من مسلمات بقاء واستمرارية الشعوب الحية وعلى مر العصور هو مدى قدرتها على استشعار الخطر ومعرفة نوعه ومصدره وبالتالي وضع العلاج المناسب للتعامل معه وكذا يمكن ان يكون الحفاظ على اي مشروع او قضية في مدى قدرتك على ان تستشعر ذلك الخطر قبل وقوعه بفترة مناسبة لكي تضع الحلول وتتخذ الاجراء المناسب الذي يحيد ذلك الخطر او يقضي عليه او يقلل اضراره على اقل التقديرات
.
وبالمقابل فأن الخسارة والتلاشي والفشل تأتي لاسباب يقف في مقدمتها عدم اخذك الحيطة لما يمكن ان يواجهك من مصاعب واخطار وعدم تنبهك وتنبيه من حولك بما يمكن ان تسببه تلك الامور التي ربما تصل الى حد انهاء وجودك كما يمكن ان يكون من حولك هم السبب في هدم البناء والتشييد بسبب عدم اكتراثهم تارة او ضعف استشعارهم تارة اخرى او تعمدهم بعدم الاصغاء لاصوات التحذير ودعوات التنبيه
.
وفي العالم الحديث نرى الدول الكبرى تغادر حدودها الادارية والسياسية لتذهب بعيدا من اجل الحفاظ على مصالحها وابعاد الاخطار عنها وتخوض حربا مستمرة مع عدوا تفترض انه سيشكل خطرا على امنها ووجودها اما الاستكانة وانتظار ما سيحدث فانه سيفقد الامة الحيوية واليقظة والحذر وبالتالي الغرق والهلاك في اتون الاخطار حيث سينتفي فائدة تقديم النصح وسينتهي دور الكلام وستضيع حروفه في الضجيج ودوي الات تلك المخاطر
.
العراق اليوم وعلى لسان جميع رجال سياسته ودينه وادبه وفنه وثقافته واعلامه يمر بأزمة تنذر بشر مستطر وتلوح في الافق حربا لا تبقي ولا تذر لن توقفها مبادرة ولا دعوة ولاحكمة ولا حتى تقسيم واقاليم ستبدأ ولن تنتهي ، تغذى بحطب التدخلات ويصرف على وقوعها اموال اختلطت فيها العملات ومصادرها وتسمياتها يراد لها ان تأخذ ابعادا دينية وقومية وطائفية وعقائدية وعشائرية وبأدوار وبسيناريوهات محبوكة على ايدي افضل صناع روايات الموت والدمار ،يجري هذا كله وابناء البلد يكاد يكونوا مستسلمين سائرين نحوها بغفلة شديدة او عدم اكتراث او دراية لما يمكن ان يحل ببلدهم.
من بين ذلك كله تنبري اصوات العقل والحكمة لتطلق صرخة استشعرت الخطر لتحذر منه ولاتكتفي فقط بالاستشعار والتشخيص بل تضع الحل الانجع في ظل هكذا اوضاع وكخطوة اولى نحو ايقاف التداعي جاءت مطالبة رئيس المجلس الاعلى لعلية القوم واصحاب الحل والعقد بأن يجتمعوا ولو رمزيا بعد ان باءت محاولات اجتماعهم بنوايا فعليه للحل ليهدئوا ويطمئنوا ابناء شعبهم بأنهم رمزيا يهمهم مصلحة الوطن ورمزيا حريصون على حرمة دماء ابناءه ورمزيا كذلك بأنهم يعلمون بمدى خطورة ما وصلت اليه الامور.
لا اعتقد ان احدا من المعنيين لم يسمع صرخة الحكيم بعد ان تناقلتها الالسن والاقلام ليس على مستوى الوضع الداخلي بل تعدته لاهتمامات دولية استشعرت هي الاخرى حجم المحنة التي يراد ان يدفع لها العراق، فرددت صدى تلك الصرخة وعبرت عنها بكامل الحواس البشرية ، ومن لم تسعفه حواسه لاستشعار رسالة تلك الصرخة بسبب علة ما او ان اذانه اصابها صمم التعالي والغرور اللا ابالية فعليه ان يرى الاشارة التي تعبر عنها تلك الصرخة عسى ان يوجد فيه جزءا لازال قابل للأستشعار ويهب لتدارك الوقوع في الهاوية التي ساهم هو قبل غيره في الاقتراب اكثر فأكثر منها.