الوضع السياسي في العراق اصبح اكثر تعقيدا، والامور بدأت تتداخل وربما الرؤيا لدى المواطن اصبحت ضبابية خصوصا وان العراق اصبح في مفترق طرق بين عملاقين كبيرين كل منهما لا يأبه بمصالح العراق ولا بشعبه سوى شعارات جوفاء لا تعني شيئا.
ورغم ان الصراع بين هذين العملاقين اصبح يدور على ارضنا؛ بل ان العراق صار جزء مهما في هذا الصراع دون مصلحة ودون حول ولا قوة، يبقى الساسة العراقيون في مأزق حقيقي بسبب هذه المواجهة الكبيرة. ويبقى الشعب متأرجحا بين هذا الرأي وذاك وسائل الاعلام الرسمية وغيرها تزيد من وتيرة هذا التأرجح عبر الترويج لهذا الحلف او ذاك.
الروس وجهوا للعبادي رسائل ضمنية اكثر من مرة بأنهم جاهزون لشن غارات ضد داعش داخل العراق، لكن العبادي حذر جدا؛ فرغم ان غالبية الشيعة مؤيدون للتحالف الرباعي ويحاولون جعله بموازاة التحالف الامريكي وهذا طبعا يخدم مصلحة ايران بالدرجة الاولى، لكن العبادي متخوف جدا من اعطاء الروس الضوء الاخضر لان بذلك قد يخسر التحالف الامريكي الذي يضم 65 دولة بعدتها وعديدها لكسب دولة واحدة اطلقت بضع صواريخ باليستية نحو سوريا سقط اثنان منها في ارض ايران الدولة الصديقة والحليفة.
كما يحسب العبادي حساب المكون السني الذي يقف غالبيته ضد تدخل الدب الروسي وكذلك الاكراد ومعظم الاقليات، لكن في نفس الوقت فان الرجل لا يريد ان يظهر انبطاحيا كما يصفه متطرفوا الشيعة وبهذا يكون قد خسر جميع الاطراف. فلا هو مع الامريكان وحلفائهم في العراق رغم انه يريد ذلك في قرارة نفسه، ولا هو في صف التحالف دولة القانون وحزب الدعوة الذي يرى الجمهور الشيعي ومرجعيته انهم المسؤولون عن خراب العراق.
وفي معلومة اخيرة حول هذا الموضوع، يبدوا ان حزب الدعوة يريد ان يكون الامر لصالحه مع اخراج العبادي من هذا المأزق وقد يوافق القائد العام للقوات المسلحة على ذلك، وهو ان يقوم حاكم الزاملي رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية بالطلب من موسكو المشاركة في قصف داعش داخل العراق، وبهذا يكون الطلب قد خرج من البرلمان وليس من الحكومة وفي ذلك فائدتين: الاولى هي ان الطلب تم وسترحب روسيا به وستبدأ بعمليات القصف وهذا جل غاية ايران، والثاني ان الطلب جاء من مؤسسة يقودها السنة وفي ذلك احراج كبير لتحالف القوى الوطنية كما انه يظهره على انه تحالف منقسم بين الرباعي الروسي والامريكي الاوربي.