18 ديسمبر، 2024 10:14 م

من لامانوسوف الى كارامزين

من لامانوسوف الى كارامزين

اتابع دائما – وبكل سرور وحماس – أخبار كليّة الفيلولوجيا بجامعة موسكو , التي درست فيها قبل أكثر من نصف قرن , اذ انها بالنسبة لي شخصيا ( بيتي الثاني !) , وقد اطلعت الان ( ونحن في الربع الاخير من عام 2022 ) على نشاطها الثقافي خلال عام 2021 الماضي , وتبين , ان ألاقسام العلمية المختلفة في كليّة الفيلولوجيا قد قامت ب ( 29) نشاطا علميا خارج مسيرة الدراسات الاعتيادية اليومية ومتطلباتها الاكاديمية المعروفة , نشاطات مثل المؤتمرات العلمية والندوات والسيمينارات وجلسات ( الطاولة المستديرة )….الخ … في شتّى مجالات العلوم الفيلولوجية ( اللغات وآدابها ) في ذلك العام المنصرم , ولم اندهش طبعا نتيجة هذا الرقم ( الرائع !) من تلك النشاطات العلمية المتنوعة هذه , وذلك لأني أعرف المستوى العلمي الرفيع لكليّتي الحبيبة , ولكني قررت كتابة عدة سطور وجيزة للقارئ العراقي (و العربي بشكل عام طبعا ) حول تلك النشاطات العلمية وابعادها العميقة , لتذكير هذا القارئ , اذ لعل هذا التذكير سيؤدي به عندها الى محاولة ( وهو اضعف الايمان !) كي يقارن في الاقل بين واقع كليّاتنا وجامعاتنا وبين واقع كليّاتهم وجامعاتهم …. التذكير ليس الا …ان نفعت الذكرى …
لا يمكن طبعا استعراض كل تلك النشاطات العلمية , ولكن يمكن الاشارة الى مضامين بعضها , ثم التوقف قليلا عند نموذج واحد من تلك النشاطات , والتي اخترنا عنوان مقالتنا من شعارها المركزي , وهو – (من لامانوسوف الى كارامزين ) .
مضامين بعض تلك النشاطات تتمحور حول شخصيات علمية بارزة في مسيرة الكليّة , منها البروفيسوره غورشكوفا , بمناسبة الذكرى المئوية لميلادها , والتي جرت تحت شعار – (العالمة والمعلّمة والانسانة) , ورافق هذه الفعالية العلمية معرض صور لكل مراحل حياتها , وكذلك كان هناك معرض لمؤلفاتها من كتب وبحوث علمية . غورشكوفا كانت استاذتنا في ستينيات القرن الماضي , وكانت معروفة بصرامتها وجديّتها وعلميتها , وكانت لها الكلمة الاخيرة و الحاسمة في كل النقاشات العلمية حول مشاكل وقضايا اللغة الروسية المعاصرة في كليتنا آنذاك , حيث كانت واحدة من ابرز الاساتذة في قسم اللغة الروسية المعاصرة . عند اطلاعي على برنامج تلك الفعالية , تذكرت اسماء اساتذتنا الراحلين في كلية اللغات بجامعة بغداد , والذين لا يذكرهم الان الجيل الحالي من الطلبة وحتى الاساتذة الجدد في الكليّة مع الاسف , اسماء مثل حياة شرارة ومحمد يونس وماري القطيفي وعلي منصور وخالد اسماعيل ويوسف قوزي..و..و..و.. وتساءلت , متى نرى ولو فعّالية بسيطة لاستذكار هؤلاء الاعلام في مسيرة كليّتنا الحبيبة ؟ ولماذا لا يمكن ولو اصدار كتيب متواضع يضم اسماء وصور ونتاجات تلك الكوكبة اللامعة من العلماء العراقيين ؟ وقائمة هذه الاسماء كبيرة وطويلة طبعا اذا اردنا ان نتكلم عن الكليات الاخرى في مختلف الجامعات العراقية , واعتذر من ابراهيم السامرائي وشاكر خصباك وطه باقر وكمال مظهر وعشرات الاساتذة الافذاذ الآخرين , وانا اتمتم بيني وبين نفسي – (….لقد أسمعت لو ناديت حيّا …..).
الفقرة التي نريد التحدّث عنها قليلا , ختاما لمقالتنا حول هذه الفعاليات الثقافية في كليّة الفيلولوجيا , هي المؤتمر العلمي , الذي قام بتنظيمه قسم تاريخ الادب الروسي , و تناول هذا المؤتمر دراسة تاريخ الادب الروسي في الربع الاول من القرن الثامن عشر , و جاء تحت عنوان – من لامانوسوف الى كارامزين ( يكتبون بالعربية اسم لامانوسوف بصيغ عديدة , منها – لومونوسوف // لامونوسوف … الخ) . الادب الروسي في القرن الثامن عشر هو- واقعيا – المرحلة ( التأسيسية) , ان صحّ التعبير , لهذا الادب , والذي اصبح في القرن التاسع عشر واحدا من آداب العالم البارزة والمعروفة بنضوجها وعمقها وتأثيرها , ولهذا , فان دراسة بدايات هذا الادب في القرن الثامن عشر مسألة في غاية الاهمية لفهم الابعاد الحقيقية للادب الروسي ومسيرته اللاحقة . يؤسفني ان اشير هنا , ان القارئ العربي يعرف هذه المرحلة في تاريخ الادب الروسي بشكل (ضبابي !) ليس الا , ويؤسفني ان اقول ايضا , انه لا يوجد بيننا , نحن العرب الذين درسنا الادب الروسي في روسيا , من اختص بدراسة ادب القرن الثامن عشر . ولكل هذه الاسباب مجتمعة , توقفت انا عند هذه الفقرة طويلا واطلعت على تفصيلاتها , والتي صاغها بدقة مختصون كبار في دراسة تلك المرحلة ,و لهذا جاءت هذه التفصيلات شاملة جدا , وقد تم تقسيمها في ستة اتجاهات , وهي – ادب القرن الثامن عشر في السياقات السياسية والاجتماعية والايديولوجية // ادب القرن الثامن عشر في تاريخ الادب الروسي والفلسفة والفكر الاجتماعي // لامانوسوف والادب الروسي // كارامزين والادب الروسي // بوشكين والادب الروسي للقرن الثامن عشر // الادب الروسي بالقرن الثامن عشر في سياقات الادب العالمي .
تذكرت – وانا اطالع تفاصيل هذا المؤتمر العلمي – بالمثل الروسي الذي يقول – عش قرنا ادرس قرنا , وهذا المثل الروسي هو طبعا الترجمة ( التطبيقية !) للقول العربي الخالد – اطلب العلم من المهد الى اللحد …..