22 ديسمبر، 2024 9:12 ص

من ذاكرة بيروت المقاومة.. !

من ذاكرة بيروت المقاومة.. !

هربت من نظام صدام لالتحق بمنظمة التحرير الفلسطينة في بيروت عام 1979 ، المنظمة الجامعة لكل اتجاهات فصائل المقاومة الفلسطينية من اقصى اليسار الى اقصى اليمين ، تجمعهم براعة وحكمة الراحل ياسر عرفات ، الرجل الذي وقف من على منبر اجتماع للجمعية العامة للامم المتحدة عام 1974 مخاطبا كل اتجاهات دولها المختلفة ” جئتكم بيد تحمل غصن الزيتون ويد تحمل البندقية ” ، فما سمع ذلك التحذير احد ، حتى وصلنا الى اللحظة التي اجتاحت بها القوات الاسرائيلية الجنوب اللبناني في حزيران 1982 حتى اسقاط أول عاصمة عربية في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي بحروبه المتنوعة في ايلول من العام نفسه ..!
انها بيروت ..
وسقطت معها كل الشعارات الزائفة الرسمية منها والشعبية . حين بقيت بيروت بشبابها الفلسطيني واللبناني وثلة الهاربين من انظمة القمع العربية يقاومون الهمجية الاسرائيلية وهي تقصف بيروت طولا وعرضا لمدة ثلاثة اشهر ..
كما يحصل الآن مع شعب غزّة..
كنّا نسمي الايام هكذا ” السبت الاسود ” و “الاحد الدامي” و ” الاربعاء الهمجي ” فقد كانت الطائرات الاسرائيلية تقصف بيروت على مدار الساعة ، والقوات البرية تحاصرها من كل اتجاهات الله ، فما تقدمت دبابة واحدة متراً واحداً داخل بيروت ، وهي غابة من البنايات التي كان يتمترس بها المقاومون برشاشاتهم وقاذفات الـ آر بي جي ويتساقطون شهداءً للخديعة العربية التي انتهت بخروج المقاتلين وقياداتهم ، بمن فيهم ياسر عرفات ، امام انظار القوات الاسرائيلية وحماية القوات الدولية ، لتتبعثر في الجغرافيا العربية فبلادُ العُربِ أوطاني. منَ الشّـامِ لبغدانِ. ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ. إلى مِصـرَ فتطوانِ..لكنها كانت بلاداً مهزومة بصمت على صفقة خروج المقاومة الفلسطينية وتشتتها وسقوط العاصمة العربية الأجمل ..عندما سئل شارون البلددوزر الذي قاد حملة الاجتياح ” لماذا تأخر اجتياح بيروت ثلاثة اشهر ؟” اجاب مستجوبيه في الكنيست الاسرائيلي ” ماذ أفعل أمام أناس يحبون الموت ” !!
والحقيقة انهم يعشقون الحياة ..
انها بيروت ..
شهدت فيها كيف كان يتساقط الاصدقاء شهداء الاختيار الحر ، كما كتبها الشاعر الفلسطيني الغجري علي فوده الذي كان يقرأ مراثيه قبيل ان يموت وهو مصاباً اصابات بالغة راقداً في المستشفى الاميركي في بيروت، وكان برفقته العراقي الثائر سامي ، هكذا اعرفه وعشت معه زمناً . يقول الغجري على فوده .. “إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية” التي لحنها وغناها مارسيل خليفة لتصبح ايقونة من ايقونات الزمن البيروتي !
اليوم غزّة المحاصرة ..تشبه بيروت المحاصرة في ذاك الزمن المر ..