هنالك مثل شعبي يقول ( الشك جبير والركعة زغيرة ) , وهذا المثل ينطبق تماما على واقع الحال الذي يمرّ به البلد والخلاف المستعصي بين بغداد وأربيل , فمجلس الوزراء قد أخفق في جلسته المسائية يوم الخميس 27/ نوفمبر في التوّصل إلى اتفاق حول المسوّدة النهائية لموازنة 2015 , فبالرغم مما يشاع عن وجود إجماع داخل مجلس الوزراء على ضرورة التوّصل لاتفاق حول الموازنة في جلسته المقبلة المقرر عقدها السبت القادم وإرسالها إلى مجلس النوّاب من أجل التصويت عليها قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي , إلا إنّ هذه الرغبة لا تعدو أكثر من تفاؤل ساذج يراد منه التخفيف من صدمة الاتفاق المهين والمذّل الذي أبرمه وزير النفط عادل عبد المهدي مع حكومة إقليم كردستان والذي عبرّت عنه النائبة حنان الفتلاوي بالنكبة الوطنية , فإقرار قانون الموازنة العامة يحتاج إلى اتفاق شامل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان حول النفط , فمن غير الممكن أن تكون هنالك موازنة ونفط كركوك وإقليم كردستان خارج حسابات هذه الموازنة , ومن دون وجود اتفاق شامل وعادل قائم على مبدأ أن يكون النفط والغاز في كل الأقاليم والمحافظات المنتجة ملكا للشعب العراقي , لا يمكن أن تكون هنالك موازنة , وهذا الاتفاق لم يحصل حتى هذه اللحظة .
ومن مصادر سياسية مطلّعة قالت , أنّ الهيئة السياسية لائتلاف دولة القانون ستعقد مساء هذا اليوم الجمعة اجتماعا لمناقشة الأوضاع السياسية والأمنية في البلد وموضوع الموازنة العامة واتفاق النفط المبرم بين وزير النفط وحكومة إقليم كردستان , فهنالك أنباء تتحدّث عن صحوة لعدد من أعضاء ائتلاف دولة القانون بما فيهم وزير التعليم الدكتور حسين الشهرستاني المشرف السابق على السياسة النفطية في العراق , ورفضهم لسياسة الانحناء الكامل والتفريط بحقوق أبناء الشعب العراقي التي ينتهجها المجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكيم ووزيرهم عادل عبد المهدي , فأموال الشعب العراقي وثرواته ليست ملكا لعمار وعادل وحيدر ليهبوها إلى مسعود على طريقة وهب الأمير بما لا يملك , فأبناء الجنوب والوسط لا يمكن أن يفرّطوا بأموالهم وثرواتهم للغير من أجل طموحات بعض الساسة بالمشاركة في سرقة ونهب أموال الشعب العراقي , وهم يعيشون في أسوء الأحوال المعيشية والخدمية , بل حتى بأقل من حد الكفاف , وعلى هذا الأساس لا يتوّقع أن يقرّ قانون الموازنة العامة في ظل هذا الوضع , ما لم يتم الاتفاق على مرجعية واحدة تقوم بمهمة تصدير النفط العراقي في كل الأقاليم والمحافظات المنتجة .
ولهذا فحين نقول أنّ الاتفاق النفطي لا زال بعيدا وبعيدا جدا , لم يكن قولا عاطفيا منطلقا من اعتبارات حزبية ضيقة , وإنما هو استنتاج واقعي قائم على معطيات واقعية لسياسات وتصرفات حكومة الإقليم التي لا زالت بعيدة بعد السماء عن الأرض عن القرار الوطني العراقي , وبذلك يكون استنتاجنا حول انعدام فرص الاتفاق على قانون الموازنة العامة في ظل هذا الوضع القائم وقبل الاتفاق على النفط , هو الواقع وهو الحقيقة , ومن يعتقد أنّ قانون الموازنة العامة سيقرّ الاسبوع القادم من قبل مجلس النوّاب أو قبل نهاية الفصل التشريعي , أقول له وبصوت عال ( من دبش ستقّر موازنة 2015 ) .