23 نوفمبر، 2024 12:23 ص
Search
Close this search box.

من حلالٍ  طيب

من حلالٍ  طيب

وتعمدت أن أضع تنوين الكسر على أخر حرف اللام من كلمة (حلال ) ، فهكذا تُنطقُ عادة ، رغم ان تلك الكلمة تدلّ على عمل الحرام ! ، كلمة حق يُراد بها باطل ، يطلقها في وجهك أحد مبتزيك وسارقيك والأمثلة التي عشتها فعلا على ذلك كثيرة .
أوقفني مرة شرطي مرور بسبب تجاوزي لنظام الفردي والزوجي ، ولكوني لا أملك باج (كلك) ، وضعني أمام خياران ، أما دفع الغرامة ، أو فلوس (رَيّوك) !، لا أكتمكم سرا فقد أثرت أن أدفع فلوس الريّوك ، ربما أكون قد ساهمت مساهمة (متواضعة) في الفساد لأني قبلت دفع رشوة ، فلديّ مبرراتي ، ليس لأن مبلغ الريّوك أقل من مبلغ الغرامة التي (ترشح) من جيبي الى خزينة دولة تسرقني بأستمرار (هذا ان وجدتْ طريقها الى خزينة الدولة) !، ولكن لأنهم أضاعوا سنوية السيارة في مخالفة سابقة بعد دفعي للغرامة ! .
على أي حال ، دفعتُ (المقسوم) ، لأفاجأ بالشرطي يمسك يدي وكأنه يستحلفني بشيء ما قائلا (بس من حلالٍ طيب) ! ، فلم أملك الا أن أرددها بعده ولكن بأشمئزاز واستغراب لم استطع اخفاءه  ! .
أحد معتمدي دائرة رسمية ، جاء وماء وضوءه يقطر من يديه ، طلب مني يوما مبلغ 25 ألف دينار لتسريع ايصال معاملتي ، ، وكرر هذه العبارة ، ورددتها بعده ، بنفس اللاقناعة والقرف الذي كان ينتابنا ونحن نردد (الشعار) ! .
أحدهم ركل مؤخرة سيارتي ، وتظاهر بالأصابة ، وبدأ يصرخ من الألم (المزعوم) ، وكانت تنتظره سيارة أخرى (عصابة تسليب) ، وسلبوا مني مبلغ مليون وربع المليون في شهر رمضان ! ، لكني تفاجأت من صلفهم وقلة حيائهم وكذبهم على الله عندما نطق هذه العبارة المكروهة  أحد افراد هذه العصابة ، ولم يكتفوا بذلك ، بل طلب مني ركعتي صلاة للشفاء العاجل ، فرددتها وفي نفسي دعاء بكسر حقيقي في رجله ، وأرجل الأوباش ممن معه ! .
فعلى مَنْ يكذب هؤلاء ، أية ازدواجية ، هذه التي تنخر في مجتمعنا ، حتى تتسع المسافة بين الحلال والحرام ، والأبيض والأسود ، حتى ضاع الحاجز بينهما ، وصرنا لا نرى سوى منطقة رمادية ليس لها أول ولا أخر ، أضاعت علينا التمييز بين الخطأ والصواب ، همّنا أن نسأل ماهو الحلال وما هو الحرام ، لكننا أصحاب الأرقام القياسية في ارتكاب المحرمات ، على الأقل من هكذا نوع ، أحد السياسيين الغربيين قال يوما (الشعب الذي ينتخب السرّاق والفاسدين ليس مظلوما ، بل شريك في الجريمة ) ، والأمام علي (ع) قالها قبله بقرون  (كيفما تكونوا ، يولّ عليكم) .

أحدث المقالات

أحدث المقالات