21 مايو، 2024 2:01 م
Search
Close this search box.

من حياة جندي

Facebook
Twitter
LinkedIn

في البداية أود ان  لا اجرح مشاعر الذين سبق وخدموا في التسعينات ولحد سقوط الطاغية و لا أريد ان يقولوا عني إني  أتكلم  بكلام بذي لكن كل ماحصل فعلا لحياة الشباب الذين خدموا في الجيش ما بعد حرب الكويت لحد 2003 ومعاناتهم وهذه القصة مأخوذة من حياة عدة جنود وحقيقة
الجندي  المكلف حيدر محمد علاوي تم طلبي إلى الخدمة العسكرية سنه 1992 كان عمري 18 سنة وكنت المعيل بعد رحيل أبي في حرب غزو  الكويت أمي ظلت تبكي ليل مع نهار وانأ اصبر عليها
أمي الماذا البكاء   هن فقط ثلاث سنوات  وفيها مدة إجازة طبعا
قالت لي : نفس ما كان يقول لي أبوك  أنها نزهة لكنه ذهب ولم يعد بعد فترة حلقت راسي (نمرة صفرة )  و لتحقت وكان التدريب الأولي أو الاساسي كان في معسكر كميت في العمارة معسكر التعذيب كما يسمونه أول يوم كان مشرف التدريب ضابط واسمه (ودود)  لكنه ليس ودود ابسط شي لديه كان الركل ويستمتع وهو يجعلنا نركض في صحراء قرب المعسكر تحت أشعة الشمس الحارقة وهو  يقول انتم من سيمنع الأمريكان من دخول بلادنا كيف نحاربهم ونحن عطشى يا لهو  من أحمق ومن عليه غياب في التعداد الصباحي  للجيش على شكل دائرة و يؤمر الجندي الغائب على خلع بسطاله حذائه العسكري ويرفع فلقة كما في أيام  الزمان أيام الملة في الكتاب ويجلد أمام  الجنود  من (15-20 )  جلده على الأقل  وكل من وقع عليه العقاب يصرخ بكل  قوة من شدة الم
كان هذا من اشد مخاوفي خوفا من أقع ضحيته هذا  الضابط القاسي المرتشي
انتهت أيام التدريب بصعوبة وحان دور النقل في المحافظات لإكمال الخدمة العسكرية كل جندي كان أهله أثرياء دفع مبالغ إلى ضباط المسؤولين وتم نقله داخل محافظته أما الفقراء فتم نقلي إلى كركوك على  قمة جبل في معسكر كبير دخلنا  المعسكر  وسلمنا أمر النقل قال أحد الجنود هذا المعسكر قوانينه صارمة احذروا لكن قائد  المعسكر أعطى أمر تجمع الجنود الجدد كان ضخما أصلع ذو وجهة حمر يحمل معه عصى ذو رأس فضية يقولون أنها هدية من صدام له تقديرا لجهوده وقال منذ اليوم لا أريد كلمة ماما أو بابا أو أريد الذهاب إلى البيت انسوا ذلك من اليوم انا هو المسؤول عن حياتكم حتى نهاية الخدمة
أول شدة مررت بها  في حياتي عندما سر بجانب مدفع قديم صدأ  عندما سمعت صوت ينادي آنت قف كان أحد الانضباطية قلت انا نعم القائد يريدك كان يجلس على كرسي وكأنه أمير ميزه الله  أخذت  له تحية  العسكرية قال لي تعرف ما قيمة هذا المدفع
قلت : لا يا سيدي

قال طبعا: أيها الصغير التافه  ابن الـ الزناة هذا المدفع شارك في الحرب الايرانيه  وكنت انا مسؤول علية 
الماذا لم تحي المدفع
قلت وانأ خائف أسف سيدي المرة المقبلة
المرة المقبلة لن أرحمك وقال علقوه وعلقوني على خرطوم المدفع وجلدوني بواسطة كيبل كهربائي حتى فقدت الوعي وسجنوني داخل  سجن ضيق ملئ بالجنود وقذر كان احد الجنود اليائسين معنا يقول يا ريت لو الرئيس يعلم قلت له انه يعلم كل شي بقيت مدة سبعة أيام  ثم أخرجوني وأخذوني إلى القائد كان اسمه نعمان وقال كيف حالك اليوم حيدر محمد
بخير سيدي قلتها بصعوبة بسب الألم و أذية السجن هل تريد المزيد
كلا سيدي دعني احيي المدفع أرجوك

قال حسنا لكن ستذهب بنفسك وذهبت وانأ أسير بخطوات ثقيلة وحييت المدفع
بعد فترة كان كل يوم يستغلونا في عمل شاق مثل حفر مواضع ودفنها وحمل الطعام الفاخر  للقائد ومعاونيه المجرمين والجنود يأكلون صمون حجري من الفرن في المعسكر لاتصلح لأكل بل للقتال وهنا مرت مشكلة اخرى لكن ليس لي انا لصديقي خليل من أهالي البصرة سرق القائد وأعاونه جهاز لاسلكي من المخزن المسؤول عليه صديقي وكان نائب ضابط  واتهموه بسرقته وحكم علية سجن عليه  عشر سنين  بعدها صديقي الجديد الوافد من الموصل فرهاد صاحب العيون الخضراء كان طيبا جدا ورقيق ويحب قراءة القصص كان مثقفا واجه مشكلة المدفع أيضا لكنهم لم يجلدونه بل خيروه بين التعذيب أو بيع نفسه خاف المسكين  وقاموا حفلة الليلية عليه عاد منها وهو بحاله يرثى لها وفي تعداد اليوم التالي كا فرهاد  ليس كعادته  صاحب  الوجه  الرقيق المبتسم كان متجهم غاضبا في التعداد  الصباحي صاح بأعلى صوته عندما شاهد القائد نعمان يا ظالم و أخذ  رشاش حارس وسحب أقسام الرشاش وأطلق لكن الرشاش كان فارغ من الرصاص  بأمر القائد و سحب نعمان  مسدسه وقتل فرهاد واعتبروه دفاع عن النفس و فرهاد مجرم خائن
هجمت على القائد شتمته لكن حراسة كثر ضربوني وأخذوني السجن وأقام علي محكمة عسكريه  سجنت سنتان وبعدها أعادوني إلى نفس المعسكر  مرضت والدتي حزنا علي لم يمنحوني إجازة لروائيتها  وبعدها سمعت خبر وافاتها فقررت  سرقة سيارة  ايفا  قديمة والهروب بها  لكن  محاولتي فشلت وسجنت مرة اخرى واستمر بي الحال حتى قدوم عام 2003 والهجوم الأمريكي على العراق تعرض موقعنا إلى قصف وهرب القائد نعمان الجبان وأصيب مساعدة أبو شاكر بشلل  من الخوف لكن قبل ان أعود إلى بيتي أخذت من سيارة لم تضرر بنزين ووضعته قرب المدفع  رميت  قنبلة يدوية عليه وفجرته فجرت ذلك  الصدأ الذي ذلنا طول سنين لكن ألازلت لم أنسى تلك الأيام الحزينة و العصيبة

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب