الرجل الميت رقم 13
الجزء الاول
ولد السيد طلال عبدالله مناف في العام 1951 في العاصمة بغداد في منطقة باب الشيخ لتنتقل عائلته الى منطقة بغداد الجديدة ..
نشأ وترعرع هناك في اسرة بسيطة متكونة من الاب الذي يعمل جابي في مصلحة نقل الركاب والام كانت ربة بيت ناجحة ولديه اخ واحد واثنان من الاخوات والجميع كانوا يعيشون بمحبة وسلام.. وكانت علاقتهم مع الجيران علاقة اهل.. وطيبة القلوب كانت موجوده وفي كل مناسبة تشاهد الجميع مشتركون فيها وكأنهم اسرة واحدة..
وعند بلوغه السنة السادسة من عمره التحق السيد طلال بمشواره الدراسي اسوةً بأخوته الباقين وكان من المتفوقين دوماً.. وبما انه من سكنة العاصمة بغداد كانت المدارس قريبة على منزلهم وكل ابناء الجيران كانوا اصدقاء له.. انهى دراسته الابتدائية وتوجه للدراسة الثانوية وفي الصف السادس اعدادي وفي العطلة الصيفية وبينما متوجه صباحا الى مدرسته من اجل اجراءات الوثيقة والتقديم الى الجامعة شاهد حواجز عسكرية ونقاط تفتيش استفسر من العسكريين الموجودين قرب الحاجز ليبلغوه عن قيام ثورة وتم تغيير النظام السياسي في العراق.. لم يفهم للوهلة الاولى معنى كلمة ثورة او انقلاب ولكنه ادرك نفسه عندما قال له العسكري ان اليوم عطلة رسمية ويمنع فيها حركة التجوال..
عاد طلال الى بيته ليخبر عائلته بالموضوع. تفاجأ الجميع بالخبر وفتحوا جهاز المذياع ليسمعوا البيان الرسمي للثورة والاناشيد التي بدأت لمباركة هذا الانقلاب…
كان الاب متمددا على سريره عند سماعه الخبر وتفوه بكلمات لا يفهمها الا الزوجة ربما وبلهجته الشعبية
((( شسويت بينا ياكريم يومية ثورة))) ويقصد هنا قائد ثورة 1958 العقيد عبدالكريم قاسم الذي قاد انقلاب عسكري ضد النظام الملكي وتم تغيير النظام الى جمهوري…اما هذا الانقلاب فهو تغيير النظام الحاكم وتسليم السلطة الى قادة الانقلاب الجدد…
ايام قليلة مرت على العاصمة بغداد لتعود الحياة الى طبيعة ما كانت عليه.. واستمر والد طلال في عمله كجابي في مصلحه نقل الركاب و استمر اولاده في المدارس الى حين انهاء دراستهم الإعدادية في العاصمة بغداد ليتوجهوا بعد ذلك الى الدراسة الجامعية وكل حسب معدله وتحصيله الدراسي…
في عام 1969 التحق السيد طلال بالجامعة المستنصرية كلية التربية قسم اللغة الانجليزية وهناك وجد عالم اخر واصدقاء جدد وكان اغلبهم من طبقات الميسورين في العاصمة بغداد. واصل مشواره الدراسي و كان من المتفوقين في الدراسة وفي نهاية العام 1972 انهى الدراسة الجامعية وكان من المميزين ومن الطلبة الاوائل في هذا القسم وهذا ما أهله ان يكون من ضمن المعيدين في الجامعة وبهذا ضمن درجه وظيفيه مميزه له يستطيع من خلالها ان يواصل مشواره الدراسي في مجال الدراسات العليا وهذا ما قام به بالفعل وبعد سنه من تعيينه في الجامعة قدم اوراقه لدراسة الماجستير وكان من ضمن الاوائل المقبولين على هذه الدراسة والتي كانت مدتها سنتان ليحصل بعدها على شهاده الماجستير في اللغة الإنجليزية وبتقدير امتياز..
اما عن حياة السيد طلال الاجتماعية وبعد ان انهى دراسته الجامعية قامت والدته بخطوبه ابنة احد جيرانهم السيد عبدالرحمن ملا سعيد وهم من القومية الكردية.. وهؤلاء الجيران كانت بينهم علاقات طيبة ويزور بعضهم الاخر باستمرار. ويتشاركون في كل مناسباتهم العامة والخاصة. وكان كلما ذهب عائلة كاكا عبدالرحمن الى مسقط رأسهم في مدينة السليمانية الواقعة شمال العراق لزيارة اقاربهم يأتون بالهدايا الى عائلة جيرانهم ابوطلال وخاصة المنتجات الغذائية مثل الجوز والكشمش والعسل وما تشتهر به تلك المحافظة وكانت خطيبة السيد طلال قد انهت دراستها في المعهد الفني قسم الالكترونيك الا انها لم تحصل على وظيفة ادارية وبعد اتمام الخطوبة تمت مراسيم الزواج واستطاع الاستاذ طلال ان يحصل على وظيفة لزوجته في نفس جامعته وبدأوا مشوار حياتهم بالعيش والسكن ضمن منزل والده والذي هو قريب من منزل اهل زوجته…
استمرت حياة السيد طلال على هذا المنهاج لمدة اكثر من سنتين وفي عام 1975رزقه الله بصبية أسمياها نور لتضيف الى حياته وحياة زوجته البهجة والسرور وبعد سنتين تقريبا وفي العام 1977 رزقهم الله بابنهم سرمد واصبحت للسيد طلال عائلة جديدة مكونة من زوجة واطفال فقام باستئجار شقة سكنية قريبة من منزل اهله ومازال مستمر في وظيفته كأستاذ جامعي وزوجته ام سرمد موظفة في نفس المكان يذهبون سوية يوميا ويعودون في نفس الباص اما في العطلة الصيفية فكان يقضي بعض اوقات العطلة بالسفر الى شمال العراق للتمتع في الاجواء الخلابة والجميلة هناك وخاصة كون زوجته تجيد اللغة الكردية ويقضون فتره من الزمن هناك للاستراحة والاستجمام استمروا على هذا الحياة السعيدة لمدة ثلاث سنوات تقريبا استطاع من خلالها ان يجمع مبلغ مالي ليقوم به بأرسال والده ووالدته الى الاراضي المقدسة لأداء فريضة الحج شكرا وتقديرا وعرفانا لما قدموه له ولأخوته طيلة حياتهم …