11 أبريل، 2024 7:00 ص
Search
Close this search box.

من سيربح المليون

Facebook
Twitter
LinkedIn

برنامج عالمي يقدم من شاشات عالمية مختلفة وبعدة لغات. الترجمة العربية لها هي (من سيربح المليون) والذي هو أنسب عنوان للبرنامج أسوة بالتراجم الموضوعة في اللغات الأخرى والتي اطلعت عليها.

منذ سنين ونحن نشاهد هذا البرنامج والفكرة ليست بخافية على أحد منا. (من سيربح المليون) عنوان فيه تساءل جميل مشوق فيمن سيكون مليونيراً في نهاية المطاف في سباق المال هذا. نجلس أمام التلفاز ليس للاستفادة من الأسئلة المطروحة بل كل ما يشغلنا أمر المبلغ الذي سيخرج به هذا المتسابق. منهم من يحصل على القليل ومنهم من يخرج بشيء كبير يؤمن به مستقبله. جلسة واحدة لمدة لا تتجاوز أحيانا النصف ساعة كفيلة أن تجعل من الشخص المتسابق صاحب مال. ومنهم من يكون صاحب ثروة دون كد أو تعب أو شقاء.

الأمر ليس أسئلة واختبار ذكاء وتباهي بالخزين المعلوماتي، بل هو الرقم الذي سيخرج به كل واحد منهم. المهم هو المليون أو شيء من المليون الذي سيحصل عليه المتسابق. وما دون هذا المبلغ هو فتات لا يستحق حتى النظر إليه حتى بطرفة عين.

البرنامج هذا ملخص الحياة في يومنا هذا. الحياة عامة هي سباق لمن سيربح المليون. حيث الكل يسعى جاهدا لان يحصل على المليون. كما لا قيمة للأسئلة المطروحة في البرنامج ولا أحد يعمل على زيادة ومعلوماته وتغذية فكره بما لا يعلم، الحياة اليومية اليوم كذلك لا أحد يجهد في العلم والتزود بالثقافة. فالمال أصبح غاية كل فرد في حله وترحاله. ليس لنا أن نعمل من أجل علم لا مردود مالي فيه وليس لنا أن نقرأ كتاباً ونصرف فيه وقتاً ما إذا لم يكن فيه مردود مادي.

المتسابق الذي يفشل في برنامج (من سيربح المليون) لا يخرج مهموماً بسبب ضآلة خزينه المعلوماتي وهزل ثقافته، بل يخرج مهموما لأنه لم يحصل على المليون. إنه لا يبالي أمام الملايين الذين يشاهدون جهله وعدم تمكنه من الإجابة بقدر ما هو يكشف عن أسفه لعدم الفوز بالمليون. الأمر المحزن اليوم هو فقدان المال ولا يهم العلم ولا الثقافة، فلم يستحي أحد يوماً من قلة درايته وشحة ثقافته.

البرنامج هذا صورة طبق الأصل من الحياة التي نعيشها. لا قضية ولا مبادئ ولا إيمان يستحق التضحية والعمل إذا لم يكن فيه مردود مادي دسم. الصورة العامة توحي بأن البرنامج فيه اختبار للمعلومات، لكن باطن الأمر هو المال المعروض وكيفية الوصول إليه. لو كان البرنامج لاختبار المعلومات دون دفع المليون لما شارك فيه أحد أصلاً.

كل ما نشاهده اليوم من عروض تتحدث بالسياسة والعلم والثقافة والمبادئ وكل ما يدعو الناس باسم الدّين والقيم والأعراف إنما حاله كحال برنامج من سيربح المليون. وإن تعددت الوسائل والسبل المؤدية إلى جذب المتسابقين، فإن الأمر في نهايته هو كيفية الوصول إلى المليون. الحكومات والدّول والأنظمة التي تتشكل باختلاف ألوانها إنما هي سباق للوصول إلى المليون. لا فرق بينهم وبين من يجلس على كرسي برنامج من سيربح المليون الذي ما جلس هنا إلا وفي بريق عينيه شدة المليون. الغاية تبرر الوسيلة وكل الوسائل المتاحة اليوم هي من أجل التحكم بزمام الأمور والهيمنة على المقدرات لغاية واحدة اسمها المال.

فمن سيربح المليون؟

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب