23 ديسمبر، 2024 8:08 م

من سننتخب ـــ ولماذا .. ؟

من سننتخب ـــ ولماذا .. ؟

قدر لي ان ادخل المنطقة الخضراء لبعض المرات, كل شيء فيها يتحرك بأرادة امريكية مع توافق اقليمي , عمليتها السياسية ذات الغلاف الوطني , مسؤولة عن ادارة لعبة التدخل في الشأن العراقي , بين مكاتب الترهل لممثلي حكومة الشراكة وكافيريا امتصاص اللاجدوى لأعضاء البرلمان , هناك قاعة المؤتمرات , مشحونة بحركة صبايا وصبيان الأعلام الحكومي , بأنتظار القادم من ممثلي ( الشعب !!! ) ليدخل متدافعاً مع غيره لا يشبه نفسه مفتعل حركاته , ملمع الجبين والخدود مصبوغ المتبقي من خصلات شعره ولحيته وشواربه ايضاً, يقف امام الميكرفون وقد اكمل استنساخ شخصيته , يشبه ( حاشاها … ) , تلك التي تذهب الى وظيفتها الليلية داخل مجمع ( الشريفات حتى ولو … ) .
نتذكر رجالاً حكموا العراق نزاهة وكفائة ووطنية , ورجالاً تأمروا عليه فساداً وعمالة وخيانة , انه العراق لا يخلو من أولئك وهؤلاء , ومثلما كان محطة لسفلة البعثيين , اصبح الآن محطة لأراذل الطائفيين , متسلطي كلا المحطتين يحضون ببيعة شعبية غبية, انها محطات اليأس والأحباط والأستسلام التي وقف ويقف عندها الآن عراقيو الأنتكاسة , كأبشع محطة من تاريخهم الدامي .
هل ستجري سفن القدر العراقي بما ستشتهي رياح الأنتكاسة والأستسلام , ام ان قسوة التجربة ومرارة الواقع , ستلدغ الضمير الوطني وتوقظ الوعي المجتمعي وتفتح في بصيرة العراقيين ثغرة لرؤية اسباب بشاعة مآساتهم . ؟؟؟؟ .
كما هو معلن , ستجري الأنتخابات القادمة في 30 / نيسان / 2014 , هذا اذا لم يتحايلوا على الموعد ويمددوا الوقت لعام اضافي … ؟؟؟ , لكنها ستجري في جميع الحالات , الأهم ما في الأمر , في اي وضع سيذهب الناخب العراقي … وكيف سيتحكم في ثقته وصوته, وهل سيكون وعيه حاضراً وهو يواجه ابواب صناديق الأقتراع .. . ام انه سيجدد البيعة لذات الوجوه والكتل والتحالفات التي اذلت وطنه ورخصت سيادته , واهانت كرامته وسلبت حرياته وهدرت امنه واستقراره وهربت ثرواته وشفطت ارزاقه … ؟؟؟ .
هل ستنتظر الملايين من كادحي العراق , موعظة من خطيب جمعة وفتوى من وسيط طائفي ووعد من سياسي كاذب ونصيحة من مستثقف يتعرى في حضرة ابناء السلاطين .. او يحرق ريش عقله في فتنته مفبركة .. ؟؟, ام انه سيتذكر : ان وطنه على جرف الهاوية ومصيره سحقته احذية الوكلاء والدلالين ومستقبله يحتضر على سرير العملية السياسية وقد غيبته مخدرات التضليل والأستغفال  والتجهيل … ثم يخلع الكاذب من تاريخه المستنسخ , ويبحث في ماضيه العريق عن ذاته وجذور مشروعه الوطني … ويستعيد شجاعته على اعادة كتابة تاريخه كما هو بنسخته الأصلية .. ؟؟؟ .
هل ان المقاطعة السلبية للأنتخابات تشكل مخرجاً , وردود الأفعال الأنهزامية حلاً … ؟؟؟؟ , قد تكون مكسباً مجانياً للثلاثي الذي اغتصب السلطة والجاه والثروات والأعلام , ويتحكم فساداً وارهاباً مليشياتياً في الحاضر والمستقبل العراقي , ان المشاركة النشيطة الواعية في الأنتخابات القادمة , ورغم ما سيتخللها من حالات ارهاب وتزوير وابتزاز واغراءات ورشوة مادية للناخب العراقي واستثمار الطبع الأنتهازي لرؤساء بعض العشائر الى جانب توظيف بعض المواعظ والفتوات والتحذيرات للمراجع والرموز الدينية , تلك التي لا يخلو تاريخها من مظاهر خذلان الوطن والأمـة, لكن يجب وبالضرورة , ان يأخذ السياسي الغيور والمثقفف الوطني والتجمعات الجماهيرية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة , وكذلك المكونات العراقية التي تعاني القمع والعزل والألغاء والأجتثاث من قبل الأغلبيات الدينية والقومية , ان تأخذ دورها الوطني في تحدي ومواجة المشاريع الطائفية العرقية , بالضرورة ايضاً , ان تتبلور وتتشكل كيانات فتية تتحلى بالنزاهة والكفاءة والتاريخ الوطني , لتندمج مع بعضها تحالفات اكبر تميزها برامجها الوطنية الأجتماعية الحداثية الواضحة الصريحة, لتنال رضى ودعم القوى الوطنية والحركة الجماهيرية الواسعة من خارجها , وهنا على جميع قوى التيار الوطني , ان تعبر صدقاً واخلاصاً ووعياً وموضوعية عن الوجه الأجمل للعراق القادم .
من الضروري والملح , ان يستحضر المواطن العراقي تجربته المريرة للتسعة اعوام الأخيرة مع احزاب وكتل وتحالفات الثلاثي, البيضات التي تركها المندوب السامي الأمريكي بول بريمر في ( عش ) مجلس الحكم الموقت , بيئة للفساد والتحاصص والتبعية وتصفية الحساب مع الوطنية العراقية , وكلاء ودلالين لا يحمون ولا يبنون وطناً , مشغولة في تكريس ثقافة التوريث من قاعدة الهرم حتى قمته حيث نقطة السقوط والأنهيار التام لحشر الطغات والطغيان معهم .
مسؤولية الشعب العراقي وقواه الوطنية , اصبحت كبيرة ومصيرية في ان تسحب البساط من تحت اقدام تلك القوى الطارئة فساداً ورذائلاً وحواضن للقائم من الأرهاب المليشياتي ( والقادم منه اعظم ) .
على الجماهير العراقية الواعية , ان تحترم ثقتها واصواتها وتقدر قيمتها لتمنحها لمن يستحقها من القوى والشخصيات  الوطنية المستقلة , والكتل التي ستتشكل وتولد من رحم معاناة الواقع العراقي , ان تعبر عن وعي وادراك ومسؤولية وطنية عالية عندما تقف عند ابواب صناديق الأقتراع , ان تسحب الثقة وتحاسب تلك القوى والمجاميع التي تعفنت فساداً ولصوصية وتبعية , فالوطنية العراقية لا زالت خصبة جاهزة لولادة الألاف من ابناء وبنات المشروع الوطني العراقي للتغيير والأصلاح واعادة البناء .
لننتخب العراق , ومن اجله نمنح ثقتنا واصواتنا للوطنية والنزاهة والكفائة والصدق , وان نسحبها من مجاميع التوابع , من فاسدين ومرتشين وكذابين , الوطن في ذمة اهله , وقد اصبح ملعباً للوكلاء والدلالين وساحة صراعات وتوافقات بين الطامعين في جغرافيته وثرواته , علينا الا نكرر انتخاب موتنا ونرتكب ذات الجريمة بحق انفسنا ووطننا عندما نعيد انتخاب تلك الوجوه التي تشكلت منها الشراكة , تلك التي يتسلل من جيب فسادها الأرهاب , وتعتبر موت العراقيين مكسباً متوافقاً عليه.
لننتخب رئيساً وطنياً للجمهورية .. ورئيساً وطنياً للوزراء … ورئيساً وطنياً لمجلس النواب , ليس بالضرورة التوافق عليه مسبقاً, ان يكون كردياً وشيعياً وسنياً , فتلك عورة ( وئد الديمقراطية ) سترافق العراق انتكاسات وخسائر وهزائم وفساد يولد فساداً ارهاب يولد ارهاباً وموتاً عراقياً لا نهاية له .