لا أدري حقاً لمَ هذا الشغف بنقل الأكاذيب بين الناس ، ولماذا التلذذ بعذاب الآخرين وإنتهاك حرماتهم .. وأبقي محتاراً بين ما يُفترض أن يؤديه الصحافي في هذا البلد من واجبٍ مقدس أنيط بهم وإبداء المشورة والنصيحة وإصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر .. والسعي الى استئصال كل جذور وبذور ودواعي الفتنة وقبرها أينما حلت
وبلادنا العزيزة الطاهرة قطَّعتها الفتنة إرباً وفتحت أذرع القيل والقال أبوابها مشرعةً أمام العدو المحتل … حتى وصل الأمر الى وضع سلاح الحكمة والعقل والعمل المهني الصحافي .. جانباً والإصغاء الى الشائعات والأكاذيب والضحك على الذقون .. وهكذا بقي عراقنا فريسة الجهل والفتنة والعبث وقساوة وخسة المحتل فزاد عدد الأميين من يسمون انفسهم على رجال الاعلام والصحافة ومكاتب الدعاية وتعددت سقوف الهزيمة وأغلقت أبواب الفرج !
في بدايات الاحتلال عام ( 2003 ) لم يتجرأ أحدٌ على إعلان كلمة الحق على المحتل ومن تجرأ إما قتل على يد جند المحتل أو سُجن أو هرب خارج العراق ، أو بقي صامتاً حفاظاً على عرضه وأطفاله ، وإستقر المحتل وجاء خفافيش من يسمون انفسهم على فرسان ( الكلمة الصادقة ) منتهكين الحرمات والدين والأموال والأنفس والقلوب ، فلم يُبقوا شيئاً إلا وحرّموه ولم يتجرأ أحدٌ أيضاً على تأنيبهم أو إيقافهم عند حدود الحق أو إعادتهم الي جحورهم التي خرجوا منها وعثوا في الارض فساداً والعمل الصحافي والاعلامي في العراق الذي عانى الأمرّين جراء إحتلال أولهما محاولة قوات الاحتلال تحويلها الى معسكر أفشلته بسالة وشجاعة البعض من الصحافيين وإعتراضهم على تواجد قوات الاحتلال ثم تعرض العديد منهم الى السجن والاعتقال .. والثاني المحاولة الآثمة والمغرضة والمبيتة لعملاء الخراب والجهل من إرهابيي السياسة وسيطرتهم على المؤسسات الاعلامية ( الفضائيات والصحف ) وشراء ذمم البعض من الصحفايين ومع اسفي الشديد ومحاولاتهم المستميتة لإلغاء دور الاعلام الوطني الحر … وصل الأمر الى محاولة طردالصحافيين والاعلاميين من المراكز الاعلامية !
ولم يجرأ شاربٌ واحدٌ أو لحيةٌ واحدة على التصدي لهذه المؤامرة على عدد من الصحافيين ونسف تاريخهم وأهلهم وتراثهم .. باستثناء البعض من أبطال ومجاهدي الصحافة والاعلام ومن ساندهم .. وعادت الصحافة تقدم صفحات العلم والنور والتفوق والإبداع ، والمساهمة في تسهيل سبل الارتقاء بمستواها المهني ، تطبيقاً للحديث الصحيح للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضةٌ على كل مسلمٍ ومسلمة ) ونصح عدد من ضعفاء المهنه ترك مهنة العمل الصحفي .. يقول الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ( من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رِدّ) ويبدو أن الهدف المعلن أصغر بكثير من المبيت !
وهو إن كان يدري أو لا يدري أصدر واحد من ساسة العراق الجدد فتوى وهو ليس بعالم تيمناً بقول الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم
( من فتى بغيرعلمٍ فليتبوأ مقعده من النار ) وهو يضاف الى سلسلة المغرضين الّذين تركوا كل هموم الناس ومشاغلهم وبدأوا بالهجوم على الصحافيين بلا أي مبرر وهي تهم تعج بالتآمر ويغطيها غبار الجهل ،
ألم يكن من المفترض لهؤلاء أن يتأكدوا من المعلومات التي تردهم قبل نقلها وإسماعها للناس تطبيقاً لقول الباري عز وجل ( يا أيها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتُصبحوا على ما فعلتم نادمين ) إنني أحذر هؤلاء من مغبة الاندماج مع أسوأ قائمة في التاريخ والانضمام الى جمل الأمية والسعي الى إعمامها بين الناس ونحن بأمس الحاجة الصادقة الى كل قلب وعقل وإرادة لنشر العلم والتعلم والوعي بين أبناء عراقنا الصابر .. ودمتم