23 ديسمبر، 2024 12:57 م

من سيموت جحا أم الوالي أم الحمار؟*

من سيموت جحا أم الوالي أم الحمار؟*

أكثر الذين بالغوا كثيرا في الابتهاج بالاتفاق النووي الغربي الإيراني، وتعمدوا تلغيم التلميحات، وتسخين الكلمات، وتفخيخ العبارات، كانوا فرسا بالولادة، أو فرس الهوى والولاء والخام والطعام. تقصدوا تخويفنا بجعله انتصارا تاريخيا (معجزة) حققه الولي الفقيه، بالحكمة والحنكة وطول البال، على أمريكا وأوربا، لا تعويض الشعوب الإيرانية عما تجرعته من ضنى وقلة وعوز ولا لإعادة تصحيح مسير النظام وانتهازه الفرصة الدولية المتاحة للعودة إلى الصراط المستقيم، بل لتخويفنا بإقناعنا بان الاتفاق ألقى بالشرق الأوسط، ونحن في قلبه وداخل حشاشته، في سلة الولي الفقيه، ليتصرف به، وبنا، كيفما يشاء.

معهم حق في قلوبهم المليئة بالضغينة والكراهية ضدنا. فنحن مدينون لهم بثارات كثيرة ما زالوا في انتظار أخذها بقوة المفخخة والسكين. فنحن الذين اغتصبنا الخلافة من الإمام علي وأعطيناه عنوة لأبي بكر ثم لعمر ولعثمان من بعدهما، ثن قتلنا الإمام علي وهو يصلي.

ونحن الذين انتخبنا معاوية خليفة، وأعطينا البيعة لولده البكر يزيد، ثم قتلنا الحسين، ونحن الذين أشربنا الخميني كأس السم، ونحن الذين نقاتلهم اليوم في الزبداني وحلب والرقة ودير الزور ودرعا والسيدة زينب.

والأغرب من الغرابة أن يلتئم شملهم مع شمل نتنياهو في تخويفنا. فمن يقرأ تصريحات وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية السياسية ورئيسة الطاقم الأمريكي للمفاوضات النووية مع إيران، ويندي شيرمان، سيفهم السبب. تقول، نقلا عن الموقع الإلكتروني للقناة الإسرائيلية العاشرة، إن خبراء إسرائيليين شاركوا في صياغة الديباجة النهائية للاتفاق.

يعني أن غضب نتنياهو على الاتفاق غضبٌ مبرمج. بمعنى أنه مدبر ومقصود، وجزء من خطة ممنهجة هدفها إعطاء النظام الإيراني صفة البطولة والانتصار، وكأنه أذل أمريكا وأوربا وانتزع منها إتفاقا يقوض السياسات الأمنية الإسرائيلية، ويحدث شرخ في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب. ولا شيء يُستبعد على نتنياهو ولا على الأمريكان.

وبغض النظر عن حقيقة الاتفاق، وعما إذا كان انتصارا تاريخيا للشطارة الإيرانية على البرودة والبلادة والغفلة الأمريكية الأوربية، أم إنه كان خازوقا (امبراليا) (صهيونيا) يُخوزق به الولي الفقيه، فإن قليلين جدا من أصحاب الخبرة النووية والقانونية الدولية قرأوا الاتفاق بعناية ليخبرونا بما إذا كان، كما يقول حبايب الولي الفقيه، قرارا أوربيا أمريكيا بتقاسم إيران مع نتنياهو لدمائنا وأموالنا ونسائنا وأطفالنا، وطردنا من هذه المنطقة المليئة بالعصافير، والمليئة أيضا بالأفاعي.

والحقيقة التي يتوجب علينا الاعتراف بها هي أن بأن أوباما، وهو المصمم الأول والأخير لذلك الاتفاق، أعطى الولي الفقيه عدة عصافير، نصفها في اليد، ونصفها على الشجرة تأتي ولا تأتي. ويمكن إجمالها بما يلي:

* السماح لها بإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك وأية أعمال بحث وتطوير في هذا المجال ولكن بعد 15 عامًا من تاريخ التوقيع.

* إخطار السلطات الإيرانية قبل أربعة وعشرين يوما بموعد زيارة المفتشين الدوليين والأماكن التي يزورونها. ويبدو أن أوباما مقتنع بأن هذا الوقت لا يكفي إيران لإخفاء منشأة صناعية نووية كبرى. ولكنه يكفي جدا لإخفاء الصغيرات منها أو السرية.

* رفع الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية لإيران، في غضون خمس سنوات.

* إنهاء العقوبات المفروضة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، خلال ثماني سنوات.

* التخلي عن ضرورة تحديد إيران موعدا للبدء بتسوية القضايا العالقة القديمة بخصوص جهودها التي بذلتها لبناء سلاح نووي، كشرط لرفع العقوبات.

* فتح الطريق أمام إيران لتوسيع دائرة أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في وقت أبكر مما كان متوقعا أو مرغوبا فيه.

* السماح لإيران باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة «آي آر6» أو «آي آر8» بحلول العام الـ13، والتي ستمكّن إيران «من تقليل الفترة الزمنية الفاصلة بينها وبين امتلاك سلاح نووي إلى أيام أو بضعة أسابيع».

* الاكتفاء بالتهديد اللفظي الفضفاض بإعادة فرض العقوبات إذا ما أخلت بالاتفاق. وينسى أوباما أو يتناسى سجل إيران في الغش والمراوغة والتقية، ويستبعد احتمال أن تلجأ لمحاولة اختبار أدوات التحقق الدولية، واستكشاف كيفية حرف الخط الأساسي للاتفاق، وإفراغه من مضمونه الحقيقي.

* كما تم تتويج كل هذه التنازلات بمسارعة مجلس الأمن الدولي، وبالإجماع، إلى الموافقة على الاتفاق، تمهيدا لرفع العقوبات الدولية، “عندما يتم التحقق من أن إيران نفذت الخطوات الأولى الضرورية لتجعل برنامجها النووي في سكة الاتفاق”.

وأغلب الظن أن الرئيس الأمريكي، ومعه زعماء أوربا وروسيا والصين، راهنوا على أمور يتوقعون حدوثها من الآن وحتى العام 2030، وهو الموعد النهائي للاتفاق.

فمن يضمن ألا يتسبب الاتفاق في قلقلة الأوضاع الداخلية الإيرانية، بين مبارك لفكرة تحول إيران إلى (دولة) بدماء ثورية، بدل (ثورة) بثياب دولة. ومن يستبعد حدوث ثورات قومية وطائفية ودينية ومناطقية في إيران، خلال الأعوام الخمسة عشر القادمة؟

صحيح أن سجل النظام الإيراني في مجال حقوق الإنسان لم يكن بندا في الاتفاق، ولكن الظاهر أن أوباما وحلفاءه يراهنون عليه. وأغلب الظن أنه سيبقى السيف الذي تلجأ إليه أمريكا وحفاؤها لإرغامها على انتهاج سياسة تحدددها المصالح الغربية الثابتة والمتغيرة في المنطقة.

يعني أن أمريكا وحلفاءها تساهلوا مع الولي الفقيه اليوم، على أمل أن يتحقق واحد من ثلاثة أمور.

أن يموت خامنئي فتندلع الخلافات والصراعات على خلافته، وتهب العواصف على النظام كله، وتقلب عليه الطاولة، وتجعل الاتفاق النووي وكأنه ما كان.

أو قد يموت أوباما، ويأتي بعده رئيس جمهوري يمزق الاتفاق مثلما فعل الراحل أبو عدي باتفاقه مع شاه إيران.

وقد تموت الأمة العربية كلها وتصبح شذر مذر. تتناهبها الذئاب الجائعة، داعش وإيران وملشياتها ونتياهو، والحبل على الجرار. أو قد يحدث ما ليس في الحسبان، فتشتعل في الدول العربية ثورات حقيقية، مضبوطة هذه المرة لا كالربيع العربي الموؤود، تهب عليه رياحها الثورية التقدمية المتحضرة فتكنس أفكاره البالية، وعنجهيته الفاشوشية، وتجبره على أن يحمل عصاه واسلابه عنا ويرحل، تاركا لنا حربنا الوطنية والإنسانية مع داعش السنية وداعش الشيعية، وكل حملة الإسلام المغشوش، نخوضها بإرادتنا وبأبنائنا وحدنا. ومن الآن وحتى العام 2030 يفعل الله ما لا نعلم، وما لا يعلمه الملالي، وما لم ينص عليه الاتفاق.-

* ﺃﺳﺘﻴﻘﻆ ﺟﺤﺎ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﻣﻨﺎﺩي ﺍﻟﻮﺍﻟي ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺣﻤﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﻟي ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﻪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎر. ﻓﺮﺡ ﺟﺤﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻭ ﻧﺎﺩﻯ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ: ﺃﻧﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻋﻠﻢ ﺣﻤﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ. ﻓﺄﺧﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻟﻴﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﻟﻰ ﻭﻗﻒ ﺟﺤﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﺍﻟﻰ ﻗﺎﺋﻼ : ﺃﻧﺎ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻱ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺣﻤﺎﺭ ﺳﻌﺎﺩﺗﻚ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﺇﻻ ﺃﻧﻨﻰ ﺃﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺩﺗﻚ ﺃﻥ ﺗﻤﻬﻠﻨﻰ 20 ﻋﺎﻡ، ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺑﻄيء ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻓﻬﻮ ﺣﻤﺎﺭ ﻭﻟﻴﺲ ﺑني ﺁﺩﻡ. ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﻟي ﻟﻚ ﻫﺬﺍ، ﻭﻟﻜﻨي ﺳﺄﻗﻄﻊ ﺭﺃﺳﻚ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺟﺤﺎ ﺃﺗﻔﻘﻨﺎ. ﻭﺃﺧﺬ ﺍﻟﺪﻧﺎﻧﻴﺮ ﻭﺃﻧﺼﺮﻑ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻭﺟﺪ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺗﺒﻜﻰ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺒﻜﻴك؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﻤﺎ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺍﻟي ﺍﻟﺬي ﺳﻴﻘﻄﻊ ﺭﻗﺒﺘﻚ ﻷﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ. ﻓﻘﺎﻝ ﺟﺤﺎ: ﻻ ﺗﺤﺰﻧي ﻳﺎ ﺯﻭﺟتي ﻓﻠﻦ ﻳﺤﺪﺙ ﺫﻟﻚ، ﻓﺒﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﻟي ﻗﺪ ﻣﺎﺕ، ﺃﻭ ﺃﻛﻮﻥ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻣﺖ.