-1-
التمعت في سماء الأدب والثقافة والمعرفة، أسماء احتلت مواقعها المتميّزة ، ونالت خطوة ملحوظة في دنيا الأعلام ، ومشاهير الرجال …
ومن تلك الاسماء (كشاجم)
قيل :
{ انه كان طبّاخَ سيف الدولة ، ومع هذا فقد كان شاعراً ظريفاً }
ضحى الاسلام /1/139
( وكشاجم : كلمة مركبة من :
الكاف : من كاتب
والشين : من شاعر
والألف : من أديب
والجيم : من جواد
والميم : من مُنجّم )
المصدر السابق /139
-2-
ان الفارق بين (الطبّاخ) الذي يدخل نادي الكُتّاب والأدباء والشعراء، وبين (الجامعي) الذي يلجأ الى (كاتب العرائض) ليكتب له طلباً يتقدم به للتعيين في احدى الدوائر الرسمية، لكبيرٌ جداً..!!
-3-
ما معنى عجز (الجامعيّ) عن كتابة سطرين، يطلب بهما تعيينه في دائرة رسمية، لايتضمنان الا الكشف عن رغبته في التعيين، مع ذكر سنة التخرج مع بعض التوضيحات اللازمة …؟
انه الفشل المطلق …!!!
وانعدام الثقة بالنفس،
والزهد بكل المقوّمات الحقيقية للشخصية …
-4-
ان معظم الطلاّب يهمهم النجاح في الامتحان ، ولا يهمهم ان يكونوا رجال معرفة وثقافة ..!!
ومن هنا تبدأ ملامح (الأميّة) الثقافية المرعبة ..!!
-5-
ان كتب الأدب والتراجم والتاريخ والسيرة، لاتخلو من ذكر شعراء كبار كانوا أميين ، ولكنهم أصحاب مواهب استطاعوا من خلالها العبور الى الضفة الأخرى .
ودونك مثلاً :
الخبز أرزي
والخباز البلدي
وأضرابهم
-6-
ان المجالس الحسينية استطاعت ان تخّرج جيلاً مُلماً بحوادث التاريخ ، ومِذْواقاً يحفظ الشعر ، ويجيد الاستشهاد به فلماذا تكون المدارس الحديثة
بمناهجها المفصلّه ، وسنواتها الدراسية المكثفة، شحيحةً في تخريج أمثال اولئك العصاميين ؟!
-7-
ان أشدّ ما يُقرح القلوب ، أنك تسمع أشخاصاً يحتلون مراكز عالية، وهم لايميزّون بين (المجرور) و(المرفوع) من الاسماء ..!!
-8-
أمّا الأخطاء الاملائية فحدّث عنها ولا حرج ، وهي من الشيوع والكثرة بمكان ..!!
-9-
ان البراعات بَدَلَ ان تكون في المجالات الايجابية النافعة للأمة ، أصبحت ظاهرة بارزة في المجالات السلبية ….
فالحيل التي تتفتق عنها أذهان الفاسدين المفسدين من عصابات اللصوص والمختلسين رهيبة ، وقد استنزفت الكثير من ثروتنا الوطنية ، وأعاقت انجاز المشاريع الحيوية، وعطلت حركة الاعمار والتنمية والبناء ، وبالتالي كرّست البؤس الاجتماعي ، والعناء الكبير الذي يضّجُ من وطأته المواطنون
وهكذا أصبحت المعادلة :
النافع المفيد نادر وبعيد ..!!
والضار المُكلف حاضر وشديد …!!
-10-
وهل سأل (المحدثون) أنفسهم :
كيف ساغ لهم اتقان اللغات الاجنبية وهم يتشدقون بها، والجهل بأبجديات لغتهم الأم ؟
أليست هذه من المفارقات المرّة التي لابُدَّ ان يتلافوها ..؟!
-11-
كان بعض الأدباء في الجيل السابق، ولعل القليل من الأباء في هذا الجيل من يجري على نهجهم – يخصصون جوائز نقدية – لأولادهم حين يحفظون الأشعار ، وهم يختارون لهم ما يحفظون ، ويواصلون تنمية حسهم الأدبي واللغوي .
وآباء هذا الجيل في معظهم لايحسنون من الشعر شيئاً ، فكيف يُعطون مالا يملكون ؟
ان فاقد الشيء لايعطيه ..!!
-12-
استمعت الى أحدهم ، وهو ممن درس (العروض) – علم الأوزان والقوافي- فوجدتهُ يقرأ البيت مكسورَ الوزن .
أراد ان يستشهد بالبيت الشهير لأبي تمّام:
ليس الغبيّ بسيّد في قومهِ
لكنَّ سيّدَ قَومهِ المتغابي
فلم يحسن قراءته بشكل صحيح ..!!
فاذا كان هذا حال من درس العروض فكيف يكون حال البعيدين عنه ؟!
-13-
وكثيراً ما يتحول (الشِعْرُ) الى (نَثَر) مبعثر، على لسان ذوي الرغبة في الظهور والصعود، دون ان يتعبوا أنفسهم بالدراسة اللازمة ، والإعداد الكافي.
-14-
ووجدت كاتباً معاصراً يستشهد يقول من اسماه (احدهم) :
تموت الأسودُ في الغابات جُوعاً
ولحمُ الضأن تأكلُه الكلابُ
والصحيح : تموت الأُسْدُ في الغابات جوعاً .
انه لايملك الاذن الموسيقية التي تحس بانعدام الوزن في البيت !!
ولا يحسن علم العروض ..!!
ثم انه ينسب الأشعار جزافاً الى غير قائليها :
قال :
” أنشد عليّ بن الجهم بائيته الشهيرة أمام الخليفة المتوكل :
ملوك بني العباس في الكتب سبعة
ولم تأتِنا في ثامنٍ لَهُمُ الكُتْبُ
وهي لدعبل الخزاعي لا لعلِّي بن الجهم .
وثامن الملوك من بني العباس هو المعتصم الذي كان أميّاً ..!!
وأكبر ما يحتجون به عند المحاسبة :
أنهم يخاطبون أمثالهم ، وهؤلاء لا يملكون القدرة على التمييز بين الصحيح والسقيم ..!!
وهي حجة هزلية مرفوضة ..!!
-15-
وهكذا تعن الحاجة الى التذكير بأهمية الانتهال من الينابيع الصافية ، لتقويم اللسان ، وامتلاك ناصية البيان ، بعيداً عن اللحن والأخطاء ، والسعي لتنضيج الأجواء ، بالعبق والأشذاء ….
انها دعوة مخلصة للنهوض من الكبوة ، وردم الفجوة والجفوة .
*[email protected]