19 ديسمبر، 2024 12:06 ص

من ذاكرة السجون

من ذاكرة السجون

في صباح يوم جميل مدّت الشمس خيوطها لتحيك لنا يوماً آخر من أيام عمرنا قبل أن نقذف في غيابت الجب المظلم وأنا أترقب وانظر في أفق الدنيا البعيد ما يكون حالي لو وقفت بأيدي جلادي هذا العصر الذي لايرحمون الإنسانية ويومها كنت أسأل ما جدوى ما أقوم به ؟

ولكن خاطبت نفسي فقلت إنها للحق ولأجل الحق ، وأنا خلف

قضبان السجن في تلك الأيام من حياتي بين أربع جدران والغبار قد كست تلك الجدران وخاطبت نفسي أيضا أيا ترى

كم من الناس والبشر قد ألفوا هذه الحياة ؟ وانا انظر بصمت

رهيب يملئني الخوف وجدت يومها كنوزاً مدفونة حولي .

مساكين من يظن أن الموت أو الموت أو الغياب السحيق سوف يُودي بصاحب الجبّ ، ولكن لم يَدر في خلدهم أن المكان الضيق الذي نحن فيه سيكون فضاءات واسعةٌ حيث مصنع الحياة والرجولة هناك حيث الرجولة الجديدة ، وأنا كاتب بسيط أودّ أن أسترجع ذاكرتي من عالم مظلم وكنت أحياناً أستمد قواي من رجال غيّبوا في ما أنا فيه وخرجوا

الى الدنيا شديدي المراس ، وأحياناً كان يساورني الشكوك

هل تراني أخفق أم لا ؟  

ولكن أفكر في نفسي فأقول كفاني أني أحاول ؟ وفي لحظات

أخرى كنت أضعف وتصيبني الوهن وتخور قواي النفسية وأنا

افكر لماذا كل هذا الجزع ؟

وأنا كنت مهشماً قبل إلقائي في قعر مظلم ، ولكن ما أنا فيه

سيجعل مني رجلاً صلباً شديداً قوياً وذلك لتجربتي ، ودائماً

كنت أحسب نفسي قبل أن القى إلى ما انا فيه أني طير أغرد

خارج السرب وقد تأتيني رصاصة من بنادق صيد الجلّادين

وكنت أعشق الحرية ، وأنا خلف القضبان بين أربع جدران

وكانت كوةٌ صغيرة أنظر منها الى الدنيا وأرى الطيور تحلّق

في السماء وأقول في نفسي أي نوع من الحرية تتمتع به هذه الطيور الحرية المطلقة وكنت أتمنى أن انتمي الى السماء

لأتمتع مثلهن بحرية مطلقة ، ومن ثم أعود لنفسي فأقول أيا

ترى واحدٌ مثلي ماذا يفعل وهو بين القضبان والأسوار ؟