى كتحد قائم بأنه لا يستطيع تغيير حياته, حتى فيما يخص الاكل, ما الذي يحدث فعلا؟, هل يتمكن محب قرار الدايت من ان يقرر الاستمرار في طلب الحرية من مرحلة اللا قرار, ما الذي احبط فيه معنى الارادة ان لم يكن الطعام اللذيذ هو فعلا ليس اكثر من رمز لعدم القدرة على التغيير, لعدم القدرة على اتخاذ القرار مهما يكن سطحيا, فما الذي يحتاجه الانسان اكثر ليكون بمعزل عن ذاته اكثر من تأكيده الاغلال الرمزية التي يتعذر بها, الا يعتبر تغيير نوع وكمية الطعام مجرد وهم استمكن كعقبة امام أي محاولة تفكير في تقدم وتطوير للذات, ليس هذا سؤالا بل تأكيد على ان مجرد السؤال قد يجعل الجواب مذلا للدرجة التي يشكل عبئ هذا العجز تجاه لقمة طعام لا تزيد ولا تنقص من انسانية أي انسان الا في نظرته لنفسه قبل نظرة الاخرين اليه, ان ما ينفع من الطعام ليس بابا للنقاش بل ما هو الوقود الفعلي المراد منه لهذا الجسد ان يسير تجاه تقدمه العقلي وتطوره الفكري وتنوره الروحي هو الاساس لكل نقاش عن كم ونوع طعام, فلماذا الاستهانة بمفهوم الانسان وبناء وهم من عدم القدرة كبديل لحوافز التقدم التي لا حصر لها, يكفي ان يكون ترك هواية الثريد وحدها حافز قادر على ان يصحح بعد نظرنا الى ما بعد مدى الكرش فوق الحزام, وان لم يكفي فعلا ان تكون الصحة والجمال الجسدي حافزا قويا, فوحدها فكرة ان لا نستطيع الوصول الى الوزن المثالي محبطة, وتشعرنا بالتخلف عن كل ما وصل اليه العلم في تكوين هذه الصورة وتحديد رقم يظهر في ميزان كل شخص يواكب تقدم العلم, بالتالي ليس هنالك ما يكفي ليدفعنا للدايت اكثر من العلم, واكثر من التأكيد على قدرتنا باتخاذ القرار, ولو لم تكفي كل هذه المبررات للدايت, فهذا أسوأ لا قرار اتخذناه بحق جسدنا وإنسانيتنا.