شخصية محمد باقر الصدر قدس سره شخصية تعتبر علامة بارزة في الفقه الامامي والحوزة العلمية وتاريخ النجف ، هذا الرجل يعتبر فلتة فكرية وموهبة خارقة في التفكير والاستنتاج والاستنباط ، وقد اخذ شهرته من بعض مؤلفاته وفتاويه وموقفه السياسي ، ولست بصدد الحديث عن نتاجاته لكن الحديث عن من كتب سيرته ؟
حقيقة كل المؤلفات التي أُلفت عن سيرته بحاجة الى مراجعة ، قد يكون كتاب (سيرة ومسيرة ) للشيخ احمد زيد العاملي هو الاهم لانه جمع من الجميع سيرة السيد ، وهنا لابد لنا من التنويه الى الاتي
من خلال مطالعتي لهذه الكتب لا سيما سيرة ومسيرة كانت صحف المعارضة في ايران هي المصدر لكثير من محطات السيد منها لواء الصدر، المبلغ الرسالي، الجهاد، بدر، وغيرها ، وهذه الصحف كتبت عن الرعيل الذي عايش السيد الصدر خلال فترة نهاية السيتينيات حتى قبل سنة من استشهاده ، فهنالك من يقول انا تحدثت مع السيد وهناك من يقول قيل لي ، والفرق بين الاثنين شاسع وواسع .
لكن موسوعة سيرة ومسيرة هي التي اخذت من وقتي في المطالعة ، ولا اخفيكم سرا من طبعي اذا ما وجدت معلومة خطأ او نقلت خطأ في أي كتاب تجعلني اهمل الكتاب واذا احتجت له اقوم بالتحقق من المعلومة ولا اعتبره مصدر حتى وان صحت عنده المعلومة .
في سيرة ومسيرة ذكر المؤلف العاملي في بداية الجزء الاول نصيحة السيد الخميني والسيد الخامنئي بضرورة تدوين كل صغيرة وكبيرة مهما كانت سلبية او ايجابية حتى تكون توثيق للسيرة والمسيرة .
الصغيرة والكبيرة لا يقصد بها التصرفات الشخصية العائلية ، هذا اولا ، وثانيا المجتهد انسان كما انا وانت انسان له تصرفاته الطبيعية مع افراد عائلته او اصدقائه فليس من الصحيح تدوين كل هذه التصرفات فبعضها لا يليق نشرها لخصوصيتها وعدم تاثيرها على علميته ، فالصغيرة والكبيرة هي محطات تدريسه وتاليفه وحواراته مع الاخرين وحتى هذه الحوارات قد لا يكون من الصحيح نقلها بالنص .
على سبيل المثال ذكر الشيخ العاملي في موسوعته عندما ذهب الى الحج السيد الصدر ومعه زوجته العلوية شرط عليها السيد ان لا تتجول في الاسواق ، وكذلك قامت العلوية بوضع بعض الحبوب الغذائية في الحقيبة واخذت معها طباخ صغير ( جولة او بريمز) حتى تعمل الطعام ، وذكر عند زواجه من العلوية وعودته عن طريق الشام واستئجاره سيارة اجرة جلس السيد في المقعد الامامي وخلفه زوجته وكان يكتب الكلمة بالعربية ومعناها بالفارسية على يده ويريها الى زوجته حتى تتعلم ، والكثير غير هذا .
اما من حيث الدقة وحوار العلماء فيما بينهم فقد ذكر كثيرا انه قيل له ولم يتاكد من صحة المعلومة فلماذا تدونها ؟ وكيف لنا ان نتحقق من شخص يدعي ان السيد قال كذا وكذا ولا توجد وثيقة او شاهد لذلك فكيف نعتمد عليها ؟
من باب الاثبات لبعض الشطحات ، ذكر العاملي ان السيد الصدر كان له حوار مع مستشرق الماني كونتر ردمان وناقشه بخصوص فقه الشيعة لاسيما القياس والناقل للحوار هو السيد ذيشان الهندي ولم يثبت انه كان حاضرا عند النقاش ، وذكر المؤلف انه تاكد من ذلك عندما ذكرحكاية المستشرق الالماني الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه (تجارب محمد مغنية ) ، وبالعودة الى ما ذكره الشيخ مغنية فانه ذكر “فشرحت له القياس مفصلاً، وبكل وضوح، وذكرت رأي الشيعة بدقة وأمانة، وتفهمه بيسر، منها الفرق بين السارق والغاصب في الحكم، وأن الأول تقطع يده دون الثاني، مع العلم بأن كلاً منهما قد اعتدى وأخذ المال بغير حق ” ، هذه النقطة ذكرها العاملي ونسبها للسيد الصدر ، فلو كان كذلك لقاطع ردمان مغنية وذكر له انه سمعها من السيد الصدر ، المهم استمر مغنية بالنقاش والحوار معه حتى اطمأن واقتنع بالمفهوم الشيعي .
هنالك طالب احسائي اسمه الشيخ حسين الملا راضي ذكر في كتاب هكذا وجدتهم انه من طلبة السيد الصدر ومن خواصه حتى انه ارسله السيد الصدر نيابة عنه ليزور السيد الخوئي في مشفاه في بغداد ويذكر الراضي انه كان معه في الحلوة والمرة وفي كل الاوقات وجميع التصرفات حتى يوم استشهاده تركت العراق وعدت لبلدي ، هذا الرجل لم يذكره العاملي لا من قريب ولا من بعيد حتى لم يذكره ضمن طلبة السيد الصدر .
اما فصل الاستفتاءات خصوصا الشفهية التي لا يمكن لنا التثبت منها مثلا السيد كان يحرم مشاهدة التلفزيون ولكنه حلل ذلك بعد انتصار الثورة في ايران !!!! ، سال الزهيري السيد الصدر ان زوجتي ارادت ان تشرب الماء ظنا منها انها في متسع من الوقت فصرخت منبها اياها انها صائمة فاجابه السيد : لا ليش خطية خليها تشرب ” واخر يسال السيد انه سكن مع ولده وولده لديه تلفزيون فماذا افعل فاجابه السيد اليس باستطاعتك ان تسكن في منزل اخر كنسيبك او غيره !!!! واخر يسال هل يجوز للطالب ان يغش فاجاب السيد اذا كان طب او هندسة لا يجوز !!!
واما ميول المؤلف للمدح حد الغلو للسيد باقر الصدر فانها ظاهرة في كتاباته ولا يسعني الحديث عنها ، لكن بالنتيجة الكتاب بحاجة الى تدقيق ولا انكر فيه من المعلومات القيمة جدا لاسيما البحثية بخصوص الفقه والاصول .
