22 ديسمبر، 2024 2:11 م

من قال ان الامة العربية واحدة؟!

من قال ان الامة العربية واحدة؟!

لايوجد مجتمع يتطابق بشكل كامل مع مجتمع آخر ، لابد وان تكون ثمة اختلافات وتباينات عديدة سياسية وثقافية تفصل بينهما ، وقد يختلف مجتمع عن مجتمع آخر داخل دولة واحدة ذات لغة وثقافة وقومية واحدة كالدولة الهولندية او الاسبانية مثلا ، وهذه الاختلافات تبرز وتظهر اكثر في دول ذات قوميات ومذاهب وثقافات متنوعة مثل العراق وتركيا وايران وسوريا ، وقد تكون سببا مباشرا في تفاقم الاوضاع السياسية والانسانية والاقتصادية في المنطقة..

كذلك يوجد فرق كبير على سبيل المثال بين المجتمعات الخليجية والمجتمعات العربية الاخرى التي ارتكزت على العنف والثورة والفكر الراديكالي في برنامجها السياسي ، حيث حل في المجتمعات الخليجية الامن والامان والرخاء والاستقرار السياسي ، بينما سادت في المجتمعات العربية “الثورية” الانقلابات العسكرية والقمع والفقر والمرض والفوضى السياسية ، ففي الوقت الذي كانت البلدان الخليجية تتقدم وتتناغم مع التطور العالمي وتسعى الى انشاء حضارة معاصرة وتحول الصحراء الجرداء الى الواحة الخضراء وتشارك في النشاطات الإنسانيةالرياضية العالمية وتشيد مدن وملاعب على احدث طراز تليق بإقامة اكبر المهرجانات الرياضية العالمية “المونديال” فيها ، تنهمك الدول”الثورية”بالتنظيرات الفكرية الأصولية والانقلابات العسكرية وتسعي الى ابتكار احدث وسائل القمع الوحشي ..

من رحمة الله ونعمه على المجتمعات الخليجية انه لم يسلط عليها زعيما ثوريا ولا منظِّرا عروبيا ولا خضعها لسطوة الانقلابيين العسكريين وهواة القتل على الهوية ، ولا جعلها تحت رحمة الميليشيات الطائفية ، وظلت بمنأى عن التقلبات السياسية الطارئة والافكار العصبية البالية المستمدة من مخلفات العصور الجاهلية ما قبل الاسلام! ، ومازالت تعيش في سلام وأمان وتبتكر انواع جديدة من نظم الحياة المعاصرة وتستفيد من خيراتها لصالح مواطنيها ، بينما تعيش المجتمعات الثورية في وحل المنازعات الطائفية والقومية المتخلفة وتبدع في القتل والتهجير وتغوص في الفقر والتخلف !..

لاتوجد في الدول الخليجية ميليشيات مسلحة تشكل دولة داخل دولة مثل العراق  ، ولا مؤسسات تحكمها الأحزاب الفاسدة ، كل شيء تحت انظار ورعاية وإدارة المملكة او الامارة الرشيدة ، بينما يتحول الجيش في الدول الثورية الى مطية بيد الثورجيين الهمجيين لقمع مواطنيها وخنق حرياتهموتحويل الوطن الى سجن كبير ، دون الاكتراث للاحتجاجات الشعبية او الادانات الصادرة عن المنظمات الحقوقية الدولية ، وتمضي في سياستها الوحشية حتى ولو ادى الى تدمير البلاد .

منذ حدوث اول انقلاب في العراق والوطن العربي على يد الفريق الركن(بكر صدقي) عام 1936 ضد حكومة (ياسين الهاشمي) ، تحولت الانقلابات الى عادة متبعة لدى جنرالات الجيش  للوصول الى سدة الحكم !

ورغم ان انقلاب الزعيم (عبدالكريم قاسم) الدموي على الملكية عام 1958 جرّ على البلاد ويلات لم تنته لحد الان ، فان الشعب استقبله بفرح غامر ومازال يحتفي به كل عام ! ولكن لم تمض على تلك الثورة التي سميت ب(ثورة الشعب)خمس سنوات حتى اندلعت ثورة عسكرية مضادةبقيادة(عبدالسلام عارف) وتم فيها تصفية الزعيم قاسم والقادة السابقين بصورة بشعة ، وهكذا فعل  الجنرال(احمد حسن البكر)في انقلابه عام 1968 بدعم من اصدقائه الضباط الذين تحولوا فيما بعد الى خصوم واعداء جرى تصفيتهم واحدا بعد آخر ، وبدوره قام (صدام حسين) بتنحية(البكر) (1979) واخضاع البلاد لهيمنته المطلقة..

وهكذا يمضي قطار الانقلابات في دول “جبهة المقاومة” او”محور المقاومةبنسختها الإيرانية!  والضحية الذي يدفع ثمن همجية السياسة العربية الإيرانية التركية دائما وابدا هو الشعب الكردي الذي وقع لسوء حظه في وسط المهرجانات الثورية الغاشمة في المنطقة!