23 ديسمبر، 2024 4:02 ص

تلعب الكلمة الملتزمة والقصيدة المقاومة دورًا تعبويًا وثوريًا وتحريضيًا في معارك الشعوب المناضلة لأجل حريتها واستقلالها.
والمبدع الفلسطيني لا يختلف عن غيره من ثوار العالم، فهو يؤدي دورًا هامًا في مواجهة ومناهضة ومقاومة الاحتلال وقوى الاستعمار والرجعية العربية، والتعبير عن نبض الناس والجماهير والشارع الفلسطيني، وعن الأحلام والآمال الفلسطينية العريضة في سبيل التحرر الوطني. لذا فهو طول الوقت عرضة للاعتقال والسجن والتعذيب.
وعلى امتداد سنوات الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية كان المبدع الفلسطيني في دائرة الاستهداف الاسرائيلي، وجل المبدعين الفلسطينيين تعرضوا للملاحقة الاحتلالية بهدف كسر ارادتهم وتضييق الخناق على أقلامهم وإبداعاتهم وأدبهم.
وحين اندلعت الانتفاضة الفلسطينية المجيدة الاولى، انتفاضة الحجارة، قامت سلطات الاحتلال بزج العديد من حملة القلم الفلسطينيين في الزنازين والمعتقلات الاحتلالية، وكان من بينهم الشاعرين المتوكل طه وعبد الناصر صالح، حيث قبعا في عتمة سجن انصار (٣) في النقب، وهناك كتبًا اجمل وأصدق الابداعات والقصائد الوطنية والوجدانية الانسانية التي تمجد انتقاضة الحجر الفلسطيني وشهداء الوطن الأبرار الذين سقطوا برصاص الاحتلال، وروت دماؤهم الذكية الثرى الفلسطيني .
ويومئذ بادر الأدباء والكتاب والشعراء ورجالات الأدب وأصحاب القلم في الداخل الفلسطيني العام ١٩٤٨، وتنادوا للقيام بمظاهرة ثقافية- سياسية، أمام سجن أنصار (٣) في النقب، للمطالبة باطلاق سراح الشاعرين عبد الناصر صالح والمتوكل طه ورفاقهم. وتم التجمع في مدينة حيفا، ومن هناك انطلقت الحافلة التي أقلت المتظاهرين من أهل الثقافة والأدب، وكنت واحدًا منهم، وعندما وصلنا السجن، أقيمت التظاهرة الثقافية، فهتفنا عاليًا، ورفعنا الشعارات المنددة بعمليات الاعتقال والمطالبة باطلاق سراح صالح وطه وزملائهم.
وتحدث في التظاهرة الكاتب والروائي رئيس صحيفة ” الاتحاد ” في حينه المرحوم اميل حبيبي، حيث ألفى كلمة نارية باسم المتظاهرين تطرق فبها إلى قضية المثقف ودوره في المواجهة، كصاحب رسالة وموقف، ولجوء الاحتلال إلى محاصرة الكلمة الفلسطينية بغية وأدها واغتيالها.
كذلك قمنا بالتوقيع على رسالة سلمت لادارة السجن لاطلاق سراح المعتقلين، وصعدنا بعدها الى الحافلة وعدنا أدراجنا الى نقطة الانطلاق في حيفا، ومن هناك افترقنا وكل واحد عاد الى بيته وبلده، وفي نفوسنا ذكريات وشعور بالغضب على الاحتلال، وراحة ضمير، لأننا قمنا بواجبنا ودورنا كمثقفين ومبدعين تجاه اخوة وزملاء لنا يقبعون خلف الجدران والأسوار الحديدية، ويتوقون لشمس الحرية.