التنازلات التي قدمها السيد عادل عبد المهدي لإيران خلال زيارة روحاني للعراق وزيارته لطهران تفوق الخيال وهذا ما أكد عليه روحاني وباقي المسؤولين الأخرين في الحكومة الإيرانية عبر تصريحاتهم الإعلامية . ليس من المنطق والحرص وأمانة المسؤولية بلد مثل العراق يعاني من وضع اقتصادي ومالي متدهور فموازنة 2019 تعاني من عجز نحو 21 مليار دولار ومديونية خارجية وداخلية تقدر بـ134 مليار دولار وفق بيانات رسمية وسياسية. والعجب ولا عجب في العراق رغم كل معاناة الشعب العراقي من فقر وبطالة وأمراض وانعدام للخدمات ، الحكومة مستمرة في زيادة الذيل الإداري عبر استحداث الدوائر والمناصب بما فيها حكومة كردستان إرضاء لقيادات الأحزاب . ووصل عدد الموظفين والعاملين في مؤسسات الدولة العراقية اكثر من خمسة ملايين شخص تشكل رواتبهم مع المتقاعدين في الموازنات السنوية نحو 80% والنسبة “البالعة” ألأكبر هي رواتب المسؤولين والمتقاعدين من (الكبار) وهناك قيادات حزبية خصصت لهم رواتب تقاعدية خارج ضوابط قانون التقاعد ناهيك عن رواتب (المجاهدين وجماعة رفحاء) الكارثية.
نعود لأصل موضوعنا ، رئيس الوزراء الحالي بحسب تحصليه الدراسي ومشواره التنفيذي ما بعد 2003 من وزير مالية إلى وزير نفط إلى نائب رئيس جمهورية إضافة إلى عمله الحزبي السابق قيادي في المجلس الأعلى الإسلامي ،كنا نامل خيرا منه بعد تسلمه مقاليد السلطة ، واذا به يتنازل عن موارد مالية مهمة لإيران في مقدمتها ( اكثر من 50 مليون دولار سنويا نتيجة إلغاء رسوم الزوار الإيرانيين الذين سيصل عديدهم إلى اكثر من عشرة ملايين زائر مقابل 100 الف زائر عراقي لإيران إضافة إلى تنازله عن موضوع أخر يهدد الأمن القومي العراقي ويضعف النشاط التجاري والاقتصادي للموانئ العراقية هو سير القطار الإيراني على خطوط السكك العراقية وتامين وصوله إلى مينائي طرطوس واللاذقية السوريان وما يحمل هذا القطار من نقل المعدات والأسلحة والمليشيات إلى سوريا إضافة إلى البضائع والمخدرات والنفط والغاز . ومن التنازلات الأخرى المدمرة هو تمرير أنابيب النفط والغاز الإيراني عبر الأراضي العراقية إلى سوريا بدون مقابل وإعفاء البضائع والشاحنات الإيرانية من الرسوم والكمارك وإنشاء 5 مدن صناعية على الحدود العراقية الإيرانية على حساب القطاع الخاص والصناعة العراقية وهناك تنازلات أخرى ظلت سرية بين عبد المهدي وايران لانعدام الشفافية.
المنطق والحاجة وأمانة المسؤولية تقتضي دعم الخزينة العراقية الخاوية أصلا وهي تسدد نحو 11 تريليون دينار سنوياً للديون الخارجية في ظل استمرار سرقات المال العام من قبل الفاسدين المتنفذين لانهم مقتنعين لدرجة اليقين انه لا محاسبة لهم . وهناك من يقول أن السراق (الرموز) فوق القانون والدستور لانهم (مجاهدين).
السؤال، من خول السيد رئيس الوزراء بهذا الإجراء والعراق أحوج إلى ( الدولار الواحد) ؟ ، والسؤال الثاني، معقولة رجل اقتصادي بحسب تحصيله الدراسي مثل عبد المهدي أن يقوم بهذا الفعل المضر بالعراق ؟. والسؤال الثالث شخصي للسيد عبد المهدي ،اذا كنت تحب ايران وتقدس مشروعها ليس من حقك ومتطلبات أمانة المسؤولية أن تتنازل عن حق عراقي لروابط مذهبية سياسية العراق وشعبه لا دخل فيها .
الإشكالية التي يعاني منها الشعب رغم مآسيه هو في مجلس نوابه الذي لا يكترث لمصالح العراق وله سوابق مثلما( سكت) عن تنازل نوري المالكي ومن معه عن قناة خورعبدالله العراقية التي أصبحت تحت السيطرة الكويتية ولم نسمع من أي نائب طالب بعرض الاتفاقيات والتنازلات التي ابرمها عبد المهدي مع ايران .
نبارك لإيران على حرص وأمانة مسؤوليها الذين جعلوا العراق الخزينة الاحتياطية خدمة لمصالح بلدهم العليا ، والسؤال الأهم، معقولة يصل الحب والعبودية لإيران والذوبان في مشروعها إلى هذه الدرجة على حساب بلدهم وأبناء شعبهم ممن يدعون انهم عراقيين إصلاء وإسلاميين؟.
نطالب مجلس النواب عسى أن ينهض من غفلته وكل وطني غيور على بلده أن يدعو إلى إبطال هذه الاتفاقيات المذلة والدعوة إلى فتح منافذ مالية وزيادة الرسوم وفقا للضوابط التي تتعامل بها الدول لدعم خزينتها والعراق بحاجة إلى ذلك. فكيف ندعو إلى البناء والإعمار والإصلاح وهناك من يهدي المال العام العراقي لإيران ولغيرها؟.