23 ديسمبر، 2024 1:14 ص

من دون حسد : العراق من الدول الغنية عالميا

من دون حسد : العراق من الدول الغنية عالميا

أكد السيد محافظ البنك المركزي ، إن حجم الاحتياطي العراقي من العملة الصعبة يصل إلى 60 مليار دولار، ويغطي 170 % من حجم الكتلة النقدية للعملة المحلية ، وقال المحافظ في مقابلة نشرتها ( السومرية نيوز ) إن حجم الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية يقاس دائما إلى حجم الكتلة النقدية من العملة المحلية الموجودة في السوق إضافة إلى معايير دولية أخرى، سيما وان صندوق النقد الدولي طور مؤخرا معيارا جديدا أضاف فيه قدرة الدولة على تغطية التجارة وتسديد الديون ، وأشار إلى إن حجم الكتلة النقدية تبلغ 44 تريليون دينار ويعد العراق رابعا بملكيته لسندات الخزانة الأمريكية والثالث في الاحتياطي النقدي الأجنبي ، ووصف احتياطي المركزي العراقي من العملة الأجنبية بأنه مريحا جدا ضمن التصنيفات الدولية ويعد متقدما بالنسبة للدول الأخرى ، مقارنة بالكتلة النقدية المطروحة من العملة المحلية ، وقال إن الاحتياطي يقترب من 60 مليار دولار، لذا فان صندوق النقد العربي يعتبر العراق من الدول التي تبالغ بحجم الاحتياطي من العملة الأجنبية.
وبشأن طرح عملة فئة 100 ألف دينار أكد إن هذه الأفكار يتداولها البنك المركزي ولكنه في الوقت الحاضر قيد التريث ، لافتا إلى وجود توجه في بعض الدول لتخفيض فئات العملات لكي لا يصار إلى تخزينها أو تزييفها ، فالعملات ذات الفئات الصغيرة قد تدفع المواطن لتوديعها في المصارف لصعوبة خزنها ، موضحا إن لدى البنك المركزي خطة مستقبلية لإعادة هيكلة العملة العراقية ومن ضمنها حذف الاصفار ، لكن هذه الخطة تحتاج إلى خطوات مدروسة ووضع مستقر بشكل كامل لكي لا يتم استغلال ذلك في أعمال التزوير وغيرها ، وأعلن البنك المركزي العراقي في 12 تموز من العام الحالي إن العراق يمتلك 89 طنا من الذهب .
وليس المهم في التصريحات والأحاديث هو ذكر الأرقام وإنما المهم هو تحليلها واستنباط معطياتها ونتائجها ليكون معناها واضحا للجميع ، فهل هناك حاجة فعلية للكتلة النقدية الكبيرة التي تبلغ 44 تريليون دينار عراقي وبفئات عديدة أذا كانت نسبة كبيرة منها مخفية وخارج التداول ولم تشكل الإيداعات منها في المصارف أكثر من 10% ، كما أن الكتلة النقدية الكبيرة تكلف أموال طائلة لطباعتها ونقلها للعراق لأنها تطبع في دولة أوروبية وكل ورقة نقدية لها تكاليفها من الورق والطباعة سيما وان عملتنا تطبع بورق خاص وبإشكال وألوان ومقاسات متعددة وتحتوي على العديد من علامات الأمان ، ولأنها أوراق نقدية فإنها معرضة للتلف عند الحفظ والتداول بحيث تنشا الحاجة إلى إعادة طبع كميات كبيرة منها خلال الفترات الزمنية وهذا الاستبدال تشوبه الكثير من الأقاويل والإشارات على غرار ما يحصل حاليا ل7 مليارات دينار التي هي قيد المساءلة والتحقيق ، ونقصد من ذلك إن الكتلة النقدية الكبيرة ليست لها دلالة ايجابية في كل الأحوال بل إنها ربما انعكاس لحالة الفشل وعدم الثقة بالعمل المصرفي الحكومي والأهلي لان المواطن لم يكتسب الثقة من العمل المصرفي بسبب القصور في الأبنية والمعدات والتقنيات ومهارات الملاكات العاملة والتأخر في انجاز المعاملات بحيث قد يضطر المواطن ليكون في حالة انتظار لغرض إيداع المبالغ النقدية ، ناهيك عن الفساد والتعسف في معاملة الزبائن أحيانا وقيام بعض المصارف الأهلية بمخالفات تنعكس على المودعين والمساهمين دون اتخاذ إجراءات حازمة من المركزي العراقي الذي لم يتخذ قرارات حاسمة اتجاه مصارف مخالفة منذ 10 سنوات ، والمودعين لم يستردوا أموالهم قط سيما في ظل غياب قانون حماية الودائع الذي نسمع عنه ولكنه لا يزال من الأمنيات ، وفي الوقت الذي تحولت مصارف الكثير من الدول إلى أنظمة الدفع الآلي من خلال الفيزا كارت والماستر كارت والسحب الآلي والالكتروني فان نظامنا لا يزال يعتمد على المقاصة التي قد تطول لأسبوع أو أكثر كما تتم المطالبة بصحة الصدور على الصكوك المصدقة والتعطيل الكامل خلال العطل الرسمية ودفع رواتب المتقاعدين مرة كل شهرين بشكل يؤشر إننا لم نتقدم مصرفيا شبرا للإمام بل رجعنا خطوات للخلف أو بقينا نراوح مكاننا على الأقل .
وعند الحديث عن احتياطي يزيد أو يقل عن 60 مليار دولار يجب أن لا يغيب عن البال نسبة الاحتياطات من القروض الخارجية والديون بضمانات سيادية أو غير سيادية لان المديونية تقدر ب120 مليار دولار أو أكثر من النوع غير الخاضعة إلى تسويات نادي باريس ، وإذا ما قورنت الاحتياطيات بإيرادات النفط ( في حالة وقف التصدير لا سمح الله ) وخدمة الديون وحوالات الخزينة فالي متى ستصمد الاحتياطيات بعد الإدمان على نافذة بيع الدولار في البنك المركزي العراقي التي تتجاوز 150 مليون دولار يوميا تحت عنوان تغطية احتياجات العراق من السلع والخدمات رغم ما يحويه من ثروات ، فضلا عن قدسية أسعار الصرف التي لا تتغير رغم التباين التي مر بها العراق وهذه الأسعار تبلغ حاليا 120 ألف دينار لكل 100 دولار ، رغم إن هذا الرقم بعيد جدا عن الأسعار السابقة للتحويل ( 3و3) دولار لكل دينار كما إنها بعيدة عن الأسعار السائدة (1184 )دينار لكل دولار ، وكما يردد البعض إذا كان العراق شاطر فان شطارته تنحصر في قدرته الفائقة على بيع الدولار ( العزيز ) مقابل الدينار العراقي ( الذي لا تتعامل معه بعض الدول قط أو تعامله بفوقية واضحة للعيان ) دون جهد وعناء .
ومن حق كل عراقي أن يتفاخر بما يملكه العرق من احتياطي الذهب الذي يبلغ 89 طن الذي يجعل العراق متقدما من حيث احتياطي الذهب ، وسبب دافعيتنا في التفاخر هو إن الذهب كما يقولون في الأقوال الشعبية ( زينة وخزينة ) بمعنى إن من شانه إن يظهر العراق بوجهة نظر ايجابية بان العراق غنيا ، ولكن هذا الغنى أشبه بالمرأة الفاتنة بما تمتلكه من جمال وأنوثة ولكنها تخفي في داخلها أطنان من الآلام والمآسي والشعور باليأس وخيبة الأمل ، فما فائدة الكتلة النقدية الكبيرة وحجمها ونسب الاحتياطات النقدية منها ووزن الذهب وقول الدول إن العراق يبالغ في كثرة احتياطياته وفي كل يوم يموت المئات أو العشرات من المرضى وشح وفقدان الأدوية وغلاءه والقصور في الخدمات الصحية كما يعيش مليون نازح في الشتاء بدون مأوى ومأكل وملبس وما فائدة كل ذلك وثلث شعبنا يعيون تحت خط الفقر وهناك أكثر من مليون عاطل ولا تشكل القطاعات غير النفطية 1% من ميزان المدفوعات واغلب القطاعات في الزراعة والصناعة والإسكان شبه معطلة وهناك نقص في 4ملايين وحدة سكنية وهناك أكثر من 2 مليوني مواطن يعتمدون على الرعاية الاجتماعية التي لا توفر الحد الأدنى من متطلبات المعيشة وما فائدتها والبعض يهدم ما تبقى من التربية والتعليم وتنتشر البطالة والإدمان والحشيش وعدد الذين يقفون في طوابير المشروبات الكحولية رغم كثرتها إضعاف الذين يذهبون لدور العبادة لأداء الصلاة في أوقاتها ولا نريد ان نذكر بالعزاب والعوانس والأرامل واليتامى بمعيل أو بدونه لأنها تدمي الدموع ، والمغزى من عرض هذه الحالات المأساوية (متأسفا ) هو ضرورة إن يعي المسؤول إن الأهمية في عمله وأقواله ليس فيما حققه له ولمؤسسته فحسب وإنما التفاخر بما يحققه لشعبه لتخفيف وإنهاء المآسي عنهم ، وليقل العالم ما يقولونه بما في ذلك إننا أفقر دولة في العالم لان المهم أن يأخذ شعبنا ما يستحقه من ثروات وهبها الخالق لهم ، لأنه لا فائدة إن نخرج في المعادلات الحسابية والمعيارية إننا من أغنياء العالم في حين تنام ملايين البطون خاوية من الجوع وانعدام العدالة والفساد وهذا الكلام ليس موجها لأحد دون غيره وانما لمن يحمل وزر المسؤولية بغض النظر عن أوزانها .