يكاد يشترك اغلب سياسيي العراق الجدد بصفات عديدة منها الفساد والطائفية والانانية وقلة الوطنية والقباحة وسوء المظهر.
وانا اقود سيارتي ذاهبا الى العمل (يسميه الناس الدوام في العراق) صباح خمسة ايام في الاسبوع, اهاتف صديقي ابراهيم نور الزيادي الذي يكون كذلك قائدا سيارته ذاهبا لعمله الواقع في وجهة أخرى في المدينة.
نتناول سير الشخصيات والاحداث والتطورات السياسية والامنية في العراق. يتركز حديثنا تقريبا كل يوم على آخر أخبار فشل الحكومات وسرقة المقدرات وعقد الصفقات وعقم السياسات وشدة الصراعات وتزايد المعاناة…الخ.
كلما بانت في الافق اشارة لاصلاح حال العراق تنعش آمالنا, تموت قبل ان تدركنا فتموت بموتها آمالنا. تحيى من جديد آمالنا مع كل تصريح قوي من سياسي عراقي في مركز صنع القرار لمحاربة الفساد, وتخمد حين يبرد شر التصريحات بعد ان “تبخه” تدريجيا مياه حيتان الفساد الكبيرة.
بعد معاناة وجهد جهيد وجدل طويل استسلمنا وقبلنا بالآمر الواقع واقررنا بعجزنا وكل العراقيين الخيرين عن اصلاح الحال ووضع حد للفساد وسرقة المال العام, وبدأنا نناقش فشل من نوع آخر الا وهو فشل السياسي السارق من استثمار المال المسروق استثمارا صحيحا.
قال ابراهيم لو كنت في الآخرة الملك الذي يحاسب سراق المال العام من سياسيي العراق الجدد لحاسبتهم ليس على سرقة مال العراقيين فحسب بل على الفشل في استثمار المال المسروق, فسارق السيارة في الدولة التي فيها نعيش, يضرب ابراهيم لي مثلا, يعاقب, اضافة الى جريمة السرقة طبعا, على كل المخالفات المرورية التي يرتكبها اثناء مطاردته من قبل الشرطة.
اذن يستحسن بالسارق ان يتبع القوانين السائدة للاستفادة القصوى من سرقته والا يجب مضاعفة عقوبته, فالسياسي الذي يعلن استعداده لتعويض متضرري رحلة طيران اعادها ابنه الى حيث اقلعت لانها لم تنتظره حري به ان يصلح اسنانه بجزء مما سرق أولا.
كي يصلح المدينة العراقية ويجعلها جميلة تسر الناظرين كما هي دبي او نيويورك, على المسؤول العراقي ان يميز بين القبح والجمال, ومن لم ير القبح في فمه دون اسنان لايستطيع ان يرى قبح المدينة دون متنزه او ملعب او كورنيش.
اذا لم تكن الملايين التي يجنيها المسؤول العراقي دون جهد يذكر لاتكفي لاصلاح اسنانه فكم من المليارات اذن سيحتاج لتجميل المدينة؟