طفلة كالنحلة، تشع بالنشاط والحيوية، ابتسامتها كالماء العذب، وردة جمالها يسر الناظرين،
إلى أن بلغت من العمر الخامسة عشر تغيرت بوصلة حياتها، سُرقت ابتسامتها واغتصبت طفولتها
ممن تجرد من الإنسانية، لم تردعه دموعها المتساقطة على خدها اللؤلؤي،
أحكم قبضته عليها وبكل وحشية، سلب حريتها،
عاشت العزلة وعزفت عن الحياة، تركت كل ما له صلة بالحياة الطبيعية،
هجرت الصلاة، كل ما يتلامس يشعرها بالنفور والنجاسة،
ذلك العدو جعلها تنظر إلى عالمها كمكب للنفايات،
تعيش كالغصن المجرد من الحياة،
تساقطت سنوات عمرها كأوراق الخريف وبدت في وقت متأخر من المحاولات تسعى لتتعرف على ذلك العدو.
بعضهم اتهمها بالجنون وآخرين قالوا: مسّها جان، وجيرانها قالوا: المسكينة مسحورة.
عاشت في دوامة مظلمة، أرهقها الضياع والحزن المفروض عليها،
ندبت حظها على العمر المسلوب من غير إرادتها، فارقت كل من له صلة بها،
هجرت أخاها الوحيد وعاشت الوحدة،
كل شيء تصله أيدي الغير نجس تغزوه الأوساخ، تيبست يداها من الماء،
وكره جسدها إطالة المكوث تحت الماء،
وفي أحد الأيام وهي تقلب ذكرياتها بحزن ويأس تشتت سكونها،
وبدد عزلتها طرق الباب على غير عادة،
إنها صديقتها هاجر جاءت تطمئن عليها، كلمتها من خلف الباب،
وبعد إلحاح فتحت الباب لتحدثها من بعيد، طال الحديث بينهما،
حتى أقنعتها هاجر بزيارة الطبيب؛ ليساعدها.
حددت لها موعد مع الطبيب خالد، وعند زيارتها الطبيب النفسي تعرفت على من سلب حياتها.
أول مرة تكون وجهًا لوجه مع حقيقة عدوها،
وتتعرف على ملامحه، وقد بلغ عمرها خمسين سنة،
رحلة طويلة من المعاناة
بعد أن سمع الطبيب قصتها قال لها: لا تحزني،
سوف أنزع القناع من عدوك المتخفي خلفه، و أجعلك تتعرفين على المجرم الذي سرق حياتك.
وبعد أن تعرفت على عدوها ورحلة علاج طويل و التزامها بالعلاج..
أخيرًا استعادت أميرة حياتها وعاشت بسلام.
اسمه الوسواس القهري …. نعم الوسواس القهري..
ذلك العدو عبارة عن مجموعة من الأفكار الغير منطقية؛
اضطراب الوسواس القهري (OCD) هو أفكار ومخاوف (الهواجس)
تدفع الشخص لقيام بسلوك متكرر (قهري) ويكون سلوك يومي مزعج
مثل:
1- الخوف من التلوث أو الأوساخ.
2- شكوك في أنك أغلقت الباب أو أطفأت الموقد.
3- الضغط الشديد عندما تكون الأشياء غير منظمة.
4- اتباع روتين صارم مثل: تكرار صلاة أو كلمة.
عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة باضطراب الوسواس القهري:
1- التاريخ العائلي.
2- الضغوطات النفسية.
3- اضطرابات الصحة النفسية الأخرى: القلق – الاكتئاب – المضاعفات.
– مشاكل صحية
– عدم القدرة على مزاولة العمل.
– علاقات مضطربة.
– تدني الحياة الاجتماعية.
– أفكار وسلوكيات انتحارية.
من الأمراض العصابية الأكثر شيوعًا، حيث يعاني واحد من كل أربعين من البالغين، وطفل واحد من بين (200) طفل.
يتمحور حول ثلاثة أمور:
1- الأفكار التي تجعلك قلق.
2- القلق الذي تشعر به.
3- السلوك الذي تقوم به من أجل التخفيف من القلق.
في العادة يبدأ في سن المراهقة، وغالبًا المرضى لايذهبون للمساعدة لسنوات عديدة.
ملامح شخصية الوسواس القهري بعض منها:
1- الانهماك في التفاصيل والنظام والترتيب.
2- رؤية الأمور من خلال الأبيض والأسود لا وسط بينهما.
3- صعوبة التغيير وعدم العفوية.
4- إخفاء المشاعر والتحكم في السلوك.
5- إظهار البرود والتحفظ دائمًا.
الأسباب :
– الجينات أحيانًا تورث.
– تغيرات الحياة – ضغوطات الحياة.
– تغيرات المخ؛ ليس هناك إيضاحًا دقيقًا لذلك،
لكن إذا كان لديك أعراض المرض لفترة طويلة
يعتقد الباحثون أن هناك اختلاف كيميائي في المخ في مادة تسمى السيروتونين (5HT).
– الشخصية.
– طرق التفكير.
وفي الأخير..
هل تجد هذا السلوك لديك أو لدى شخص مقرب منك؟
لاتجعل المرض يسرق حياتك،
اذهب للمختص؛ لتحصل على المساعدة، بعيدًا عن الاجتهادات الخاطئة
وانعم بحياتك بسلام.