لطالما حذرنا من دسائس الفرس وتدخلهم السافر بشؤون العراق وسائر بلدان العرب ، وقيامهم بدور الشرطي المدافع عن ( المذهب ) والعقيدة وانفرادهم بالنيابة الحصرية للأئمة ،وهذه إكذوبة صدقها العقلاء والسذج مع الاسف ، ولو أن هؤلاء فكروابالعقل وبعيدا عن العاطفة لعرفوا أن الفرس أعداء حقيقيون للعروبة والاسلام ولأيقنوا بكل يسر أن هؤلاء لايحبون أحدا ويضعون قوميتهم فوق كل القوميات ومن ينظر لكتب التاريخ يجد العجب العجاب ، ومن أجل تعريف السادة القراء ببعض من تاريخ الفرس الاسود وما يحتويه من غل وحقد على العرب بشكل خاص والاسلام بشكل عام ، وجدت من الضرورة بمكان أن أنقل لحضراتكم جانبا منه لتعم الفائدة لمن أراد أن يتذكر أو أراد علما يقيه من شر الاشرار وطوارق الفرس في الليل والنهار ويكن على بينة من أمره : الفرس الشعوبيون : الشعوبية حركة ظهرت بوادرها في العصر الأموي ، إلا إنها ظهرت للعيان في بدايات العصر العباسي ، وهي حركة مفادها : أن لافضل للعرب على غيرهم من العجم ، وقد تصل إلى حد تفضيــل العجم على العرب والانتقاص منهم . أصل الفكر الشعوبي : جاء في القاموس المحيط : ” الشُعوبي محتقر أمر العرب وهم الشعوب ” . وقال عنها القرطبي : ” هي حركة تبغض العرب وتفضل العجم ” ، وقال الزمخشري في أساس البلاغة : ” وهم الذي يصغرون شأن العرب ولا يرون لهم فضلا على غيرهم ” .وكان الشعوبيون يتمسكون بهذه الاية : (( يأيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتـقاكم ….)) الحجرات :13 ، وهذه الاية الكريمة لاتدل على تفضيل الفرس على غيرهم ولا تحط من قيمة العرب إطلاقا ، وكان الشعوبين يسمون حركتهم حركة التسوية ( التسوية بين حقوقهم وحقوق العرب) . يرى المفكر علي شريعتي أن الحركة الشعويبة تحولت تدريجيا من حركة تسوية الى حركة تفضيل العجم على العرب ، وعملت عبر ترويج المشاعر القومية وإشاعة اليأس من الاسلام الى ضرب سلطة الخلافة . إنتشار الشعوبية : في بداية الأمر إنتشرت الشعوبية بين المسلمين الفرس لأنهم أول من دخل الأسلام من غير العرب ، ثم ظهر شعوبيون هنود ثم أتراك ثم مواليد الأندلس ( الاسبان المستعربون ) . كانت النزعة الشعوبية واسعة وقوية بين الفرس لعدة أسباب منها : إنه في عصر الفتوحات الأسلامية ، كان الفرس أكثر تحضرا من العرب ، وأكثر مدنية ، فنمى لديهم شعور بالإستعلاء يعمق نزعة التعصب لديهم بعد أن قام المسلمون ، ممثلون بالعرب ، بالسيطرة على بلادهم ، كما إن الفرس قد دخلوا الأسلام بأعداد هائلة فتشكلت منهم أكثرية عددية بين الموالي . الشعوبية في مناهج المدرسة الصفوية : تشكل الآداب أحد عناصر ثقافة الشعوب وربما هي مصدرها الأول ، والآداب بما فيها الشعر ، القصة ، الخطبة ، الحكاية ، المثل ، الكناية ، جميعها مرآة صادقة تعكس الخلفيات النفسية والأخلاقية للشعوب وتعد مقياسا لتحضرها . وعادة مايكون الادباء حلقة الوصل الأول التي تربط الشعوب فكريا وثقافيا وذلك لما يقدمونه من صور جمالية تخلو من الأمراض النفسية وعقد التمييز العنصري والتفرقة الطائفية وتركز على إظهار جوانب الشفافية والأحاسيس المرهفة في الأنسان والطبيعة . إلا إن الحركة الشعوبية إتخذت من الآداب وسيلة لزرع بذور العنصرية والكراهية في نفوس أبناء أمتها تجاه العرب عامة والاسلام خاصة . وكان الشعر أحد أهم فروع الآداب المستخدمة في هذا الإطار كونه أكثر إلتصاقا في عقول القراء والمستمعين ، والأسهل حفظا في الذاكرة ، ومن هنا نرى إن السلطان ( محمود الغزنوي ) أحد أمراء الحركة الشعوبية عندما حاول أن يؤجج مشاعر العداء الفارسي ضد الإسلام والعرب كلف الشاعر الشعوبي ( ابو القاسم الفردوسي ) 411-329 هـ ، بكتابة قصائد شعرية يمجد فيها تاريخ فارس وحضاراتها ويشتم فيها العرب وحضارتهم الاسلامية ويحط من شأنهم ، وقد تعهد أن يعطيه وزنه ذهبا إن هو فعل ذلك !! .وعلى هذا الأساس وضع الفردوسي ( ملحمته ) التي تخلو من أية شاعرية !! وأسماها ( الشاهنامه ) – أي ملك الكتب – واضعا جلها في شتم العرب ! وتحقيرهم وتمجيد الفرس وملوكهم ، فراح العنصريون يحفظون أبناءهم ويغذونهم بهذه القصائد وغيرها من الأشعار العدائية الى يومنا هذا ، ومن نماذج هذه الأشعار العدائية التي دونها الفردوسي في ( ملحمته ) الابيات التالية : زشير شتر خوردن وسو سمار .. عرب را بجايي وسيد آست كار ، كه تاج كيان را كنند آزور .. تفو باد بر جرخ كردان تفو !!والترجمة : ( من شرب لبن الأبل وأكل الضب .. بلغ الأمر بالعرب مبلغا أن .. يطمعوا في تاج الملك ، فتبا لكأيها الزمان وسحقا .) .. هذا هو الحب الفارسي لكم ايها العرب فهنيئا لكم كل هذا الود الثأري وانتظروهم وظلوا نائمين وهم يقضمون المحافظات الجنوبية الواحدة تلو الأخرى وميلشياتهم تقتل العراقيين واحدا تلو الآخر .( المصدر بحث للسيدة سابية عطية ، مجلة العربي الحر ” بتصرف ) – يتبع –