23 ديسمبر، 2024 1:01 ص

من كان منكم بلا خطيئة.. فليرم السياسة بحجر!

من كان منكم بلا خطيئة.. فليرم السياسة بحجر!

من السهل على أي مراقب، أن يؤكد أن معظم الاحتجاجات، التي سادت الساحة العراقية، كانت نتيجة لسوء الخدمات، والفساد وسوء الإدارة، وفشل الساسة، في تحقيق ما يحتاجه المواطن من أبسط متطلبات حياته وحقوقه. طبعا إن إستبعدنا منهم، من خرج لتسقيط خصومه السياسيين، أو الضغط على الحكومة لنيل مطالب ما؟!

لو إرتفعنا قليلا، لنحصل على صورة أشمل سنجد أننا لسنا بحاجة لمناقشة، إن كان هناك حاجة، لعملية مراجعة كبرى، وإصلاحات قد تكون قاسية، فهذا مما لا نقاش فيه.. لكننا سنجد أيضا، أن عملية المراجعة والإصلاحات، يجب أن تكون عميقة، وفي أسس العملية السياسية والمجتمع.

كلنا يعلم أن الدولة والحكومة، وأي مؤسسة مهما كانت بسيطة، عبارة عن منظومة، ومجموعة من الأفراد والأليات، التي تحكم عملهم.. وأن فساد فرد واحد، حتى لو كان رأس المؤسسة، لا يسبب بالضرورة فسادها كلها.. لكن تعاون أفراد من المؤسسة، وسكوت أخرين ولاأباليتهم، وانتفاع بعضهم من الفساد، حتى لو لم يشاركوا فيه، سيكون سببا أكيدا لفساد المؤسسة وسقوطها الحتمي.

مطالبتنا جميعا برحيل الفاسدين، ومحاسبتهم عن كل ما سرقوه، ومحاسبة الفاشلين ومن جاء بهم، يدفعنا لنتساءل.. هل عمل هؤلاء لوحدهم؟!ألم يكن لهم أعوان؟ أدوات وأذرع؟ ألا يجب أن نسأل أنفسنا، إن كان لنا دور كمواطنين عاديين، دور في هذا الفساد؟

قد نجد من يبرر سكوت الأكثرية وصمتها، أنها لا تملك القوة أو السلطة، لطرد هذه الشخصيات الفاسدة، بحجة أنها محمية، فلما أعدنا إنتخابهم مرة أخرى؟ وهل إنتقدنا أفعالهم علنا؟ أم كنا نكتفي بالدعاء عليهم سرا مثلا؟!

من يطالب بمحاسبة الفاسدين، يجب أن يكون غير فاسد، فهل نحن لسنا مفسدين في عملنا؟ ونؤديه كما يجب؟ الطبيب في مشفاه، والمهندس في مشروعه ومصنعه، والمعلم في مدرسته، والشرطي في واجبه، بل وحتى بائع الخضروات مع زبائنه؟

أعتقد أن كثيرا منا، لن يجد جوابا، إن سأل نفسه مثل هذه الأسئلة.. وربما سيكتفي بطأطأة رأسه والسكوت.

يروى أن السيد المسيح، عليه وعلى نبينا وأله أفضل الصلوات وأتم التسليم، سمع ضجة وجمهورا يهلل، فسأل عن الخبر، فقيل له أن إمراة زانية يراد أن ترجم، والكل يتجمع ليشارك بعملية تطهيرها، فتقدم للجمهور، وقال لهم ” من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بأول حجر”.. تقول بعض الروايات انه لم يتبق أحد؟!

هل سمعتم بالحديث الشريف” أن … لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”؟ ماذا عن الحديث الذي يقول” لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو لأسلطن عليكم شراركم”؟