23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

من قصص الخيال القريبة من الواقع العراقي

من قصص الخيال القريبة من الواقع العراقي

الرجل الميت رقم 13
الجزء الثالث
عانقه والده عناق الاب الحنون شاكرا الله لعودته سالما من ساحات المعركة وعانقته زوجته وهي تبكي من الفرح وكان سؤاله الاول عن اولاده الصغار وامه الحاجة ام طلال..فاخبروه ان الجميع بخير وكل العائلة قلقون عليك جدا.. ذهب الى غرفة ابناءه الصغار سرمد ونور ليجدهم نيام في فراشهم فقبلهم وتركهم الى الصباح يلتقي بهم…
جلس قليلا لحين ان هيأة له زوجته الحمام لغرض الاستحمام وبعدها تناول وجبة طعام واثناء ذلك ذهب الاب واحضر معه والدته الحاجة ام طلال لتلتقي بفذة كبدها وتكحل عيونها برؤيته…
وفي الصباح التقى اطفاله واخوانه جميعا وكذلك ابناء جيرانه الذين اتوا لزيارته بعد ان سمعوا بقدومه…
كانت مدة الاجازة سبعة ايام ولكنها تعتبر ساعات قلائل لدى طلال وعائلته فسرعان ما يسير الوقت ويمضي وكأن عقارب الساعة قد اختلفت…
انقضت اجازته وهاهو يشد الرحال الى وحدته عائدا بنفس الطريق الذي آتا به مودعا اهله ودموعهم متوجهاً الى عالم مجهول لا يعرف هل سوف يعود ام لا….
وما ان وصل وحدته وتسلم مهام عمله في السرية وبعد يومين تقريبا وصلت برقية مستعجلة تطالب كل الوحدات العسكرية في ذلك القاطع بأخذ تدابير الحيطة والحذر بعد وصول معلومات استخباراتية تؤكد ان الجانب الآخر يحاول الهجوم في هذا القاطع وانه قد أعد قوة كبيرة لهذا الهجوم ولابد من اجراء كل التدابير لصده…..
فعلا وقع الهجوم بعد يومين وكان هجوم شرس وقوي جدا اراد العدو من خلاله احتلال بعض الرواقم العسكرية وفعلا فقد اخترق جميع المصدات الموجودة أمام الساتر لقطعاتنا العسكرية من حقول الغام واسلاك شائكه اضافه لوجود نهر صناعي قامت بعمله سرية الاشغال والهندسة العسكرية لصد العدو عند الهجوم على قطاعاتنا المتواجدة في هذا القاطع.. صمدت الوحدة العسكرية التي ينتسب لها المقاتل طلال لأكثر من يومان ولكن كثافة اعداد جنود العدو وكثافة النيران استطاع من اختراق موطأ قدم له بذلك القاطع. واصبح منتسبي بعض الوحدات هناك في اعداد المفقودين بين شهيد واسير وكان امر السرية النقيب عناد الدليمي وكاتبها المقاتل طلال من ضمن تلك الاعداد وبعد نهاية المعركة واعادة الاراضي التي احتلها العدوا بيومين بهجوم معاكس شنته القوات العراقية وجدوا جثث مفحمة في مقر السرية والتي اكد احد المنتسبين انها تعود للمقاتل طلال وامر السرية ومعهم احد جنود المخابرة…
تم اخلاء الجثث الى وحدة ميدان الطبية ومنها الى مستشفى البصرة العسكري ليكلف بعض الجنود بالذهاب الى المستشفى واستلام الجثث وتسليمها الى اهلها وكان المأمور لنقل جثة المقاتل الجندي المكلف طلال هو صديقه من بغداد الذي التقى به اول مرة عند التحاقه بهذه الوحدة… تم وضع الجثة وهي مفحمة بالكامل ولايعرف اي ملامح لها في صندوق خشبي تم لفه بالعلم العراقي ليوضع فوق سيارة اجرة وليذهب بها المأمور الى العاصمة بغداد وبالتحديد الى منزل الحاج ابو طلال وكان الاجراء الرسمي لابد ان يكون احد افراد مركز شرطة المنطقة مع المأمور عند تسليم الجثة لذويها وهذا ما قام بفعله المأمور…
وعند وصول الجثة الى الشارع الذي يسكنه اهله بدأت الزغاريد مصحوبة بعويل النساء وبكاء الرجال على ابنهم الشاب الأستاذ الجامعي طلال ابوسرمد والذي ترك اطفاله نور وسرمد وهم مازالوا بمرحلة الطفولة… استقبل الحاج ابو طلال الجنازة وهو يصيح بأعلى صوته مع السلامة ياطلال مع السلامة ايها الصديق والابن الغالي…. نم قرير العين ياولدي فأولادك امانة في رقبتي اما في داخل المنزل فكان نحيب الام والزوجة والاخت تتفطر له القلوب على هذا الوضع المأساوي.. والجميع مضروب من الصدمة على رأسه غير مصدق لما يرى…
وبعد اجراء الدفن وانتهاء مجلس العزاء ابلغ الاب زوجة ابنته بضرورة العودة لدار والده كونها بقيت وحيدة وابنائها مازالوا صغار لا يقوون على شيء.. لم تتردد في الموافقة وخاصة انها اليوم اصبحت امرأة ارملة مكسورة الخاطر ومجروحة المشاعر. عادت الى نفس سكنها في منزل اهل زوجها لتعيش مع ذكريات لم يعطيها الزمن فرصة لكي تبقى الى الابد.. ذكريات لم تبقى منها سوى الصور وما تخزنه ادمغتنا…
ومرت الايام وام سرمد قد تفرغت لتربية اطفالها ومتابعة دراستهم اضافة لوظيفتها في الجامعة.. وقام العم ابو طلال والد زوجها بمتابعة كل الامور المعلقة بحقوق ابنه سرمد واولها الراتب التقاعدي اضافة الى منحه من الدولة سيارة خاصة وقطعة ارض سكنية والتي شيد عليها دار سكنية لعائلة ابنه الشهيد طلال…
وعادت الحياة الى طبيعتها وسرمد واخته نور من المتفوقين في دراستهم وماهي الى سنوات استطاعت من خلالها هذه المرأة الاصيلة المكافحة ان توصل ابنتها نور الى الدراسة الجامعية وكونها من اصحاب المعدل العالي تم قبولها في كلية الطب في جامعة بغداد اما اخيها سرمد فكانت امنيته ان يصبح ضابطا في الجيش وفعلا وبعد ان انهى دراسته الاعدادية تم قبوله على الفور في الكلية العسكرية كونه من ابناء الشهداء ومعدله يؤهله لذلك…